خلف مفاوضات النفط الصعبة، والمعارك الطاحنة في الغوطة، وتلاحق الأزمات وانكشاف الوضع المالي والكهرباء، وتنامي حركة الشارع المطلبية في كل القطاعات، لا سيما التعليمية منها، بقي هدير المحركات الانتخابية يضج في الصالونات والغرف المغلقة، وعلى المنابر، وتتدافع الترشيحات من فريق 8 آذار، الذي يقوده حزب الله، وكأن ترشيحات هذا الفريق لا تنتج الا نواباً، على وقع مرير من الانتظار في فريق 14 آذار، ومكوناته المتباعدة قبل الانتخابات، وبتأثير من «التسوية الرئاسية»، وتداعياتها، والتي شكل إلغاء «مؤتمر المبادرة الوطنية» الذي كان مقرراً اليوم في فندق مونرو في بيروت، واحداً من هذه التداعيات.
وبدا ان فريق 14 آذار يواجه تخبطاً في الترشيحات وارباكاً بالتحالفات، في ضوء تبعثر مكوناته، وانشغال كل طرف منها بتوفير حصة له في المجلس الجديد.
انتخابات 2018
وفيما رست بورصة الترشيحات لدى وزارة الداخلية، أمس، على 132 مرشحاً، بحسب ما أعلنت الدائرة السياسية، بعد ان قدم 26 مرشحاً من غير الوجوه المعروفة اوراقهم الرسمية، تواصلت الاتصالات بين القوى السياسية والتيارات الحزبية، بوتيرة متسارعة لحسم التحالفات في ما بينها قبل موعد 26 آذار، وهو الموعد النهائي لسقوط الترشيحات خارج اللوائح، على ان تبدأ صورة هذه التحالفات بالظهور تباعاً، اعتباراً من الأسبوع المقبل، حيث يفترض ان يُحدّد كل طرف سياسي موقعه وتموضعه قبل اقفال باب الترشيحات في 6 آذار المقبل.
وفي حين ينتظر ان يحسم كل من تيّار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» و«القوت اللبنانية» وحزب الكتائب خياراته في ضوء المفاوضات الجارية بعيداً عن الإعلام، واصل «حزب الله» ومعه حلفاؤه أخذ زمام المبادرة في اتجاه نسج تحالفاته، سواء في مناطق الثنائي الشيعي، أو المناطق غير الخاضعة لنفوذه لكنه يُشكّل فيها ثقلاً انتخابياً، مما يفرض على الآخرين تحالفات معينة، أو يعطل ما يكون قد تمّ نسجه بين هذا الطرف أو ذلك.
وفي هذا السياق، كان لافتاً للانتباه، إعلان نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، المكلف بالملف الانتخابي، تحالف الحزب مع النائب نقولا فتوش في دائرة زحلة، بحيث بات له في هذه الدائرة مرشحان إلى جانب مرشحه عن المقعد الشيعي أنور جمعة.
وفي تقدير مصادر سياسية ان إعلان الحزب دعم ترشيح فتوش من شأنه ان يدخل معادلات جديدة على مفاوضات تشكيل اللوائح والتحالفات، سواء بالنسبة للسيدة ميريام سكاف، ما يرجح تحالفها بالضرورة مع «المستقبل» أو على صعيد «التيار العوني» ما قد يعطل عليه خياراته، أو بالنسبة «للقوات اللبنانية» ما يفرض عليها خوض المعركة منفردة أو بالتحالف مع الكتائب في حال نجحت الاتصالات بين الحزبين في تأمين عودة المياه إلى مجاريها.
لائحة بعلبك - الهرمل
وتزامن إعلان الشيخ قاسم التحالف مع فتوش في زحلة، مع إعلانه لائحة الثنائي الشيعي في دائرة بعلبك - الهرمل، بالتحالف مع الحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي سبق ان أعلن أمس مرشحه لهذه الدائرة، وهو الوزير السابق البير منصور عن المقعد الكاثوليكي، إلى جانب كل من: النائب أسعد حردان عن المقعد الارثوذكسي في دائرة حاصبيا - مرجعيون، وسليم سعادة عن المقعد الارثوذكسي في دائرة الكورة، وفارس سعد عن المقعد الانجيلي في دائرة بيروت الثانية، واميل عبود عن المقعد الارثوذكسي في دائرة عكار، وناصيف التيني عن المقعد الارثوذكسي في دائرة زحلة، وحسام العسراوي عن المقعد الدرزي في دائرة عاليه - الشوف، وسمير عون عن المقعد الماروني في الدائرة نفسها، على ان يعلن لاحقاً أسماء مرشحيه عن دائرتي المتن الشمالي وبعبدا قبل انتهاء مهلة الترشيح، في ضوء الاتصالات الجارية في خصوص هاتين الدائرتين.
