قبل واثناء وبعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام، ارتفعت اعتراضات رئاسية، ومؤسساتية، وقضائية ونقابية وحزبية وتربوية محذرة من مخاطر تطال إنجازات القضاة وأساتذة الجامعة في الصناديق الضامنة، ومن ارتفاع أقساط المدارس الخاصة، فضلاً عن ارتفاع الأسعار بعد زيادة ضريبة TVA، وصولاً إلى رفع الفوائد على الودائع والقروض والاستدانة، مما يرفع من حجم التضخم، وتتآكل معه الزيادات المقترحة والمقرّة.
والأبرز على هذا الصعيد، دعوة الرئيس ميشال عون إلى بذل جهد إضافي لتصحيح بعض النقاط الواردة في السلسلة، مشيراً إلى ان أي دولة لن تتمكن «من دعم عملتها الوطنية من خلال زيادة نسبة الدين العام».
وقال الرئيس عون كان «من الأفضل إقرار الموازنة، ومن بعدها سلسلة الرتب والرواتب بعد تحديد موارد تمويلها».
على ان الأخطر، التدبير الذي لجأ إليه مجلس القضاء الأعلى بدعوة القضاة العدليين إلى الاعتكاف عن العمل القضائي، باستثناء قضايا الموقوفين اعتباراً من صباح اليوم، إلى حين اجراء المعالجة التشريعية، لا سيما في ما يتعلق بـ«تجاوز راتب الموظف راتب القاضي، وعدم الأخذ في ما خص صندوق تعاضد القضاة»، مطالباً الرؤساء عون ونبيه برّي وسعد الحريري لاجراء المعالجة المطلوبة.
وأعلنت الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الإضراب التحذيري اليوم الخميس وغداً الجمعة، وعقد اجتماع طارئ لمجلس المندوبين، ومؤتمر صحفي غداً دفاعاً عن صندوق تعاضد أفراد الهيئة التعليمية، مشددين انهم «لن يسمحوا بتمرير أي قانون أو مرسوم يحرمهم من حقوقهم المكتسبة».
ووصف رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس يوم 19 تموز باليوم الحزين، مشبهاً ما حصل «باتفاقية القاهرة»، واصفاً ما حصل أيضاً بـ«حفلة جنون ضرائبية وضعت الاقتصاد على حافة الانهيار، من زاوية الضغط الضريبي الذي طاول 29 ضريبة».
وستدعى الهيئات الاقتصادية إلى اجتماع عاجل لبحث الوضع في ضوء النسبة الضريبية المرتفعة.
الحريري يلتقي ترامب الثلاثاء
وبعد إقرار السلسلة، أمضى الرئيس الحريري 24 ساعة خارج لبنان، حيث اضطر إلى مغادرة الجلسة التشريعية، الأمر الذي حمل الرئيس برّي على رفعها، لأنه لن يستمر في جلسة لا يكون رئيس الحكومة حاضراً فيها.
ويشارك الرئيس الحريري في جلسة مجلس الوزراء التي تعقد في القصر الجمهوري، وعلى جدول أعمالها إقرار مشروع التشكيلات الدبلوماسية حيث سيعين سفير لبنان في اسطنبول هاني شميطلي مديراً عاماً للخارجية.
وبعد الجلسة، أو في اليوم التالي يغادر الرئيس الحريري على رأس وفد يضم الوزير جبران باسيل، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وتردد انه سيكون في عداده ضابط كبير أيضاً إلى الولايات المتحدة، حيث سيجري محادثات مع كبار المسؤولين في الإدارة ومجلس الشيوخ والنواب.
وعلمت «اللواء» ان الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيستقبل الرئيس الحريري والوفد في البيت الأبيض الثلاثاء، للاستماع منه إلى الوضع في لبنان، وما يطلبه هذا البلد من الإدارة الجديدة.
وسيؤكد الرئيس الحريري تمسك لبنان بمحاربة الإرهاب، والتزامه بالقرارات الدولية، مطالباً بعدم فرض عقوبات مالية تؤثر سلباً على المؤسسات المالية اللبنانية، من دون ان يكون لبنان معنياً بسياسات حزب الله ودوره العسكري في سوريا.
