أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني خلال استقباله وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أمس، أهمية تكثيف الجهود إقليمياً ودولياً لإعادة إطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين استناداً إلى حل الدولتين، وبما يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. من جانبه، أكد تيلرسون أن لدى الولايات المتحدة «خطة سلام متقدمة إلى حد ما» بعد تطويرها على مدى أشهر، معتبراً أن قرار الاعتراف بالقدس «عاصمة لإسرائيل» لا يحول دون حل الدولتين. ودعا إلى «الاعتراف بأن حزب الله جزء من العملية السياسية في لبنان»، كما دعا إيران إلى سحب ميليشياتها من سورية.

وأفاد الديوان الملكي الأردني بأن اللقاء بين الملك عبدالله وتيلرسون استعرض ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من أزمات، وفي مقدمها الأزمة السورية، وضرورة التوصل إلى حلول سياسية لها، إضافة إلى الجهود الإقليمية والدولية في الحرب على الإرهاب ضمن نهج شمولي. كما تناولت المحادثات التي تسبق زيارة العاهل الأردني موسكو ولقائه الرئيس فلاديمير بوتين، التطورات على الساحتين العراقية واللبنانية، وتم تأكيد ضرورة دعم جهود حفظ أمن لبنان واستقراره، وكذلك تعزيز قدرات الجيش اللبناني.

وشدد الملك عبدالله الثاني على أهمية دور «وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين» (أونروا) في تقديم الخدمات الأساسية للاجئين، ما يستدعي ضمان توفير الدعم اللازم لها لتمكينها من الاستمرار في القيام بمسؤولياتها الإنسانية. من جانبه، ثمّن الوزير الأميركي دور المملكة في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وتحمل أعباء أزمة اللجوء السوري.

وجرى خلال اللقاء بحث أهمية تجديد مذكرة التفاهم بين الأردن والولايات المتحدة للتعاون خلال السنوات الخمس المقبلة، علماً أن المذكرة تتناول مجالات التعاون المهمة في قطاعي الاقتصاد والدفاع، وتدعم في شكل مباشر خطة الإصلاح السياسي والاقتصادي، مع التخفيف من تأثير اللاجئين السوريين والعراقيين على المجتمع الأردني.

وكان تيلرسون وقّع، قبل لقائه الملك، مذكرة التفاهم مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، وبموجبها تُقدم الولايات المتحدة مساعدات سنوية للحكومة الأردنية بقيمة 1.275 بليون دولار اعتباراً من العام الحالي ولغاية عام 2022. وهذه المذكرة هي الأولى بين البلدين منذ تولي ترامب الرئاسة، وتتضمن زيادة سنوية بمقدار 275 مليون دولار على ما كانت عليه المساعدات الأميركية. كما تنص على أن تلتزم الولايات المتحدة تقديم ما لا يقل عن 750 مليون دولار سنوياً كدعم اقتصادي، و350 مليون دولار كمساعدات عسكرية، على مدى الأعوام الخمسة المقبلة، أي ما بين 2018 لغاية 2022.

وقال تيلرسون خلال مؤتمر صحافي مع الصفدي، إن زيادة المساعدات للأردن بنسبة 75 في المئة، على مدار خمس سنوات بدلاً من 3، مؤشر إلى «العلاقات القوية».

من جانبه، وصف الصفدي العلاقات الثنائية بـ «المتينة»، وأكد أن الأردن «سيستمر بالعمل مع التحالف الدولي لمحاربة داعش وخطابات الكراهية». واعتبر أن مذكرة التفاهم تؤكد الدور المحوري الذي يلعبه الأردن في دعم الاستقرار الإقليمي ومحاربة «داعش»، والتعاون في مكافحة الإرهاب والتنمية الاقتصادية.

وفي ما يتعلق بملف القدس، أشار الصفدي إلى اختلاف المواقف بين واشنطن وعمّان، وهو ما ذهب إليه تيلرسون بإشارته إلى «خلافات مشابهة لأي خلاف على الأمور التكتيكية، إلا أن الولايات المتحدة تريد تحقيق الهدف ذاته». ورفض التصريح بموعد إعادة إطلاق عملية السلام، وقال: «لا أريد استباق الرئيس (دونالد ترامب) وفريقه في الإعلان عنها». وأضاف: «لقد تشاورنا (في الإدارة الأميركية) في شأن الخطة، وتعرّفنا إلى مناطق تحتاج إلى المزيد من العمل، لذا أعتقد أن الرئيس هو من سيقرر متى يشعر بأن الوقت مناسب وأنه جاهز لإعلانها». لكنه أكد أنها خطة «متقدمة إلى حد ما».

وأكد دعم بلاده الجيش اللبناني الذي قال إنه «قوة أمنية مشروعة». واعتبر أن تركيا لا تزال حليفاً مهماً للولايات المتحدة، وأنها تواجه أخطاراً في مناطق في العراق وسورية، متمنياً تحقيق الهدف من «إنهاء داعش ودفع مسار محادثات جنيف وتحقيق الاستقرار بالحوار». وعبر عن القلق من التطورات الأخيرة بين إسرائيل وإيران في سورية، مطالباً إيران بسحب ميليشياتها من سورية والإفساح في المجال أمام تعزيز عملية السلام في جنيف.

ورد مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، قائلاً إن «الوجود العسكري الإيراني في سورية مشروع، وجاء بناء على دعوة من دمشق... ومن يجب أن يغادروا هم من دخلوها من دون إذن من الحكومة السورية الشرعية».

إلى ذلك، التقى تيلرسون صباح أمس وفد هيئة التفاوض السورية المعارضة الذي يترأسه نصر الحريري.

وضم وفد المعارضة في الاجتماع المغلق الذي عقد في أحد فنادق عمان، إلى جانب الحريري رئيس هيئة التنسيق الوطنية حسن عبدالعظيم.