منذ شهر واكثر تتداول الأوساط السياسية والأحزاب اللبنانية والوزراء معلومات منها المُعلن ومنها السرية، تتعلق باستقالة الرئيس سعد الحريري في الرياض في السعودية، إضافة الى بعض الاتهامات، إضافة مثلا الى عدم حصول اجتماع بين الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع، إضافة الى عدم تواصل حزب الكتائب مع تيار المستقبل، إضافة لالتزام الرئيس نبيه بري بالصمت رغم معرفته بأسرار كثيرة. اما بالنسبة الى حزب الله فهو يعرف الاسرار لكنه لا يقترب منها ويحفظها لذاته، ويعلن سياسة الإيجابية تجاه رئيس الحكومة الرئيس سعد الحريري دون ان يتدخل في أي تفصيل يتعلق بعودته عن الاستقالة وغيرها، بل اكتفى حزب الله بالالتزام بالبيان الصادر عن مجلس الوزراء والذي ذكر النأي بالنفس وعدم الدخول في الصراعات الإقليمية والتدخل في شؤون الدول العربية.
لكن بعد تفاعل الشعب اللبناني كله حول سبب إخفاء هذه الاسرار عنه، ومبادرة شخصيات كثيرة الى التلميح عن خلافات بين الأحزاب وبين جهات، سواء لناحية ما بين التيار الوطني الحر وحزب القوات، كذلك أيضا ابتعاد التيار الوطني الحر في شكل كامل عن حزب الكتائب، ثم تبادل اتهامات على خطوط التواصل الاجتماعي ما بين مواطنين لبنانيين حول موقف حزب القوات ودور الدكتور سمير جعجع اثناء زيارته الى السعودية، ام بالنسبة الى الرئيس سعد الحريري الذي التزم الصمت ولم يقل شيئا الى الشعب اللبناني عما حصل معه في غيابه لمدة 14 يوما في السعودية.

 الموقفان الاميركي والفرنسي  الداعمان لحرية الحريري 

الأمور المعروفة والتي نشرتها الصحف الدولية واهمها نيويورك تايمز الأميركية، ان الرئيس الأميركي ترامب اوعز الى وزير الخارجية الأميركي تيلرسون الاتصال بالمملكة العربية السعودية وإبلاغ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ترك حرية الرئيس سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية كي يعود الى لبنان ويأخذ قراره على الساحة اللبنانية، إضافة الى ان فرنسا تحركت بشكل مباشر وقام الرئيس الفرنسي ماكرون بالتنسيق مع واشنطن بزيارة السعودية لمدة ساعتين فقط والاجتماع في مطار الرياض بولي العهد السعودي محمد بن سلمان وابلاغه ان الاتحاد الأوروبي وأميركا لن تقبل ببقاء الرئيس سعد الحريري في السعودية في هذا الشكل الغامض، وان فرنسا تصر على ان يأتي الرئيس سعد الحريري الى باريس ومنها يعود الى بيروت.
وكان العنوان الحفاظ على الاستقرار في لبنان، وإبقاء التسوية السياسية القائمة فيه على أساس انتخاب الرئيس ميشال عون رئيسا للجمهورية وتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة وترؤسها، إضافة الى وجود التمثيل الشيعي عبر رئاسة مجلس النواب والرئيس نبيه بري.