جلسة السلسلة
وبالعودة إلى مجريات جلسة سلسلة الرتب والرواتب، وتبعاً لمحصلة الجلسة السابقة، بدأت الجلسة ببحث مشروع تمويل السلسلة، انطلاقاً من المادة العاشرة، من دون ان يكترث النواب لصراخ رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، الذي كان نجم جلسة آذار، وحاول في جلسة أمس إثبات حضوره من خلال الاعتراض على غالبية بنود المشروع، واصفاً ما يجري بأنه «هرطقة دستورية»، مطالباً بأن يكون التصويت بالمناداة بالأسماء وليس برفع الأيدي، بحيث لم يعرف من مع من ومن وافق ومن اعترض، وانتهى به الاعتراض إلى التهديد بتقديم طعن بالقانون إذا توفّر له خمسة نواب إضافة إلى نواب الكتائب الخمسة.
غير ان هذا المشهد، لم ينف ان الجلسة تخللها نقاش مالي – اقتصادي، حيث حاول كل فريق سياسي إظهار نفسه انه الأحرص على الخزينة وعلى جيوب النّاس، رغم ان غالبية المواد الضريبية أقرّت دون تعديلات جوهرية، فيما كانت للرئيس الحريري محطة كلام، اعتبر فيها ان الكلام عن ان هناك اشخاصاً مع الفقراء وآخرين مع الاغنياء مرفوض، في حين أكّد الرئيس برّي ان هذه الضرائب ستذهب إلى الخزينة لتنفيذ مشاريع، وأن السلسلة سيبدأ دفعها بعد شهر من الآن، بغض النظر عمّا إذا كانت قد أقرّت الموازنة العامة أم لم تقر، وشدّد على اننا لا نفرض ضرائب على الطبقات الوسطى والفقيرة، قاطعاً بذلك الطريق على محاولة تصوير البعض نفسه بأنه «لا ينام وهناك جائع».
اما أبرز المواد التي أخذت حيزاً من النقاش فكانت المادة 13 المتعلقة بالاشغال غير القانوني للاملاك البحرية، حيث اعتبر بعض النواب ان الغرامة بمثابة مكافأة المعتدين على هذه الأملاك، ما استدعى توضيحاً من وزير المال علي حسن خليل أكّد فيه «اننا لسنا في صدد تسوية المخالفات بل في صدد فرض غرامة مالية من دون اعطائهم أي حق مكتسب»، فيما رأى الرئيس الحريري ان هذه الخطوة كان يجب ان تحصل من 20 عاماً.
وقدرت مصادر نيابية بأن هذه الغرامات يمكن ان توفّر للخزينة نحو 100 مليون دولار سنوياً.
وإلى هذه المادة، خاض الرئيس فؤاد السنيورة نقاشاً واسعاً متشعباً حول تخفيض الرسوم على إعادة التخمين في المؤسسات والمصارف الخاضعة بطريقة التكليف بالربح الحقيقي، من 15 في المائة إلى خمسة، فاعترض نواب «حزب الله» و«اللقاء الديمقراطي» مطالبين بإبقائها كما هي، لكن الرئيس برّي اقترح ان تكون 12 في المائة، وانتهى النقاش على غرامة بنسبة 10 في المائة.
وخلال الجلسة، أقرت كل الضرائب المتعلقة بهذا الملف، بحيث لفت برّي إلى ان «الضرائب التي ستقر ستدخل إلى خزينة الدولة لتنفيذ المشاريع».
كما تمّ إقرار قانون الاشغال غير القانوني للاملاك البحرية وهو يوفّر نحو 100 مليون دولار سنوياً، إلى جانب إقرار الرسوم الضريبية على المسافرين عبر الجو، وهي 60 ألف ليرة للدرجة السياحية و110 آلاف لدرجة رجال الأعمال و150 ألف للدرجة الأولى و400 ألف لمن يسافر على متن طائرة خاصة.
واقر المجلس أيضاً الضرائب على شركات الأموال والشركات المسجلة في البورصة، وعلى الودائع المصرفية.
وفيما يلي الضرائب التي اقرها مجلس النواب لتمويل السلسلة:
– إقرار المادة 10 بتعديل نصها لناحية فرض رسم 5000 ليرة على المسافرين غير اللبنانيين لدى دخولهم الاراضي اللبنانية.
– اقرار المادة 11 بالغاء الرسوم على بطاقة السفر السياحية وابقاء الرسوم بقيمتها الحالية اي 60000 ليرة.
-اقرار المادة 12 المتعلقة بزيادة رسم مقطوع على كل مستوعب يدخل المرفأ.
