الأميرة هند أبي اللمع، نالت لقبها بالوراثة، ثم جاء الفن ليعطيها لقب أميرة الشاشة الفضيّة، ويسلّمها زمام الامارة من جميع أطرافها. شتاء 1942 ولدت الأميرة. والدها الأمير محمود أبي اللمع متحدّر من سلالة الأمراء اللمعيّين. دخل في الدين المسيحي خلال فترة الثلاثينات من القرن الماضي، اثناء الانتداب الفرنسي. ووالدتها نجلاء الراسي من بلدة الشيخ طابا في عكار. بعد رحيل والد هند تزوجت والدتها من خليل أبو الروس وانجبت منه ثلاثة أولاد: ليلى ، سليم، وطوني. وعاشت هند مع إخوتها في جو من الحب. تلقت هند دراستها في مدرسة "زهرة الاحسان" وكان استاذها جورج جرداق الذي لقّبها : "بلوطة تشرين" لأنها كانت قوية كالبلوطة. فازت بلقب ملكة سينا دوريان وعمرها 17 ربيعاً.

 

بدأت نشاطها التمثيلي في المدرسة وفي الثامنة عشرة من عمرها رفضت الاشتراك في بطولة فيلم "الأجنحة المتكسرة" بإعتبارها تنحدر من سلالة الأمراء اللمعيّين. بدأت مسيرتها الفنية عام 1964 وعملت كمساعدة مخرج. وعام 1972 قامت بأول عمل فني تمثيلي في مسلسل "الغروب" بعد تخرجها من الجامعة اليسوعية (إجازة في السياسة والاقتصاد) بعد زواجها من المخرج أنطوان ريمي. بعدها قامت ببطولة مسلسل "السراب" و"حول غرفتي" و"عازف الليل" و"الانتظار" و"ديالا" و"الأسيرة". أحب الأعمال إلى قلبها دورها في مسلسل "ديالا". اشتهرت بطبيعتها الشرسة والمزاجية وعندما اشتركت ببطولة مسلسل العقرب تأليف أنطوان أفرام كانت تردد: "حد العقرب لا تقرب". في لندن مثلت في مسلسل "الكوخ القديم" الرومانسي الاجتماعي. ولعبت فيه دور شخصيتين ومسلسل "لا تقولي وداعاً" و"الضياع" مثلت دور شخصية رهيبة.

 

إتسمت حياتها بالتشاؤم ووصفت بالمتطرفة بكل شيء. كانت تتمنى لو خلقت رجلاً. ولا تحب الزواج لأنه مسؤولية كبرى وجسيمة خاصة في لبنان. وتعتبر أنها خلقت لتكون ممثلة أو مذيعة ربط برامج. لقاء هند بالمخرج أنطوان ريمي لقاء حاسم في حياة الثنائي الفني والعاطفي. فقد أحب طوني هند فتزوجها واقتحمت عالم التمثيل عام 1970 في مسلسل غروب المأخوذ عن قصة "ذهب مع الريح" فتوالت عليها العروض إلى جانب عبد المجيد مجذوب واشتهرت بعفويتها في أدوارها. مثّلت دور البطولة في مسلسل "لا تقولي وداعاً"ولعبت دور الفتاة المريضة بداء القلب. وكانت المصادفة غريبة إذ أن هند بدأت فعلاً تعاني من متاعب شديدة من عملية التنفس. ومثلت دور البطولة في مسلسل "هنادي" وتوقفت بسبب تدهور صحتها. وسافرت إلى لندن للعلاج. وحذرها الاطباء بسبب ضعف عضلات القلب.

 

عندما نزلت إلى حلبة التلفزيون لم يكن في الميدان غير نهى الخطيب وجان دارك أبو زيد ومي عبد الساتر زوجة الزميل كميل منسى سابقاً وأمل اليافي. ثم شقّت بوجهها الجميل طريقها نحو النجومية وكانت أول إمرأة تمارس الاخراج التلفزيوني. "عازف الليل" مع عبد المجيد مجذوب كان تأشيرة دخول إلى النجومية. خريف 1983 لعبت دور "مي زيادة" في مسلسل الشاطىء البعيد. وبطولة فيلم "مطلقة ورجل غريب" مع إبراهيم مرعشلي وهو أول عمل سينمائي لها. شركة "مترو غولدين ماير" السينمائية رشحتها لبطولة مسلسل "ذهب مع الريح" وطلبت من أحمد العشي كتابة المسلسل مع متغيرات جذرية على أحداث الرواية.

 

والفنانة التي تحمل لقب أميرة هي أميرة جبل لبنان. وقد لعب إلياس الحاج دوراً كبيراً في إقناع والدتها للدخول إلى عالم التمثيل. وكانت يومذاك خطيبة غير رسمية لأنطوان ريمي وقبل أن تتزوج عام 1964 وتصبح أماً لولدين هما "ساسين وربيع". وكان زوجها يعاملها كالوردة وعيناها بارقتان بألاف النجوم. كانت البلاغة الأدبية والأدائية تواكبها في مسيرتها الفنية لاسيما بمسلسل "المعلمة والأستاذ" مع إبراهيم مرعشلي. عام 1987 قال لها طبيبها: "لم يعد لك علاج في لبنان" . وطارت إلى لندن وصمامات قلبها مسدودة بالدم وغشاء من الماء يغلّف القلب. وكانت قد تعرضت قبل عامين إلى لفحة هواء ملأت جسمها بالماء.

 

في لندن تولى علاجها البروفسور رونالدوف وحذرها من إجراء أي عملية. وكان الموت ينتظرها بعد عودتها إلى بيروت. على فراشها قضت الأميرة بعد صراعها مع المرض. كانت لها عينان بارقتان بآلاف النجوم !! هبطت إلى التراب مصبوغة برعب العمر. وفي العيون العاشقة استقرت... رحلت ولقب الأميرة يتوج إسمها . وإتسع الجرح في الجسد الفني وحتى آخر نقطة زيت في قنديل حياتها. وعند إلقاء النظرة الأخيرة على الاميرة. طبع إبراهيم مرعشلي قبلة على جبين المعلمة وهو يقول: "وداعاً يا أعز الناس".