في 6 ايار القادم تجري الانتخابات اللبنانية في يوم واحد حيث سينشر الجيش اللبناني من اصل 76 الف جندي تقريبا 52 الف جندي على كامل الاراضي اللبنانية. كذلك ستنشر قوى الامن الداخلي المؤلفة من 27 الف عنصر لقوى امن داخلي وغيره، 18 الف عنصر قوى امن داخلي، اضافة الى عناصر الاجهزة الامنية من الامن العام الى امن الدولة. كذلك سيعمل حوالى 66 الف موظف معظمهم من الاساتذة او رؤساء دوائر في الوزارات في مراكز الاقتراع والفرز. وسيشرف القضاة اللبنانيون بقسم كبير منهم على ادارة الفرز والنتائج والدقة فيها. كذلك ستقوم السلطة التنفيذية من خلال المحافظ والقائممقامين بمتابعة الانتخابات النيابية لان حجم الانتخابات النيابية هذه المرة اكبر مما كان عليه في سنة 2009، نظرا الى زيادة عدد الناخبين والمقترعين، اضافة الى ان عدد المرشحين الذي وصل الى حوالى 970 مرشحاً هو رقم قياسي في تاريخ الترشح للانتخابات النيابية. 
وهنالك قانون جديد تم اقراره في مجلس النواب وارسلته الحكومة الى المجلس، ثم وقعه رئيس الجمهورية، وحصلت تعديلات فيه ويتضمن قاعدة النسبية لاعلان الرابحين في الانتخابات النيابية. كذلك هنالك نقطة هامة هي قضية الصوت التفضيلي وهي عملية شاقة ومتعبة ودقيقة. ولذلك فان تطبيق مبدأ النسبية في قانون الانتخابات ومبدأ الصوت التفضيلي لاول مرة في تاريخ انتخابات لبنان سيكون معقدا الى حد ما، رغم ان وزارة الداخلية اطلقت ورشة عمل لتعليم وارشاد الذين سيشاركون في الانتخابات النيابية سواء أكانوا مرشحين ام مقترعين في كافة مراكز الاقتراع على كيفية فرز الاصوات وكيفية اعداد لوائح الصوت التفضيلي. وكذلك، وهنا الاهمية، وضع حسابات الحاصل الانتخابي الذي يحدد من هو المرشح الذي ينجح على اساس حصوله على مستوى الحاصل الانتخابي وما فوق، ولكل دائرة حاصل انتخابي يتم حسابه من قبل موظفي وزارة الداخلية ويتم تعميمه على المرشحين والمقترعين ويتم تعليقه على ابواب مراكز الاقتراع. 
هذا من الناحية التقنية. اما من الناحية على مستوى الترشيحات والتحالفات والمستوى السياسي، فالامر غير واضح حتى الان، لان كل ما جرى هو اعلان اسماء المرشحين من قبل الاحزاب السياسية والفاعليات السياسية. كذلك اعلان المرشحين المستقلين ترشيحاتهم دون الاعلان عن التحالفات بين الاحزاب السياسية وكيفية تأليف اللوائح فيما بينهم وما اذا سيكونون على تحالف في لائحة واحدة ام سيكونون في موقع التنافس الانتخابي.
واذا اخذنا مثلا لنعرضه، فنقول ان تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية كانا من الاعمدة الرئيسية لما تمت تسميته ثورة الارز. واما الان وحتى هذه اللحظة، فسيذهب الوزير ملحم رياشي لزيارة الرئيس سعد الحريري ناقلا رسالة من الدكتور سمير جعجع ليعود الوزير غطاس خوري ينقل جوابا من الرئيس سعد الحريري الى الدكتور سمير جعجع. مع العلم ان 5 اشهر مرت على حادثة استدعاء الرئيس سعد الحريري الى السعودية والزامه باعلان استقالته واقامته مدة 14 يوما بحالة غير سليمة ومشبوهة في السعودية، اي تحت ضغط السلطات السعودية، ثم عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان. ومنذ ذلك التاريخ قبل 5 اشهر وحتى اليوم، لم يحصل اي اتصال هاتفي او اجتماع بين الدكتور سمير جعجع والرئيس سعد الحريري، بل يقتصر الامر على مفاوضات يقوم بها اطراف او نواب او وزراء بين الرئيس الحريري والدكتور جعجع، واهم مندوبين هما الوزير ملحم رياشي والوزير غطاس خوري.
وطبعاً، زيارات الوزير ملحم رياشي وزيارات غطاس خوري هي ليست لنقل رسائل بل هي لعرض شروط متبادلة حيث يعرض تيار المستقبل شروطه للتحالف وعدد المقاعد في المناطق وتوزيعها بينه وبين حزب القوات اللبنانية. وفي الوقت ذاته ترسل القوات اللبنانية مع الوزير ملحم رياشي شروطها للتحالف وتوزيع المقاعد والتحالفات في الدوائر ومن هي الجهة الثالثة التي تكون متحالفة بين حزب القوات وتيار المستقبل اذا تم التحالف بينهما.
لكن من المفضوح في شكل ظاهر وكبير، هو عدم لقاء الرئيس سعد الحريري مع الدكتور سمير جعجع، رغم انهما كانا في تحالف كبير وواحد ونظرة واحدة الى الامور. لكن الامور اختلفت منذ حادثة السعودية مع الرئيس سعد الحريري قبل 5 اشهر وحتى اليوم.
 

