التطورات الكبيرة والتاريخية التي تشهدها سوريا، تجعل من كل ابناء الشعب السوري يعيشون الخطر الحقيقي اليومي، لكن الموضوع الدرزي، في جبل العرب والقنيطرة يكتسب اهمية استثنائية للموقع التاريخي لمنطقتي جبل العرب والقنيطرة، وامتداداتهما باتجاه الاردن وفلسطين المحتلة ولبنان واقامة المنطقة العازلة بين سوريا وفلسطين والاردن ولبنان وهذا ما تخطط له اسرائيل.
الوجود التاريخي للدروز في السويداء والقنيطرة، يجعلهم يمثلون خط الدفاع الاول عن دمشق، واذا سقطت السويداء سقطت دمشق وبالتالي سقط كل المشروع المدعوم ايرانيا وروسيا وبالتالي سقوط النظام السوري، ولذلك فان حماية دمشق تبدأ من حماية السويداء، ومن هنا يكتسب موضوع جبل العرب الاهمية الاستثنائية حيث ينتشر الموحدون الدروز في هذه المناطق ويجعل وجودهم موضوع «تجاذب» لكل القوى الاقليمية الدولية التي تتصارع على الاراضي السورية.
ولذلك وحسب مصادر درزية فان الوضع الدرزي، دقيق جدا. وهذا ما يجعل الدروز يعيشون اخطر مرحلة في تاريخهم، واي دعسة ناقصة ستجعلهم يدفعون الثمن الكبير، بعيدا عن «غوغائية البعض» وكذلك باتت الورقة الدرزية ابعد من معادلة ولعبة القيادات الدرزية في سوريا ولبنان وفلسطين وبكل توجهاتهم واصبحوا لاعبين في الخطوط الخلفية فيما اللاعبون الاقليميون يتصدرون الواجهة ولا شك وحسب هذه المصادر فان اغتيال الشيخ وحيد البلعوس احدث انقساما وشرخا داخل الطائفة الدرزية وسرعان ما تم لملمته سريعا من قبل مشايخ العقل في سوريا ومن اقرباء الشيخ البلعوس لادراكهم حجم ما يخطط لجبل العرب، وبالتالي عاد الهدوء الى السويداء، وعادت مراكز الشرطة وانتشر الجيش مجددا، في ظل قرار من دروز سوريا بمنع دخول التكفيريين الى قراهم ووقوفهم خلف الجيش السوري وهذا ما تؤكده الوقائع الميدانية حيث سقط اكثر من 3500 شهيد درزي في صفوف الجيش العربي السوري واكثر من 6000 جريح بينهم 500 اصاباتهم دائمة بالاضافة الى مخطوفين حتى ان نسبة التطوع في الجيش العربي السوري من الدروز في الدفاع الوطني من الاعلى نسبة بين الشعب السوري.
وهذا في الظاهر اما في الخفاء فان كل المعلومات تؤكد ان الهجوم الارهابي من الاردن باتجاه السويداء منذ 3 اشهر كان قد نجح بشكل كامل ووصلت قوات المعارضة الى مطار الثعلة العسكري وسط انهيارات سريعة في الجيش العربي لكن الظروف العسكرية وحسب المتابعين تبدلت على الارض مع دخول الطيران السوري الحديث والمتطور للمرة الاولى في المعركة وهو طيران روسي الصنع. وقصف بكثافة مواقع القيادات العسكرية للمسلحين بكثافة وعبر صواريخ متطورة وقادرة على تدمير الانفاق، كما انهالت مئات القذائف المدفعية البعيدة المدى ومصدرها «الساحل السوري» ومن مختلف العيارات وقادرة على التدمير ضمن مساحات واسعة. وامتد القصف
من الحدود الاردنية حتى القنيطرة، وتم تعطيل معظم مراكز المسلحين، وانكفأ المسلحون عن مطار الثعلة القريب من السويداء، علما ان اهالي السويداء يؤكدون ان القصف الجوي والبري لا قدرة للجيش السوري على القيام بذلك في الظروف الحالية.