 سر استدعاء الحريري يعرفه سامي الجميل ولن يبوح به 

لكن السر حول السبب السريع لاستدعاء السعودية الى الرئيس سعد الحريري يعرف جزءا كبيرا منه النائب سامي الجميل، لكنه يتكتم ولم يدل بأي تصريح ولا أي إشارة في اتجاه هذا الموضوع، رغم ان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل معروف عنه شجاعته واعلانه الأمور بصراحة وعفوية مباشرة الى الناس، لكن لدقة الأمور ولان هنالك اسراراً قد تؤدّي الى خريطة سياسية جديدة على الساحة اللبنانية التزم النائب سامي الجميل رئيس حزب الكتائب الصمت المطلق. 
اما رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع فالتزم الصمت الكامل، وهو على حلف كبير بينه وبين الرئيس سعد الحريري، والرجلان الحريري وجعجع تربطهما علاقة تحالف وعلاقة مواقف مشتركة وعلاقة خطة سياسية متكاملة. لكن ما هو سبب التزام الدكتور جعجع بالصمت الكامل، فان الجواب ليس موجودا، الا انه اذا تم اعلان المواقف والاسرار، فان الخريطة السياسية في لبنان ستتغير كليا. 

 صمت جعجع 

وزاد صمت الدكتور سمير جعجع قائد القوات اللبنانية طلب الشعب اللبناني معرفة حقيقة ما جرى، سواء على مستوى استقالة رئيس الحكومة وعودته عنها، ام بالنسبة الى موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وما حصل بين رئيس جمهورية لبنان ورؤساء دول العالم حول هذا الامر. 
كما ان الاعلام السعودي أتت اليه إشارة ربما لانه لم يعد يذكر اسم الرئيس سعد الحريري بأي شكل من الاشكال، ورغم ان الصحف السعودية وتلفزيون العربية والحدث السعوديين تنشر اخبار عن لبنان وعن العالم العربي والاخبار الدولية، فانها امتنعت كليا عن ذكر اسم الرئيس سعد الحريري كليا، وتجاهلت عودته عن الاستقالة، كذلك تجاهلت انعقاد مجلس الوزراء اللبناني وصدور القرار بالنأي بالنفس وعدم التدخل في الصراعات العربية والشؤون الداخلية للدول العربية.

 الاعلام السعودي يتجاهل  كلياً تحركات الحريري 

ولم يأت اثناء نشرات الاخبار في محطة العربية السعودية والحدث، كذلك في التلفزيون السعودي الرسمي، ولا في الصحف السعودية مثل الحياة والشرق الأوسط او موقع ايلاف الالكتروني أي ذكر عن اجتماع الحكومة اللبنانية وعودة الرئيس سعد الحريري عن استقالته. وهذا ما زاد في الأمور غموضا، الى ان تم الإعلان عبر شعار ظهر في وسائل الاعلام ان الرئيس سعد الحريري سيبقّ البحصة يوم الخميس - أي اليوم -، وعندها انتظر اللبنانيون كلهم مقابلة الرئيس سعد الحريري التلفزيونية التي قيل انه سيبقّ البحصة فيها، وهو كان مستعدا لذلك. وإذ فجأة تم الإعلان عن الغاء الحلقة التلفزيونية وعدم ظهور الرئيس سعد الحريري على الشاشة وإعلان ما لديه من معلومات وهو الأكثر ما يعرف عما حصل ويعرف من الاسرار الكثيرة عما جرى معه في السعودية، واستقالته هناك، ومهاجمة ايران واذرعها في المنطقة ويعني بذلك بالنسبة الى لبنان حزب الله، ثم انتقاله الى فرنسا واجراء محادثات مع الرئيس الفرنسي ماكرون بشكل مكثف، ولمدة ساعات، وعلى مدى زيارتين، في قصر الاليزيه حيث اجتمع بالرئيس الفرنسي ماكرون، والمعروف ان الرئيس الفرنسي ماكرون هو شخصية عالمية لا تكتفي بمعلومات فرنسا وأوروبا فقط، بل كان مرشحا للرئاسة لانه يعلم في السياسة الأميركية في العمق، ويعرف بوضع الخليج العربي من خلال خبرته الاقتصادية الكبيرة وشركات النفط العملاقة في الخليج العربي وخاصة شركة أرامكو السعودية، إضافة الى معرفته بحجم الاقتصاد القطري والكويتي وخاصة القطري الذي بلغ الاف المليارات نتيجة ثروة الغاز الكبرى في قطر. كذلك فان الرئيس الفرنسي ماكرون يعرف السياسة الإسرائيلية ويعرف لبنان تماما، ويعرف اخبار سوريا والعراق وغيرها. ولذلك فان وصوله الى الرئاسة لم يكن صدفة، بل وصل بدعم قوى فرنسية وعالمية كبرى لانها تريد ان يلعب رئيس فرنسا دورا هاما بعدما كان الرئيس الفرنسي السابق هولاند يلعب دورا صغيراً وليس بحجم كبير على مستوى العالم وأوروبا وأميركا والشرق الأوسط واسيا.

 اجتماع ماكرون والرئيس الحريري  والاحتفاط بالسر الكبير 

وعبر اجتماع ماكرون والرئيس الحريري، قال الرئيس سعد الحريري سره الى الرئيس الفرنسي ماكرون، ويعرف الرئيس سعد الحريري تماما ان الرئيس الفرنسي ماكرون سيحتفظ لنفسه بهذه المعلومات، وانه حتى لن يعطيها للأجهزة الأمنية الفرنسية او لوزير خارجية فرنسا بل سيبقي السر لديه وحده. وعلم الرئيس الفرنسي ماكرون ما جرى مع الرئيس سعد الحريري إضافة الى معلومات أخرى جاءته من جهاز المخابرات الفرنسي كذلك ما جاءه من معلومات من جهاز المخابرات الفرنسية عما حصل في لبنان اثناء غياب الرئيس سعد الحريري والوضع المتأزم وعدم الاستقرار في لبنان.
وحصل اتفاق تاريخي بين الرئيس الفرنسي ماكرون والرئيس سعد الحريري، وابقى الرئيس سعد الحريري السر كاملا لديه، بل اطلع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على جزء هام من الاتفاق التاريخي مع الرئيس ماكرون، دون ان يطلع كامل المعلومات الى رئيس الجمهورية، واطلع الرئيس نبيه بري أيضا على جزء من اتفاقه التاريخي مع الرئيس الفرنسي ماكرون، وابقى القسم الأكبر لديه انما قال للوزير وليد جنبلاط بعض الاسرار انما احتفظ لنفسه بأسرار ما جرى معه في فرنسا مع الرئيس الفرنسي ماكرون، لكنه قال امام الوزير جنبلاط ما جرى معه في السعودية ولكن بشكل جزئي، وليس كاملا.
لو قام الرئيس سعد الحريري كما تم الإعلان ببق البحصة، لكانت هذه البحصة قد وقعت في بحر من الزيت وامتدت دوائرها من لبنان الى باريس الى السعودية الى واشنطن والاهم ان هذه البحصة كانت سترسل بقعة كبيرة على الساحة اللبنانية وتحرج أحزاباً لبنانية واطرافاً لبنانية وقيادات لبنانية الى حد كبير.
كما ان حزب الله اذا حصل على السر العميق لدى الرئيس سعد الحريري، فسيمتلك حزب الله ورقة هامة، اما الرئيس نبيه بري فكان التزم الصمت لانه يعمل على ان يكون موقع رئيس مجلس النواب في موقع المستقل والمرافق للاستقرار والتسوية في لبنان، دون هزّ الأمور او حصول أي اهتزاز للتسوية والاستقرار.
انما البحصة التي كان سيبقّها الرئيس سعد الحريري كانت ستضع اطرافاً سنيّة وأسماء في تيار المستقبل وأحزاب مسيحية وتؤثر على العلاقة مع حزب الله، سلبيا ام إيجابيا لكن البعض يعتبر انها ستكون إيجابية. إضافة الى انها ستلامس خط التحالف التاريخي في باريس بين الرئيس الفرنسي ماكرون و الرئيس سعد الحريري.