 

 

 عدم الوضوح في التحالفات الانتخابية


هذا مثلا كي نعطي فكرة عن عدم الوضوح في التحالفات الانتخابية القادمة. واذا انتقلنا الى حزبين حليفين تحالفا في معركة رئاسة الجمهورية لايصال الرئيس العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، اضافة الى تأييد قوى اخرى للرئيس العماد ميشال عون، فان حزب القوات اللبنانية وحزب التيار الوطني الحر الذي من المفروض ان يقودا الانتخابات معاً في لبنان، يخوضان المعركة ضد بعضهما بعضاً، ومن اقصى عكار الى اقصى الجنوب الى اقصى البقاع، لم يتم اعطاء اشارة واحدة عن امكانية التحالف بين حزب التيار الوطني الحر وبين حزب القوات اللبنانية، وهما حزبان مسيحيان ويرتكزان بنسبة 80 في المئة على قاعدة مارونية تؤيدهما. 
واذا اردنا الانتقال الى تفاصيل اكثر في شأن دوائر الانتخابات، فان المنطقة المسيحية الممتدة من بشري الى زغرتا الى الكورة الى البترون، ثم الى كامل جبل لبنان وصولا الى المتن الجنوبي على حدود كفرشيما مع الضاحية، اضافة الى حدودها مع مدينة الشويفات الدرزية، فان كامل هذه المنطقة المسيحية يخوض التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية معركة ضد بعضهما بعضاً.
وفي هذه المنطقة حوالى 44 نائبا واكثر، ففي دائرة البترون - الكورة - بشري - زغرتا سيخوض التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية المعركة ضد بعضهما بعضاً. ويعمل الدكتور سمير جعجع على تأليف لائحة في الاقضية الاربعة البترون، زغرتا، بشري، الكورة التي هي دائرة انتخابية واحدة وتضم 7 نواب موارنة و3 روم اورثوذكس. وفي المقابل يقوم الوزير جبران باسيل بالعمل على انشاء لائحة بقيادة التيار الوطني الحر لخوض معركة انتخابية هامة جدا، اولاً لتمثيلها المسيحي الهام مع احترام كافة المدن والقرى المارونية والمسيحية، لكن حصول معركة بين اهم مدينتين مارونيتين هما زغرتا وبشري. واما الكورة التي تقع في الوسط بين خط بشري وزغرتا فهنالك صراع قوي بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية.
 