ولوحظ ان لائحة الثنائي الشيعي في دائرة بعلبك - الهرمل والتي ضمّت تسعة أسماء من أصل عشرة مقاعد تركت المقعد الماروني العاشر للتفاهم مع «التيار الوطني الحر»، فيما كان المقعد السني الثاني في الدائرة من حصة جمعية المشاريع الإسلامية (الاحباش) التي رشحت يونس الرفاعي، وبقي المقعد السني الأوّل من حصة الحزب الذي سبق ان رشح له النائب الحالي العميد الوليد سكرية.
اما المقاعد الشيعية الستة فذهبت بمعظمها إلى الحزب بشخص مرشحيه: الوزير حسين الحاج حسن، والنائب علي المقداد، ايهاب حمادة، ابراهيم الموسوي، واللواء جميل السيّد، وبقي الوزير غازي زعيتر من حصة حركة «أمل».
تجدر الإشارة إلى ان ترشيح اللواء السيّد على لوائح الحزب ترك أصداء سلبية لدى القوى السياسية التي كانت تنضوي تحت راية فريق 14 آذار، نظراً لما يمثله من رمز لمرحلة الوصاية السورية، وعنوان لمواجهة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والتي اعتبرت ترشيحه استفزاراً لوجدان قسم كبير من اللبنانيين الذين نزلوا إلى الشارع في 14 آذار مطالبين بحرية وسيادة واستقلال لبنان وخروج الجيش السوري منه.
وبحسب مصادر هذا الفريق، فإن ترشيح اللواء السيّد من قبل حزب الله لم يأت بقرار مباشر منه، بل نزولاً عند رغبة الرئيس السوري بشار الأسد الذي تمنى على الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله دعم ترشيح السيّد وتأمين وصوله إلى البرلمان كون ترشحه منفرداً ومن خارج لوائح الثنائي الشيعي سيعني حكماً سقوطه في المعركة فكان له ما أراد.
الشـوف
في هذا الوقت، أوضح القيادي في «التيار الوطني الحر» ماريو عون لـ«اللواء» أن التيار يتواصل مع الجميع في ما خص انتخابات الشوف عالية ولكن ما من شيء محسوم بعد، مستبعدا قيام لائحة ائتلافية في الشوف خصوصا. 
ولفت إلى أن ما يقوم بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية من اتصالات يتقدم على ما سواه وعلى الرغم من ذلك فإن الصورة ضبابية في ما خص التحالفات وكل شيء مفتوح بالنسبة إلى التيار، في حين أن الحوار مع النائب وليد جنبلاط لم يصل بعد إلى ما يمكن البناء عليه، فهو حوار فقط. 
وأعلن عون أن التعاطي مع كل دائرة انتخابية تخضع للقطعة. لافتاً إلى أن ما من تواصل مع حزب الوطنيين الأحرار مع العلم أن التيار يفضل قيام تفاهم مسيحي شامل.
المتن
اما في دائرة المتن الشمالي التي يتوقع ان تشهد منافسة بين ثلاث لوائح أو ربما أربع، فما زالت الاتصالات قائمة بين القوى السياسية لترتيب تحالفات، من دون ان يحسم أي فريق خياراته بصورة نهائية، مع ان الاتجاه يميل إلى استمرار التوصّل بين الرباعي المؤلف من التيار العوني والنائب ميشال المرّ والحزب القومني وحزب الطاشناق بهدف التحالف بوجه القومي الأخرى ولا سيما «القوات» والكتائب.
وتعتقد مصادر المعلومات ان اللقاءات بين هذا الرباعي لم تصل إلى نتائج حاسمة بعد، كما ان التيار يدرس امكانية التحالف مع بعض الشخصيات المستقلة إن وجد بينها من له حيثية شعبية، مع ان كُلاً من القوى الاربع لها قاعدة شعبية وازنة وكبيرة، بينما الاتصالات مقطوعة بين التيار الحر وبين «القوات اللبنانية» وبينه وبين حزب «الكتائب» ايضا، لأن التيار «والقوات» وجدا ان لا مصلحة لهما بالتحالف معاً لأن التحالف سيتسبب لكل منهما بخسارة لا يمكنه تحملها، لذلك تُطرح احتمالات شتى منها تشكيل «القوات» لائحة مستقلة مع بعض الشخصيات لكن ليس مع «الكتائب»،وكذلك الامر بالنسبة لحزب الكتائب.
 وثمة من يرى انه اذا لم ينجح التحالف الرباعي (التيار والمر والقومي والطاشناق) قد تتجه الامور الى سيناريوهات اخرى كتحالف ثنائي او ثلاثي، او حتى يمكن ان يعمل التيار الحر الى تشكيل لائحة لوحده مع بعض الشخصيات المستقلة.