 فرنسا لا تقبل الا باستمرار  الحريري رئىساً للحكومة 

واذا ذكرنا معلومة بسيطة عن الاتفاق التاريخي بين الرئيس الفرنسي ماكرون والرئيس سعد الحريري وهي جزء بسيط من الاتفاق التاريخي والاستراتيجي الذي حصل بين رئيس جمهورية فرنسا ورئيس مجلس وزراء لبنان، فان فرنسا لن تقبل ابدا الا باستمرار الرئيس سعد الحريري لمدة 5 سنوات المقبلة في ولاية الرئيس اللبناني العماد ميشال عون، ومدة ولاية الرئيس الفرنسي ماكرون. ولكن هذا لا يعني فقط انه بعد 5 سنوات سيتوقف الرئيس سعد الحريري عن الترشح للحكومات المقبلة، ويكون أحيانا خارج رئاسة الحكومة ويأتي الرئيس نجيب ميقاتي لفترة، انما في المدى المنظور لمدة 5 سنوات، فان الرئيس الفرنسي ماكرون سيضع كل ثقل فرنسا لاستمرار الرئيس سعد الحريري طيلة ولاية الرئيس العماد ميشال عون، وضمن اتفاق ما بين الرئيس الفرنسي ماكرون والرئيس اللبناني العماد ميشال عون الذي يوافق على هذا الامر كليا.
انما هذه هي معلومة بسيطة عن الاتفاق الاستراتيجي والتاريخي الذي حصل بين الرئيس سعد الحريري والرئيس الفرنسي ماكرون.
اما الرئيس سعد الحريري في المستقبل فيعرف تماماً ان التطبيع السعودي الذي بدأ يظهر بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل سيحرجه كثيرا كرئيس لمجلس الوزراء اللبناني حيث ان لبنان في حالة حرب مع إسرائيل وبين لبنان وإسرائيل اتفاق هدنة، أي وقف القتال وعقد معاهدة هدنة مستمرة منذ عام 1942 وحتى اليوم، وعلى أساس اتفاق الهدنة صدر القرار 1701، واقره مجلس الامن الدولي دون مفاوضات لبنانية - إسرائيلية مباشرة او غير مباشرة.

 جنبلاط يعرف الكثير من الاسرار 

هل يبقّ جزءاً من البحصة النائب سامي الجميل، هل يظهر فجأة الدكتور سمير جعجع ويقول بعض الكلام، ام اللواء اشرف ريفي ام وزير الداخلية نهاد المشنوق ام يفاجىء الجميع الوزير وليد جنبلاط ويعلن اسرارا هامة، لانه بواقع شخصيته وتصريحاته يصل الى جرأة كبيرة فيعلن فجأة معلومات واسرار ما حصل لانه حتى لو لم يطلعه الرئيس سعد الحريري للوزير وليد جنبلاط على اسرار اتفاقه الاستراتيجي مع الرئيس الفرنسي ماكرون فان الوزير جنبلاط خبير جدا بالسياسة الفرنسية والأميركية ويعرف اسراراً اكثر من اسرار الرئيس سعد الحريري. 
اما بالنسبة الى رئيس الجمهورية فسيلتزم الصمت من موقع كونه في المركز الأول للدولة اللبنانية ولا مجال لان يتحدث في اسرار بل يبقى الرئيس والحكم ويحتفظ بالاسرار العليا للدولة اللبنانية.
رغم ان الرئيس سعد الحريري تم الإعلان عن لسانه او ظهوره في الاعلام انه سيبقّ البحصة، فان «الديار» تعلم تماما ان الرئيس سعد الحريري لن يبقّ البحصة ابدا لا اليوم ولا بعد سنة ولا بعد 10 سنوات. 
و«الديار» بما تملك من معلومات جمعتها من الرياض في السعودية ومن باريس ومن أعضاء في تيار المستقبل بصورة سرية، إضافة الى قيادات هامة في البلاد، إضافة الى تركيزها على كامل الملف، تؤكد انه لم يتم من قبل احد بقّ البحصة الحقيقية في شكل كامل.