 البترون: معركة حياة أو موت بالنسبة للوزير باسيل


اما بالنسبة الى البترون، فان هنالك معركة حياة او موت بالنسبة للوزير جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر الذي لم يستطع حتى الان الوصول الى المجلس النيابي. ويعتبر هذه المرة معركة الانتخابات فاصلة، لانها هامة جدا ومن الضروري ان ينجح في الانتخابات ويدخل نائبا الى المجلس النيابي، مع انه في كل الاحوال مقعده الوزاري محجوز له، لكن القوة المعنوية في النجاح في الانتخابات النيابية الشعبية هي الاساس، ولا يمكن تجاوز سقوط النائب جبران باسيل في حال سقط في منطقة البترون كأنه حدث عادي، ذلك ان رئيس احد اقوى الاحزاب المسيحية وفي عهد من أسس التيار الوطني الحر وهو العماد ميشال عون، فان معركة الوزير جبران باسيل في الانتخابات اساسية ومركزية، فاذا سقط تكون كارثة معنوية ليس على شخصه بل على التيار الوطني الحر، لانه حزب انتشر في كل لبنان وحصل على وزارات خدماتية كبيرة جدا، ثم ان العهد هو عهد هذا الحزب، اي التيار الوطني الحر الذي في الاساس اسسه العماد ميشال عون قبل 3 سنوات.
 

 بشري ـ زغرتا


وباستعراض سريع للقوى، فاننا نقول انه في قضاء بشري القوات اللبنانية اقوى من اللائحة التي سيؤلفها الوزير سليمان فرنجية. اما في زغرتا، فتنقسم الاصوات بين مدينة زغرتا وقضائها بنسبة 60 في المئة للوزير سليمان فرنجية و40 في المئة للائحة القوات وحلفائهم، مع العلم ان القوات اللبنانية كانت قد اتفقت او توصلت الى شبه اتفاق على ان يكون المرشح على لائحتها في قضاء زغرتا هو الاستاذ ميشال معوض نجل الرئيس الراحل رينيه معوض، لكن القوات اللبنانية قامت بترشيح شخصية من بلدة علما قرب زغرتا وخرقت مبدأ اقطاعياً قائماً منذ 100 سنة واكثر في اقضية كثيرة من لبنان واصاب الاحراج المرشح الاستاذ ميشال معوض، وقد سحب من لائحة التحالف القوات اللبنانية بعدما رشح مرشح عن المقعد الماروني في زغرتا من خارج مدينة زغرتا، واتجه نحو التيار الوطني الحر من خلال اتصاله برئيس الجمهورية ومن خلال اتصال مع الوزير جبران باسيل. وعلى الارجح بنسبة 90 في المئة سيكون الاستاذ ميشال معوض على لائحة التيار الوطني الحر في زغرتا. 
ولو لم تقم القوات اللبنانية بترشيح مرشح حزبي من القوات في قضاء زغرتا من خارج مدينة زغرتا، لكان المرشح ميشال معوض عضواً في اللائحة وله قوة هامة في مدينة زغرتا من خلال عائلة معوض التي لديها عدد اصوات ومؤيدين لا يستهان بهم. لكن الدكتور سمير جعجع صمم هذه المرة على ضرب مبدأ اقطاعية المدن الكبرى او اقطاعية زعامة منطقة معينة، فهو في بشري مثلا اختار حزب القوات السيدة ستريدا جعجع للترشح عن المقعد الماروني في بشري، واختار المرشح الثاني عن المقعد الماروني في بشري وهو الاستاذ جوزف اسحق من بزعون خارج مدينة بشري. كذلك خطا الدكتور سمير جعجع الخطوة ذاتها في قضاء زغرتا، فقام بترشيح مرشح من خارج مدينة زغرتا حيث منذ 60 سنة وحتى الان لا يترشح اي مرشح من خارج مدينة زغرتا، فقرر ترشيح مرشح من مدينة علما خارج مدينة زغرتا، وهذا ما جعل المرشح الاستاذ ميشال معوض ينسحب من اللائحة التي كان سيتحالف معها وهي لائحة القوات اللبنانية.
 

 الكورة


اما بالنسبة الى قضاء الكورة فهنالك عدة احزاب قوية حيث الحزب السوري القومي الاجتماعي وحيث حزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب اللبنانية وتيار المردة والتيار الوطني الحر، اضافة الى قوى مستقلة داخل الكورة لها حيثياتها التقليدية مثل النائب نقولا غصن وغيره. ونتيجة تشابك وجود هذه الاحزاب كلها، كذلك وجود حوالى 3500 صوت من الطائفة السنية في الكورة، اضافة الى 2200 صوت شيعي في الكورة فانه يصعب علينا تحديد من هي القوة الرئيسية في قضاء الكورة. مع العلم ان القوات اللبنانية رشحت مرشحا واحدا عن قضاء الكورة رغم وجود 3 مقاعد، واعتبرت نفسها لها قوة تستطيع الحصول عبرها على نائب في قضاء الكورة، والاحزاب القوية في الكورة هي الحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب القوات اللبنانية وتيار المردة وحزب الكتائب اللبنانية.
لكن في الانتخابات الاخيرة سنة 2009، اظهرت القوات اللبنانية انها الاكثر شعبية في قضاء الكورة. وهنا في الكورة عنصر هام هو النائب والوزير فريد مكاري الذي لم يترشح هذه المرة للانتخابات النيابية، مع ان له قاعدة شعبية كبيرة سواء في بلدته انفه ام على ساحل الكورة، وحتى وصولا الى اميون وكسبا وكفرعقا وغيرها. 
وكان النائب فريد مكاري قد قال اذا كنت سأترشح فانني سأترشح على لائحة القوات اللبنانية، لكن انا لا اريد الاختلاف مع الوزير سليمان فرنجية، ولذلك فلن اترشح على الانتخابات كما ان لديّ اشغالاً وشركات واعمال ابتعدت عنها لفترة طويلة في السياسة، وانا ملزم حاليا النهوض بها مجددا، نظرا الى ظروف لبنان الاقتصادية وظروف الخليج كله اقتصاديا. 
والمعروف ان النائب فريد مكاري له شركة هامة في السعودية لا يتحدث عنها بل يرغب في اخفاء دائما هذه الشركة التي يملكها ولا يتحدث في اعمالها، مع انها شركة هامة جدا وتجني ارباحاً كبيرة للوزير فريد مكاري بعشرات ملايين الدولارات. لكن انما تواضعا او اخفاء للامر، يرفض الوزير فريد مكاري الحديث قطعياً عن اعماله التجارية، وبخاصة شركته في السعودية.
 

 البترون


اما بالنسبة الى بقية الاحزاب في الكورة فكلها قوية ووفق المرشحين وتأليف اللوائح فتظهر النتيجة اوضح. اما البترون ففيها خصمان قويان وهما يخوضان معركة «كسر عضم»، وهي معركة بين الوزير بطرس حرب والوزير جبران باسيل، ومن يكون حليفهما في الانتخابات النيابية، ومن ينال الصوت التفضيلي في البترون. 
ويبدو ان الوزير جبران باسيل متفائلاً جدا بقدرة التيار وقدرته شخصيا على النجاح في البترون، وانه يملك شعبية اقوى من شعبية الوزير بطرس حرب، فيما الوزير بطرس حرب يقول في مجالسه الخاصة : ستتفاجأون غدا عندما تجري الانتخابات ويتم اعلان النتائج وتظهر قوتي الشعبية على الاوراق وبالارقام.
 

 جبيل ـ كسروان


وبالانتقال الى جبيل ـ كسروان، فانه سيتم تقاسم الاصوات في لائحة تضم 7 نواب موارنة ونائباً شيعياً، المعركة ليست عنيفة جدا وتقريبا محسومة النتائج، انما كوننا لا نريد اعطاء اي اشارات عمن سينجح ومن سيفشل فاننا نقول ان القوى المتنافسة في كسروان ـ جبيل وفي هذه الدائرة هما قوتان كبيرتان ويصعب على لائحة واحدة الانتصار في شكل كامل، بل قد تتوزع الاصوات بين 4 للائحة و3 للائحة اخرى، مع العلم ان النائب الشيعي في جبيل سيكون على الارجح لحزب الله.
 

 المتن الشمالي


والمتن الشمالي فيه معركة عنيفة. وكما في كسروان ـ جبيل، سيخوض التيار الوطني الحر معركته ضد القوات اللبنانية والكتائب. فان في المتن الشمالي سيخوض التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية المعركة ضد بعضهما بعضاً، لكن العنصر الاساسي الذي يؤدي دورا كبيرا في المتن هو حزب الكتائب والرئيس ميشال المر، اضافة الى اصوات الارمن، وموقف حزب الطاشناق، وهي دائرة هامة مسيحية. كذلك في المتن الشمالي قوة للحزب السوري القومي الاجتماعي حيث يخوض الاستاذ غسان الاشقر المعركة الانتخابية عن المقعد الماروني في المتن الشمالي، لكن حتى الان لم يتم تحديد كيفية تشكيل اللوائح في المتن الشمالي.
 

 المتن الجنوبي


اما المتن الجنوبي، فله تشابك كبير بين قوى عديدة وكثيرة تبدأ بحزب الله وحركة امل والقوات اللبنانية وحزب الكتائب والتيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الشيوعي والحزب القومي وقوة الامير طلال ارسلان، اي الحزب الديموقراطي اللبناني، اضافة الى المستقلين في هذه الدائرة. لكن قوة التيار الوطني الحر الناخبة وقوة حزب القوات اللبنانية الناخبة شبه متساوية، مع العلم انه في مناطق فرن الشباك، عين الرمانة، الشياح هنالك اكثرية مطلقة لحزب القوات اللبنانية دون تجاهل وجود حزب الكتائب فيها.
 

 الاشرفية


واذا انتقلنا منها الى الاشرفية، فان التحالف المعلن والذي اصبح معروفا بين حزب القوات اللبنانية والكتائب، اضافة الى التحالف مع النائب ميشال فرعون، سيؤدي الى اكتساح هذه اللائحة، وبخاصة ان النائب نديم الجميل نجل الرئيس الراحل بشير الجميل محبوب جدا وله عطف كبير في منطقة الاشرفية.
وفي مواجهة تحالف القوات والكتائب، سيخوض التيار الوطني الحر المعركة في الاشرفية، ويعتبر ان له وجود هام جدا، وانه من اصل المقاعد 8 في دائرة الاشرفية - الرميل فان التيار الوطني الحر سيحصل على  3 مقاعد من خلال الحاصل الانتخابي. لكن الاشرفية هذه المرة ستكون مفاجئة للجميع، لان فيها مقياساً للنبض المسيحي الذي هو على تماس مع الخط الاسلامي المقابل، بدءا من آخر حدود ساحة الشهداء وفي اتجاه المصيطبة، البسطة، الطريق الجديدة وكامل المنطقة السنية في بيروت، ولذلك فمنطقة الاشرفية لها خصوصيتها ودائما فيها مفاجأة.
 

 جزين ـ صيدا


ثم ان هنالك معركة فعلية بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية في قضاء جزين ـ صيدا، والتيار الوطني الحر يعتبر نفسه انه الاقوى وهو القادر على الانتصار في المقاعد الثلاثة المسيحية، مع ان الرئيس سعد الحريري رئيس تيار المستقبل طلب من الوزير جبران باسيل مقعدا مسيحيا في قضاء جزين، فرد الوزير جبران باسيل انه لا يستطيع اعطاء مقعد مسيحي لتيار المستقبل في جزين، وانه مستعد لدعم تيار المستقبل في المقعدين السنيين في صيدا. لكن يبدو ان تيار المستقبل سيخوض المعركة على المقعد السني الثاني في صيدا، انما يرجح ان المرشح السني اسامة سعد سيحصل على الحاصل الانتخابي في صيدا ويصل هو والنائبة السيدة بهية الحريري الى المجلس النيابي.
 

 الرئيس عون سيكون الأقوى بعد الانتخابات النيابية


نحن لا نريد تجاهل قضاء عاليه - الشوف - اقليم الخروب، ولا تجاهل معارك الجنوب الانتخابية، وبخاصة معارك البقاع حيث هنالك معركتان، هما معركة البقاع الغربي ومعركة زحلة البقاع الاوسط، وهما معركتان هامتان جدا. لكن نتجاوز كل ذلك لنصل الى العنوان الذي وضعناه ان الرئيس العماد ميشال عون سيكون اقوى بعد الانتخابات النيابية باكثرية غير ملتزمة به، لكنها ستكون متجانسة مع المشاريع التي سيطرحها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لان هنالك في المجلس النيابي الجديد سيصل حوالى 16 الى 18 نائباً مستقلاً على الاقل. كذلك فان علاقة رئيس الجمهورية مع الوزير وليد جنبلاط ممتازة وعلى علاقة صداقة وتنسيق، وفهم عميق للواقع اللبناني، الذي اصبح العماد ميشال عون والوزير جنبلاط يختمران في رأسهما حقيقة تركيب لبنان والديموقراطية التوافقية فيه. 
اما بالنسبة الى العلاقة بين رئيس الجمهورية والـ 27 نائباً شيعياً او الثنائي الشيعي، فان حزب الله سيكون داعماً جدا لموقف العماد ميشال عون. اما الرئيس نبيه بري فهو راغب في التعاون مع العماد ميشال عون في شكل كبير، انما مواقف العماد ميشال عون حيال المقاومة وضد اسرائيل وفي الوضع الوطني العام حيث لن يكون منحازا الى اي طائفة حتى ولو كان هو الرئيس الماروني، اضافة الى مشاريع سيطرحها في ظل انعقاد 3 اجتماعات خلال الاشهر الثلاثة لدعم لبنان، وهي مؤتمر روما لدعم الجيش اللبناني ومؤتمر باريس ـ 4 لدعم الاقتصاد اللبناني ومؤتمر بروكسل لدعم الدول التي لجأ اليها النازحون السوريون، ومنهم لبنان الذي سيستفيد بدعم مالي في هذا المجال، فان تكتل من الوزير فرنجية مع الرئيس بري لن يكون ناجحا ضد الرئيس العماد ميشال عون لان الوزير وليد جنبلاط لا يريد ان يكون شريكا ومتحمسا جدا مع فرنجية ضد الرئيس عون. كذلك فان الوزير فرنجية ليس له مصلحة في العداء مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وبخاصة انه يرى ان هنالك خلافاً في وجهات النظر بين رئيس الجمهورية والدكتور سمير جعجع. واهم خصم للوزير فرنجية هو الدكتور جعجع، لذلك لن يذهب الوزير فرنجية في اتجاه معارض جديد للعهد وللرئيس العماد ميشال عون.
 