وتؤكد المعلومات ان هناك قرارا روسياً واضحا وصريحاً ابلغ الى الاردن وتركيا ودول الخليج عنوانه ومضمونه «ممنوع سقوط السويداء، وممنوع تهجير الدروز، وممنوع سقوط دمشق» كما ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ابلغ قيادات درزية «سقوط السويداء يعني سقوط حارة حريك».
وتشير المعلومات «ان الاردن تلقى الرسالة الروسية «ولذلك جبهة السويداء هادئة منذ اشهر ولم يحصل اي اشتباك كبير او اي محاولة تقدم للمسلحين وسط تعزيزات عسكرية كبيرة للجيش السوري واسلحة من مختلف العيارات.
وتضيف المعلومات ان وفداً من فاعليات الطائفة الدرزية في سوريا زار السفارة الروسية في دمشق والتقى كبار المسؤولين، وان الوفد حصل على تطمينات جدية وضمانات، بأن سقوط السويداء لن يحصل، وان روسيا «مؤتمنة» على حماية الاقليات في سوريا، وهذا قرار من القيادة الروسية.
وفي المعلومات ان «المسؤولين الروس قدموا للوفد شرحاً عن العلاقة بين الدولة الروسية والطائفة الدرزية في لبنان وسوريا وهي علاقة متينة. كما ان الموقف الايراني واضح في حماية دروز سوريا وكل الشعب السوري واسقاط المنطقة العازلة التي تخطط لها اسرائيل والتصدي لاي محاولة للربط بين مناطق السويداء وصولا الى القنيطرة واراضي فلسطين المحتلة.
وتشير المعلومات ان القرار الدولي وتحديداً الروسي - الايراني هو الذي منع حصول فتنة كبيرة في السويداء وتدحرج الاوضاع نحو الاسوأ والفلتان بعد اغتيال البلعوس خصوصا ان المخطط كان يستهدف من وراء الاغتيال اثارة الفتنة والفوضى ودخول المسلحين الى المدينة، لكن يقظة الجيش السوري والتصدي الروسي للمخطط وتدخله الحاسم منع حصول اي تطورات في السويداء لصالح المسلحين، والموقف الروسي حظي بكل الدعم الايراني.
الوضع الدرزي دخل «صراع الكبار» و«حساس» جداً واي دعسة ناقصة سيدفع ثمنها الدروز، وبالتالي فان وحدة الموقف هي الوحيدة القادرة على انقاذهم، وترك دروز سوريا يقررون مصيرهم وهذا ما سيحمي الاقلية الدرزية من «لعبة الكبار»، خصوصا ان تواجد الدروز الدائم إن كان في لبنان وسوريا في مناطق استراتيجية تجعل «اعين» الاخرين، كلها باتجاه المناطق الدرزية، خصوصاً انهم ينتشرون في سوريا في منطقة تعتبر خط الدفاع الاول عن دمشق.
الورقة الدرزية اصبحت بيد اللاعبين الكبار، واهالي جبل العرب يعرفون هذه المعادلة ويصرحون انهم يعيشون في وضع صعب. ولذلك عملوا على وأد الفتنة بعد اغتيال الشيخ البلعوس، وتعاملوا بواقعية وتمكنوا من تجاوز ما حصل، والتأكيد على خياراتهم السياسية ووقوفهم الى جانب دولتهم.
لكن المصادر الدرزية تؤكد ان الخطر لا يطال الدروز فقط بل كل الشعب السوري وحذرت من الحسابات الخاطئة التي قد تعرض الاقلية الدرزية للخطر الوجودي اكثر من غيرها خصوصا ان الاغراءات للدروز بالهجرة الى اوروبا تزايدت في الفترة الاخيرة، وقدمت الكثير من التسهيلات، وقد هاجر الكثير من العائلات في ظل التسهيلات الممنوحة للدروز والمسيحيين بشكل اكبر من غيرهم.