– إقرار المادة 13 المتعلقة بفرض غرامات على الأملاك العمومية البحرية وهي تدر حوالي مئة مليون دولار سنويًّا.
-اقرار المادة 14 المتعلقة بإخضاع جوائز اليانصيب لرسم نسبي قدره 20 بالمئة من قيمة الجوائز والبدء بمناقشة المادة 15 المتعلقة بقانون ضريبة الدخل.
– إقرار المادة 15 مع الإبقاء على نسبة التخمين على الشركات والمؤسسات الخاصة 10 بالمئة.
– اقرار المادة 16 لناحية فرض رسم على عقود البيع العقاري بنسبة 2 بالمئة.
– اقرار المادة 17 لناحية فرض ضريبة قدرها 17 بالمئة على ارباح شركات الاموال.
-اقرار المادة 18 والتي بموجبها ألغي العفو الذي كانت تحظى به بعض شركات الاموال المسجلة بالبورصة بنسبة 5 بالمئة وعادت الضريبة الى 10 بالمئة.
وفيما رفع الرئيس برّي الجلسة من دون تحديد موعد آخر لها، رغم انه كان على جدول الأعمال أكثر من 28 بنداً، لوحظ ان الرئيس ميشال عون كشف لوفد اعلامي اقتصادي انه كان يفضل إقرار الموازنة ومن بعدها السلسلة، بعد تحديد موارد تمويلها، لافتاً إلى ان الجميع يفتش اليوم عن ايرادات لتمويل هذه السلسلة في وقت كان من الأفضل ان تؤمن الإيرادات مسبقاً.
تداعيات السلسلة
اما أول تداعيات السلسلة فكان رفض مجلس القضاء الأعلى المس بصندوق تعاضد القضاة في مشروع تمويل السلسلة، ودعا القضاة العدليين إلى الاعتكاف عن العمل القضائي باستثناء النظر في قضايا الموقوفين اعتباراً من صباح اليوم إلى حين اجراء المعالجة التشريعية.
واللافت في هذا السياق، هو الزيادات الكبيرة التي ستطرأ على الرواتب والأجور بنسب تصل إلى حدود 100 في المائة.
وعلى سبيل المثال، فإن راتب القاضي من درجة 22 يبلغ حالياً مليونين ومائة ألف ليرة، سيصل بعد إقرار السلسلة إلى أربعة ملايين و100 ألف ليرة، اما راتب أساتذة الجامعة، فإن الأستاذ الذي يبلغ راتبه حالياً مليونين و75 ألف ليرة سيصل إلى ثلاثة ملايين و700 ألف ليرة، واستاذ المدرسة من الدرجة الأخيرة أي الأعلى سيصل راتبه إلى خمسة ملايين و297 ألف ليرة، بعد ان كان ثلاثة ملايين و360 ألف ليرة.
وبالنسبة لموظفي الفئة الأولى، فإن راتب المدير العام الذي هو حالياً 4 ملايين و905 آلاف ليرة سيصبح تسعة ملايين و85 ألف ليرة.
وموظفو الفئة الثانية من مليوني و681 ألف ليرة إلى 6 ملايين و700 ألف ليرة، والفئة الثالثة من مليونين و83 ألف ليرة إلى 4 ملايين و415 ألف ليرة، والفئة الرابعة من مليون و740 ألف ليرة إلى 2 مليون و442 ألف ليرة.
اما بالنسبة للعسكريين، فإن راتب الجندي الذي يبلغ حالياً 655 ألف ليرة سيبصح بعد السلسلة 982 ألف ليرة، والرتيب من 756 ألف ليرة إلى مليون و187 ألف ليرة والملازم من مليون و250 ألف ليرة إلى مليون و500 ألف ليرة، والرائد من 2 مليون و242 الفاً إلى 3 مليون و723 ألف ليرة، وسيصبح راتب العميد 4 ملايين و930 ألف ليرة بعد ان كان حالياً 3 ملايين و268 ألف ليرة.
مجلس الوزراء
إلى ذلك، يعقد مجلس الوزراء جلسة عادية برئاسة الرئيس عون في قصر بعبدا، يتوقع ان تقر التشكيلات الدبلوماسية التي رفعها وزير الخارجية جبران باسيل، وادرجت تحت البند رقم 36 في جدول الأعمال، الذي خلا من أي إشارة إلى آلية التعيينات، ولا إلى قضية تعيين مجلس إدارة تلفزيون لبنان، فيما حمل البند رقم 16 عنوان قضية معقدة تتعلق بوضع المدير العام للتعاونيات غلوريا أبو زيد في ضوء عرض وزير الزراعة غازي زعيتر طلب تعيين مدير عام جديد بدلاً من أبو زيد التي كانت اعترضت على منحها إجازة مفتوحة.