 الرئيس بري وتشاور دائم مع حزب الله


وبالنسبة الى الرئيس نبيه بري الذي هو على تشاور دائم مع حزب الله، فان موقفه سيكون متجانسا وقريبا من موقف حزب الله، لكن اذا كان حزب الله يدعم الرئيس ميشال عون بقوة فالرئيس نبيه بري قد يهادن العهد وقد يكون مؤيدا لعدة مشاريع يطلقها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لكن لن تكون علاقته مثل علاقة حزب الله مع العماد ميشال عون. كذلك هنالك كتلة نيابية هامة للتيار الوطني الحر. وكما ذكرنا سابقا هنالك ما بين 16 الى 18 نائباً مستقلين سيقومون بتقديم الولاء لرئيس الجمهورية والالتفاف حوله. كما ان الرئيس امين الجميل رغم معارضة نجله سامي الجميل لامور كثيرة، يرغب في ان تكون علاقة حزب الكتائب مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون علاقة جيدة، وليست علاقة متوترة. وفي اخر اجتماعين عقدهما الرئيس الاعلى لحزب الكتائب مع رئيس حزب الكتائب نجله سامي الجميل، طلب منه الهدوء وعدم معارضة عهد عون بقوة لان الجميل حريص على علاقة جيدة سياسيا وشخصيا مع العماد ميشال عون، وانه لا يمكن لحزب الكتائب ان يكون معارضا لعهد قائده من المؤسسة العسكرية وولاء الجيش له، اضافة الى ان العماد ميشال عون لم يقم بأي عملية اذى او اضرار بحزب الكتائب في كامل تاريخ علاقاته عندما كان ضابطا او عندما كان رئيسا للحكومة الانتقالية.
 

 الرئيس الحريري أكبر حليف للرئيس عون


وهذا الامر ينطبق على القوى كافة في لبنان. وهنا نقطة هامة وهي تيار المستقبل، فالرئيس سعد الحريري اصبح اكبر حليف للرئيس العماد ميشال عون، وهو متألم من تجربة والده الراحل الرئيس رفيق الحريري مع الرئيس اميل لحود في عدم ترك الرئيس اميل لحود الحرية للرئيس الراحل رفيق الحريري في رئاسة مجلس الوزراء والتدخل دائما وترؤس كل جلسات مجلس الوزراء وعدم عقد جلسات مجلس الوزراء لا في السراي ولا في قصر بعبدا، بل في مكان تم خصيصا اقامته لمجلس الوزراء كما يقول الطائف. ولكن كان الرئيس الحريري ما زال حتى الان في حزن وغضب على معاناة والده الرئيس الراحل رفيق الحريري نتيجة دعم السوريين للعماد الرئيس اميل لحود على حساب صلاحيات والده الرئيس الراحل رفيق الحريري.
وعندما وصل الرئيس سعد الحريري الى الحكم من جديد في اطار التسوية التي تمت بانتخاب العماد ميشال عون وتثبيت وضع الرئيس بري وتكليف الرئيس سعد الحريري رئاسة الحكومة اللبنانية، فان الرئيس سعد الحريري رأى ولاقى تجاوبا كبيرا من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فهو لا يطالبه بانعقاد جلسات مجلس الوزراء في قصر بعبدا لا بل على العكس يطالبه بعقد جلسات مجلس الوزراء وان يترأس الجلسة الرئيس سعد الحريري واذا كان من ضرورة فيمكنه التشاور مع رئيس الجمهورية، كذلك اعطى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الدعم الكامل لموقف رئيس الحكومة في المشاريع التي يطلقها ويعلن عنها في مجلس الوزراء. كما ان موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الصلب والتاريخي الذي اخذه اثر احتجاز الرئيس الحريري في السعودية امر لن ينساه ابدا الرئيس الحريري. ولذلك اذا كان تيار المستقبل سيصل عبر عدد النواب السنّة مع حلفاء له بحوالي 20 نائبا تقريبا او اكثر، فانهم سيكونون على تحالف وتنسيق ودعم لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
 

