بلمسة ساحر، أو بشق النفس، أو بالإقبال ارادياً على تجرّع «التنازلات المتبادلة» على قاعدة لا يفنى غنم المطالب ولا يموت ذئب المكاسب، خرج مشروع قانون الانتخاب إلى النور، بعد أيام وليال واسابيع وحتى شهور، من الجدالات وعض الأصابع، والحملات المتبادلة، ليعلن نهاية حقبة وبداية حقبة جديدة.
الرئيس سعد الحريري، وصف، في افطار دار الأيتام الإسلامية غروب أمس التوصّل إلى اتفاق حول قانون الانتخاب «بالانجاز» الذي ليس لحزب أو لطائفة، بل للبلد، معتبراً انه بعد ذلك لم يعد هناك مسائل «صدام سياسي أساسية تعطل البلد وتعرقل مشروعنا للنهوض الاقتصادي وايجاد فرص عمل خصوصاً للشباب».
المهم أن لبنان تجاوز قطوع قانون الانتخاب، وتجاوز أيضاً الخيارات المريرة، فيما لو لم تحدث «اعجوبة» الاتفاق السياسي على مشروع القانون، الذي سيحضر اليوم، بعد أن وضعت الرتوش عليه امام مجلس الوزراء في بعبدا على أن يسبقه اجتماع بين الرئيسين ميشال عون والحريري، للبحث في موعد اجراء الانتخابات لتضمينها المشروع، حيث سيتم النظر في المهل الانتخابية بين توجهين، الاول يقضي بأن تتقلص مُـدّة التمديد التفني بحيث تجري الانتخابات في ايلول المقبل، بعد عيد الأضحى المبارك، والثاني يستند إلى مطالعة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بأن وزارته تحتاج إلى ما لا يقل عن 7 أشهر من اجل انجاز التحضيرات المطلوبة، الامر الذي يقتضي اجراء الانتخابات قبل عيد الميلاد في كانون الاول المقبل.
وهناك، من يذهب أبعد من ذلك من زاوية أن الانتخابات لا يمكن أن تجري في الشتاء، لذا يتعين أن نذهب إلى اوائل الربيع أو 31 أيّار 2018 كما كان مقرراً في مشروع قانون التمديد.
وتؤكد مصادر المعلومات أن هذه النقطة لن تكون موضع خلاف بين الرئيسين، وسيتم بتها على نحو يراعي الحاجة إلى الإسراع باجراء الانتخابات وحسن تحديد مواعيدها، مع المعايير التي كانت تعتمد في الدورات الانتخابية السابقة.
وأشارت مصادر مطلعة على سير الخطوات التي سبقت التوصل إلى الاتفاق السياسي الناجز، والذي سبق وأشارت إليه «اللواء» مطلع الأسبوع إلى ان اجتماعاً عقد صباح أمس في بعبدا، برئاسة الرئيس عون، وحضور الوزيرين جبران باسيل وسليم جريصاتي والنائب آلان عون، انتهى بعد تغليب الموقف والاحتمالات إلى قرار بـ«خفض سقف المطالب والعمل على تسهيل ولادة القانون الانتخابي».
ومع هذا التوجه، قرّر الرئيس الحريري إلغاء جميع مواعيده، والتفرغ كلياً إلى عقد سلسلة اجتماعات، توجت باجتماع اللجنة الوزارية التي شكلها مجلس الوزراء، حيث راجعت مسودة الاتفاق وأقرته، وبدأت بادخال الرتوش المطلوبة على مواده.
وأعربت مصادر وزارية عن امتعاضها من مسارعة الوزير باسيل والنائب جورج عدوان بتسريب بنود الاتفاق إلى بعض وسائل الإعلام، قبل اقراره في اللجنة الوزارية وحتى مجلس الوزراء.
وتوزعت البنود على 11 بنداً بين المتفق عليه والمختلف حوله، وهي كما بات معروفاً:
1 – لبنان 15 دائرة انتخابية.
2 – نقل مقعد الأقليات من بيروت الثانية إلى بيروت الأولى.
3 – عتبة نجاح اللائحة هي الحاصل الانتخابي اي عدد المقترعين مقسوماً على عدد المقاعد.
4 – الصوت التفضيلي في القضاء.
5 – اللائحة غير المكتملة لا مانع بشرط أن تحتوي على مقعد واحد عن كل قضاء على الأقل، وهي تتحمل فقدان أو خسارة أي مقعد حصلت عليه ولم ترشح عليه طائفيا ويحسب من حصة اللوائح الأخرى وعلى ألا يقل عديدها عن 40%.