وأوضح زعيتر لـ«اللــواء» انه رفع ملفاً متكاملاً وموثقاً في ما خص وضع أبوزيد، نافياً وجود أي منازلة بينه وبينها، لافتاً في الوقت عينه إلى اشكالية في مرسوم تعيينها، بما يفترض أن تكون المنازلة بينها وبين القانون.
وإذ نفى زعيتر وجود أي خلاف شخصي مع أبوزيد، كشف انه في الملف الذي أرسله في شهر آذار الماضي اقترح إعادتها إلى المشروع الأخضر. ولم يشأ التأكيد ما إذا كان كرر هذا الاقتراح. كما تحفظ عن ذكر الاسم الذي اقترحه لتعيين بديل عنها، داعيا إلى انتظار ما سيتقرر في شأن هذا الملف. وأعاد القول: القرار يتخذ في مجلس الوزراء .
وعلمت «اللــواء» ان الاسم المقترح من آل عون ويشغل منصب رئيس دائرة في الوزارة.
التعيينات الدبلوماسية
وفي ما خص التعيينات الدبلوماسية، أوضح مصدر وزاري لـ«اللــواء» ان جدول الاعمال الذي وزّع على الوزراء لم يتضمن الأسماء المقترحة للتعيينات، رافضاً هذا الأمر حتى ولو كانت الأسماء متفقاً عليها من قبل القيادات السياسية، لكنه أشار إلى ان الأصول تقضي باطلاع الوزراء على ما يتضمنه هذا البند من أسماء للمواقع الدبلوماسية.
وأسف المصدر ان تتم التشكيلات على أساس المحسوبية وعلى حساب الكفاءة، كاشفاً بأن الأسماء ستهبط علينا «بالبارشوت»، حيث سيقفز بعض الدبلوماسيين على زملائهم من حيث الأقدمية والكفاءة.
ومع ذلك توقع المصدر اقرار التعيينات اليوم، وخصوصاً ان الطبخة طبخت عند القوى السياسية وجرى التفاهم عليها مسبقاً.
وفي معلومات «اللــواء انه سيعين فؤاد نبيه دندن في أبوظبي، وأحال مدللي في بعثة لبنان في الأمم المتحدة، وسحر بعاصيري في «اليونيسكو»، وغابي عيسى في واشنطن، ورامي عدوان في باريس متريس داني شمعون في الأردن، فادي زيادة في أوتاوا وسامي النمير في المكسيك ومصطفى أديب في برلين.
وعلى مستوى الإدارة المركزية، سيعود القائم بالأعمال اللبناني في باريس غدى خوري إلى الإدارة في مركز مدير الشؤون السياسية خلفاً للسفير شربل وهبي الذي أحيل إلى التقاعد، وعين السفير كنج الجميل مديراً للشؤون الإدارية محل سعد زخيا الذي سيعين سفيراً في سوريا،، على ان تبقى فرح نبيه برّي قائمة بالأعمال في دمشق.
وقالت مصادر لـ«اللــواء» أنه من الخطأ نشر أسماء السفراء المطروحة اسماؤهم قبل موافقة الدول المعنية على تعيينهم فربما ترفض أي دولة تعيين الاسم المطروح من قبل لبنان، وتسريب الأسماء يضر بسمعة لبنان وسمعة الاسم المقترح مشيراً إلى ان هناك 45 سفارة في الخارج تشملها التشكيلات والمناقلات.
ويثير طرح أسماء من خارج الملاك أو ترفيع موظفين من الفئة الثالثة إلى الفئة الأولى لتعيينهم سفراء مشكلة قد تؤخر التعيينات أو تثير تحفظ أو رفض بعض أطراف الحكومة.
عون في البقاع
على جهة البقاع، تفقد قائد الجيش العماد جوزيف عون القوى العسكرية المنتشرة في منطقة الطفيل وجرود بعلبك.
وأكد العماد عون من هناك أن الجيش لن يصغي إلى ضجيج بعض الأصوات المغرضة التي تعلو للتشويش في الدفاع عن الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره.