لأنّ المتضررين من مسيرة النهوض بالدولة يستسيغون استنساخ «راجح» جديد كل فينة وأخرى يروّعون به ويروّجون عبره لمؤامرات خارجية تتربص بأمن البلد وكيانه، ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يتعرض فيها اللبنانيون لمحاولات مركّزة وحملات ممنهجة من التخويف والترهيب تحت عناوين تحاكي هواجس واقعية وأخرى مختلقة تسعى في جوهرها إلى زعزعة الثقة بقدرة لبنان على التصدي والصمود في وجه التحديات الراهنة والداهمة. فبعد تحوير التنبيهات الديبلوماسية الأجنبية عن سياقها الاحترازي وتحويلها إلى «بعبع» أمني على وشك ابتلاع الاستقرار اللبناني وكأن لا دولة ولا جيش ولا أجهزة عاملة ليل نهار على تثبيت الأمن في البلد، عادت «فزاعة» التوطين لتطل برأسها على الساحة الوطنية خلال الساعات الأخيرة تحت وطأة ما تعرضت له مقاربة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لملف النازحين من إغراق واستغراق في التحليل والتأويل الداخلي

إلى درجة بدا معها التوطين أمراً واقعاً لا محالة وكأن لا دستور ولا سيادة ولا سياسة في البلد. غير أنّ نظرةً متأنية ومسؤولة في المشهد الوطني، تؤكد بالواقع المشهود أنّ أمن لبنان ممسوك ومتماسك على كافة الجبهات، ودستوره كفيل بأن يبقيه وطناً عصياً على أي تقسيم أو توطين.

وفي هذ الإطار، كانت الدولة بذراعيها التشريعية والتنفيذية حريصة على تثبيت هذه الصورة بالأمس سواءً من خلال تذكير المجلس النيابي على لسان رئيسه نبيه بري بمقدمة الدستور «غير القابلة للتعديل» والتي تنصّ في الفقرة «ط» على أنّ «أرض لبنان واحدة ولكل لبناني، فلا فرز للشعب ولا تجزئة ولا توطين ولا تقسيم»، أو عبر تشديد مجلس الوزراء على لسان رئيسه سعد الحريري أنّ أحداً لا يستطيع فرض توطين اللاجئين على اللبنانيين، قائلاً: «لدينا دستورنا وسيادتنا، والأميركيون وغيرهم يعرفون ماذا يعني هذا الموضوع بالنسبة إلينا»، لافتاً الانتباه إلى أنّ «ما قيل في الأمم المتحدة هو موقف سياسي لا يجبر أحداً على العمل به ولا يُلزمنا وليس هناك قرار دولي بهذا الشأن»، مع الإعراب عن ثقته في هذا المجال بأنّ «أي قرار دولي مماثل لن يصدر ولا داعي لإعطاء الموضوع أكبر من حجمه». وعن الوضع الأمني، طمأن الحريري اللبنانيين وكل المقيمين والوافدين إلى أنّه ممسوك وأنّ «الجيش وجميع الأجهزة الأمنية على أتم الاستعداد والاستنفار».

جلسات المحافظات

على صعيد آخر، وفي إطار مواكبتها لجلسات مجلس الوزراء المنوي عقدها تباعاً في المحافظات بدءاً من الشمال في الثامن والعشرين من الجاري، تبدأ «المستقبل» اعتباراً من بعد غد السبت في نشر ملف يتناول المشاريع الإنمائية المُقترحة التي ستُناقش خلال جلسات المجلس بين أيلول 2017 وكانون الثاني 2018، وذلك بعد أن عقدت اللجنة الفنية لتنسيق الخدمات الضرورية في المحافظات التي شكلها رئيس الحكومة سعد الحريري، 12 جلسة في السراي الحكومي، على مدى ثلاثة أشهر، شملت أكثر من 52 ساعة اجتماعات، تحضيراً لأكبر خطة عمل للخدمات الأساسية في لبنان.

وحصلت اجتماعات اللجنة الفنية على مرحلتين إذ شارك في المرحلة الأولى ممثلون للوزارات والمناطق على مستوى بلديات ومخاتير وقائمقامين ومحافظين، حيث تمثلت أكثر من 1100 بلدية وحضر 24 قائمقاماً. أما في المرحلة الثانية، فكانت الاجتماعات مخصصة للمحافظين والقائمقامين مع ممثلي الوزارات ومجلس الإنماء والإعمار لترتيب الطلبات ومطابقتها مع خطط الوزارات. وقسمت المشاريع إلى 3 مجموعات: المجموعة 1: المحلية والتي تقع ضمن نطاق البلديات والتي ستُطرح للتمويل من قبل الجهات التي تهتم بتمويل المشاريع الصغرى. 

المجموعة 2: المشاريع الكبرى التي تدخل ضمن الخطة الاستثمارية الوطنية التي ستُطرح للتمويل من قبل الصناديق الدولية. 

المجموعة 3: المشاريع العالقة ضمن إجراءات الوزارات والتي تتطلب تسريعاً أو اتخاذ قرارات والتي ستُطرح على طاولة مجلس الوزراء الذي سيُعقد في المحافظات.

وتنعقد الجلسات المقترحة في المحافظات، تباعاً، في محافظة الشمال في ٢٠١٧/٠٩/٢٨، محافظة بعلبك – الهرمل في ٢٠١٧/١٠/١٩، محافظة النبطية في٢٠١٧/١٠/٢٦، محافظة البقاع في ٢٠١٧/١١/١٦، محافظة عكار في ٢٠١٧/١١/٣٠، محافظة الجنوب في٢٠١٧/١٢/١٤، محافظة جبل لبنان في ٢٠١٨/٠١/١١، محافظة مدينة بيروت في ٢٠١٨/٠١/٢٥.