6 – في طريقة الاحتساب يعتمد الكسر الأكبر.
7 – الفرز: تعتمد طريقة دمج اللوائح وترتيب المرشحين في الدائرة على اساس نسبة الصوت التفضيلي في القضاء.
8 – الاغتراب: في الانتخابات المقبلة، لا زيادة ولا نقيصة بعد 4 سنوات، نزيد 6 مقاعد للمغتربين وفي السنوات الاربع التي تليها، ننقص 6 مقاعد من 128 على ان تكون للمغتربين.
9 – موعد الانتخابات والتمديد التقني يتفق عليه بين الرئيسين عون والحريري.
10 – في الإصلاحات: يجب إنجاز البطاقة المُمغنطة والورقة المطبوعة سلفا.
11 – لم يتم التوافق على تنخيب العسكريين ولا على تخفيض سن الاقتراع ولا على كوتا مخصصة للمرأة.
وفي حين وصف النائب وائل أبو فاعور الاتفاق بأنه «اسوأ الممكن» وأن لا تصويت لا في اللجنة الوزارية ولا في مجلس الوزراء، قال وزير المردة في الحكومة يوسف فنيانوس انه اعترض على الصوت التفضيلي على القضاء ونريده على الدائرة، وطلب تسجيل اعتراضه، وهو ما سيكرره في مجلس الوزراء.
كما اعترض على البنود وزير التربية مروان حمادة الذي وصف القانون بالمعقد، وانه أكثر طائفية ممّا كنا نتمناه.
ساعات الولادة
في ضوء ما انتهى إليه الاجتماع الخماسي الذي اشارت إليه «اللواء» أمس، واستمر حتى ساعات الفجر الأولى، وانتهى إلى جملة من التفاهمات على الدوائر والصوت التفضيلي والتأهيل ونقل مقعد الاقليات وانتخاب المغتربين وتخصيصهم بـ6 مقاعد (مناصفة بين المسلمين والمسيحيين) عقد اجتماع في بعبدا، جرى خلاله تقييم ما تم التفاهم حوله، كما وضع ممثلو الكتل والاحزاب مرجعياتهم في الأجواء عينها.
وفي ضوء الأجوبة الإيجابية، على ما تمّ التوافق حوله، تقرر أن يعود الأطراف الخمسة (التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية، تيار المستقبل، حركة أمل وحزب الله) إلى الاجتماع الأوّل بعد ظهر أمس في السراي لإنجاز التفاهم في خطوطه وبنوده.
وهذا ما حصل قبيل الرابعة، حيث شاع خبر التفاهم، ودعيت اللجنة الوزارية الى اجتماع في السراي الكبير ترأسه الرئيس الحريري، حيث وضعت في أجواء التفاهم وأقرته، واطلع أعضاء اللجنة على المسودة… ثم كرت السبحة.
وكان الوزير باسيل، ذهب إلى سن الفيل بعد اجتماع الخمسة، واطلع تكتل الاصلاح والتغيير على المبادئ التي تم التوصل اليها، والتي كانت وسائل الاعلام قد اطلعت الرأي العام عليها، فيما تحولت عين التينة الى خلية نحل لمواكبة الموقف..
وأوضحت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية لصحيفة اللواء أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تابع تفاصيل المفاوضات المتصلة بقانون الانتخاب وعقد سلسلة اجتماعات خصصت لهذا الملف. وكانت المصادر تتحدث منذ الظهر عن أجواء تميل إلى الإيجابية ،مؤكدة أن الملف سيسلك طريقه في مجلس الوزراء. وأفادت أن الرئيس عون لم يكثف نشاطه الرسمي للتفرغ للاحاطة بملف الانتخاب من خلال لقاءات بقيت بعيدة عن الأضواء . وذكرت أن رئيس الجمهورية التزم منذ الأساس إنجاز قانون جديد للانتخابات في خطاب القسم ولم يخرج عنه ،مشيرة إلى أن همه الأساس تمثل بالوصول إلى قانون يحقق العدالة والمساواة.
الحريري
وحرص الرئيس الحريري، خلال رعايته لافطار دار الايتام الاسلامية في «البيال» على وصف الاتفاق على قانون الانتخاب الجديد بأنه «انجاز ليس لحزب او لطائفة بل للبلد»، معتبرا انه بعد هذا الانجاز لم تعد هناك مسائل صدام سياسي اساسية تعطل البلد وتعرقل مشروع النهوض الاقتصادي وايجاد فرص عمل خصوصاً للشباب.