 عهد الرئيس عون سيكون قوياً جداً


على كل هذا الاساس وما شرحناه وما بنيناه وما قلناه من معلومات وتحليلات وربط تحالفات ووضع تصورات من خلال الواقع الحقيقي للامور، فان عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيكون قويا جدا بعد الانتخابات النيابية، لانه لم يملك رئيس الجمهورية الاكثرية النيابية لكنه سيملك اتفاقاً وانسجاماً مع الكتل النيابية بأكثريتها دون ان تكون ملتزمة به بل مؤيدة لمشاريعه في شكل عام، وعلى احترام كبير لقصر بعبدا ولسيد بعبدا ولرئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
كما ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي رفض الانزلاق الى اي تأييد لطائفة او مذهب في لبنان، سواء المذهب الشيعي ام المذهب السنّي ام المذهب الدرزي ام المذهب الارثوذكسي ام المذهب المسيحي، واصر على اتخاذ كل المواقف التي تنطلق من شعوره اللبناني الوطني الصافي الوحيد، جعل من الرئيس العماد ميشال عون من دون خلاف مع اي مذهب او طائفة في لبنان او كتلة سياسية حتى متطرفة اسلامية او مسيحية، حتى ان الصقور في تنظيم 14 اذار السابق ما زالوا على علاقة ممتازة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وحتى ان النائب فارس سعيد الذي يعتبر امين عام حركة 14 اذار واحد اشد المتطرفين في خط 14 اذار هو على علاقة ممتازة مع رئيس الجمهورية وزيارات مستمرة له. وهنالك علاقة مميزة بين رئيس الجمهورية والبطريرك بشارة الراعي، اذ ان الكنيسة المارونية بمجموع مطارنتها تؤيد رئيس الجمهورية وهي متفقة معه على كامل النقاط الوطنية والمسيحية واللبنانية، كما ان مطارنة عدة وحتى البطريرك الراعي يبحث مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مشاكل موجودة  في مراكز لمدارس او مصالح مسيحية سيعمل رئيس الجمهورية على الحل الوطني لها.
وبالنسبة للطائفة الدرزية، فان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على علاقة ممتازة مع الوزير وليد جنبلاط والوزير طلال ارسلان والوزير السابق وئام وهاب. كذلك ليس هنالك اي شعور بالتحدي بين موقع رئاسة الجمهورية وموقع الوزير جنبلاط، كما كان حاصلاً في زمن الرئيس اميل لحود بين الرئيس اميل لحود والوزير وليد جنبلاط.
ثم انه حتى في طرابلس فعلاقة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع الرئيس نجيب ميقاتي ممتازة ومع تكتل نوابه، كذلك هي ممتازة مع النائب فيصل كرامي نجل الرئيس الراحل عمر كرامي. 
ودون ان ندخل في كامل التفاصيل، فاننا نستنتج ان علاقة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع النواب ستجعله في موقع له الاكثرية النيابية انما غير الملتزمة حزبيا به، لكنها مؤيدة لمسار عهده. ولذلك سيكون القسم الثاني وهو الاكبر، اي 4 سنوات ونصف من عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مرحلة ناجحة على قاعدة استقرار سياسي كبير بين القوى السياسية، وثانيا استقرار عسكري كبير نظرا لخبرة رئيس الجمهورية العماد في كيفية ادارة الوحدات العسكرية من حجم آمر فصيلة من 30 جندياً وصولا الى قائد الجيش بكامله، ثم رئيسا للحكومة الانتقالية ثم رئيسا للجمهورية من جديد ويتابع شؤون الجيش في كل تفاصيله، وهذا ما يجعله قوي جداً. كما ان الاجهزة الامنية من خلال مجلس الدفاع الاعلى الذي عقد اكثر من 5 جلسات في ظل رئاسة العماد ميشال عون جعل الاجهزة الامنية كلها متناسقة مع بعضها ومرتبطة حتى شبه مباشرة برئيس الجمهورية. 
وهذا الاستقرار الامني يعطي لبنان قيمة سياحية ومالية وحضارية، اضافة الى مكان استراحة للاستثمار ما دام ان مبدأ النأي بالنفس قد تم الاتفاق عليه وما دام ان حزب الله يسير نحو الاتجاه الايجابي كليا لتأمين الاستقرار الداخلي اللبناني وعلاقات لبنان مع الدول العربية