وأما «القوات» فتقول اوساطها ان وضعها في المتن جيد وهي قادرة بمرشحيها المطروحين حتى الساعة، ادي ابي اللمع، ميشال مكتّف ورازي الحاج ومن ينضم الى اللائحة على تأمين الحاصل الانتخابي، خلافا لكل الادعاءات، نافية التراجع عن الاسماء التي طرحتها ان في المتن او في جبل لبنان. اما عن التحالف مع الاشتراكي، فأفادت ان النائب نعمة طعمة الذي زار معراب امس نقل رسائل وصفتها بالجيدة والايجابية، عكست حرصا متبادلا على بلوغ مرحلة التحالف، على رغم وجود حرص مماثل على التحالف مع التيار الوطني الحر. واكدت ان القرار بإعلان ترشيحات زحلة سيتخذ خلال ساعات، كاشفة انها ستتضمن اسماء جديدة.
عون: التحكيم الدولي
وعلى صعيد آخر، 
أوضحت مصادر مطلعة لصحيفة اللواء أن ما ذكره رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لقناة السومرية بشأن اللجوء إلى التحكيم الدولي في ملف النفط قد يشكل أحد المخارج إلا أنه لا بد من أن يحظى بموافقة الطرفين،إذ لا يمكن أن يسير اذا قبل به طرف ورفضه الآخر . وأشارت المصادر إلى أن هذا الطرح فكرة ومن غير المعروف ما إذا كان سيتم اللجوء إليه.
وكان الرئيس عون أكّد في حديثه مع قناة «السومرية» العراقية أن الوضع الحالي لا يسمح لإسرائيل ان تتخطى الحدود لان هناك قرارا لبنانيا بالدفاع عن هذه الحدود برا وبحرا».
وأشار إلى أنه أثار أمام وزير الخارجية الاميركية ريكس تيليرسون مشكلة النزاع مع اسرائيل حول حدود لبنان البحرية والبرية، وأوضح له أن «لدى لبنان خرائط تعود الى عشرينات القرن الماضي تثبت حقوقه بأرضه وهي موجودة بيد العالم بأسره، ولا يمكن التلاعب بها»، معتبرا ان «ما تطالب به اسرائيل في هذا السياق يؤدي الى خسارة هذه الحقوق»، مطالبا اياها باللجوء الى التحكيم، « والا قد تكون النتائج مأساوية واسرائيل تدرك ما معنى ان نصل لهذه النتائج».
وعن حل النزاع حول الحدود البحرية، اعتبر انه «يمكن اللجوء الى طرف ثالث خبير في مثل هذه النزاعات تحت رعاية الامم المتحدة، لتحديد الحدود والبت في هذه المشكلة».
وقال ساترفيلد (B.C.I) حول موضوع البلوكات 9: ان مرحلة الاستكشاف تختلف عن الحفر والانتاج، لأن الأمر يتطلب تسويات دولية، كما سأل عمّا إذا كانت الشركات التي ستشارك أميركية.
وفي السياق ذاته، أوضح رئيس لجنة الاشغال العامة والطاقة النائب محمّد قباني ان «الخبير الوحيد في ترسيم الحدود المائية الذي نقبل به هو الأمم المتحدة، وليس الولايات المتحدة»، مشددا على ان «لبنان متأكد من حدوده، لكنه يأمل ان تتبنى الأمم المتحدة هذا التأكيد»، قائلاً» «خرائطنا واضحة وثابتة، وفضلا عن ذلك هناك وثائق تظهر ان حدود لبنان مع فلسطين التي وضعت أثناء الانتدابين الفرنسي والبريطاني، هي 1800 متر جنوبي النقطة B1».
منع «المبادرة الوطنية»
إلى لك، شكل منع حركة «المبادرة الوطنية» من عقد مؤتمرها العام الذي كان مقررا اليوم في فندق «مونرو» أوّل إشارة سلبية إلى حيادية السلطة تجاه الانتخابات النيابية، خصوصا وان الغاء المؤتمر من قبل الحركة جاء نتيجة ضغوطات سياسية استخدمت جهات أمنية تمنت على إدارة الفندق إلغاء الحفل، بحسب ما أعلنت الحركة في بيان اعتبر ان إلغاء المؤتمر مؤشر خطير على تراجع الحريات واستمالة السلطة في سعيها لاسكات أي معارضة ترفع شعار السيادة والاستقلال.
وتقرر ان يعقد كل من النائب السابق الدكتور فارس سعيد والمفكر الإسلامي رضوان السيّد مؤتمرا صحفيا ظهر اليوم في مكتب سعيد في الأشرفية لاعلان الموقف اللازم من منع الحركة عقد مؤتمرها والذي كان يتوقع ان يُشارك فيه نحو ألف مدعو من كل المناطق اللبنانية، وهو ما استنكره ايضا كل من اللواء اشرف ريفي وعضو الهيئة التأسيسية للمبادرة والمرشح عن دائرة كسروان - جبيل نوفل ضو.