وإذا اسف لعدم تمكنه من انجاز اصلاحات معينة من اهمها كوتا المرأة في الانتخابات والذي كان هو والرئيس نبيه بري متمسكين بها، اعلن انه بالنسبة اليه والى تيار «المستقبل» ستكون هناك «كوتا نسائية» في كل لوائحه الانتخابية.
ولم يشأ الرئيس الحريري الكشف عن تفاصيل القانون الانتخابي الجديد، على اعتبار انها ستعلن في نهاية جلسة مجلس الوزراء اليوم، لكنه ابلغ الحاضرين انه آت للتو من سلسلة اجتماعات عقدها في السراي الحكومي حتى تمكنا من التوصل اتفاق على القانون، بعدما الغى كل مواعيده امس للتفرغ لهذا الموضوع.
وزار الرئيس الحريري مباشرة بعد افطار دار الايتام الاسلامية عين التينة، والتقى الرئيس بري الذي هنأه على انجاز الاتفاق حول القانون، بحسب ما اوضح المكتب الاعلامي للرئيس الحريري الذي وصف لقاء عين التينة «بالودي»، في وقت لاحظت فيه محطة N.B.N القريبة من عين التينة ان دعاء الرئيس بري لدى سؤاله عما استجد بشأن قانون الانتخاب، عشية ليلة القدر، كان خيرا من الف شهر، مشيرة الى انه تمت الاستجابة لدعاء بري كما استجيب طلبه بالنسبة للنسبية، لكنها تساءلت عما اذا كان القانون سيمضي وفق مسار الاصول المرعية، ام ان تمريره سيكون وفق مواعيد الجلسات المحددة اليوم لمجلس الوزراء والجمعة لمجلس النواب؟ وهل سيكون للاصوات التي ستعلو معترضة صدى؟ وهل ما تبقى من مهل كافية للدرس والتمحيص؟ أم ان الحشرة تبرر التسرع والعجلة؟
ومعلوم ان الرئيس الحريري الذي كان تفرغ كليا امس لانجاز القانون، حدد للوزراء ولكل ممثلي القوى والكتل السياسية الذين حضروا الى السراي، موعد الافطار غروب امس، سقفا زمنيا، لكل الاجتماعات التي حصلت، وبالفعل تمكنت اللجنة الوزارية المكلفة دراسة مشروع قانون الانتخاب والتي دعيت للاجتماع قرابة الخامسة والنصف عصرا من انجاز مهمتها قبل دقائق من موعد الافطار، بعد ان عرضت ملاحظات كافة الافرقاء السياسيين من المشروع، توصلا للتصور المشترك الذي سيعرض على مجلس الوزراء اليوم، وسجلت اعتراض وزير «المردة» يوسف فنيانوس على الصوت التفضيلي على القضاء بدلا من الدائرة، وهو اعتراض وافقه عليه الوزير علي حسن خليل، بحسب فنيانوس.
وفي موزاراة اجتماع اللجنة الوزارية، وقبله اجتماع اللجنة الخماسية للفرقاء السياسيين الاساسيين، برئاسة الرئيس الحريري، والتي نجحت بدورها في اقرار الاتفاق السياسي على القانون والتفاصيل المتصلة به، كان هناك اجتماع ثالث، كان ما زال منعقدا على ساعة متأخرة من الليل، ضم وزراء ونوابا من ممثلي الكتل النيابية والسياسية لوضع صياغة نهائية وقانونية للقانون، والذي يتألف بحسب المعلومات من 124 مادة مع صفحة ملحق بالتقسيمات الانتخابية مع عدد نواب كل دائرة.
وليلاً عاد النائب وليد جنبلاط وغرد عبر تويتر: «نتيجة اختلال التوازن خرجنا بقانون آية في الغموض نهايته ستكون عاطلة مع تفسيرات متناقضة وليس فيه إنجاز إلا الاسم فقط».
وسبق ذلك تغريدة جاء فيها: «يولد قانون انتخابي معقد مشربك كصانعيه ومبتدعيه ذي أبعاد غامضة».
باسيل
ووصف الوزير باسيل قانون الانتخاب بأنه يصحح التمثيل، ولكن ليس بالقدر الكامل.. وتحدث عن انجاز ضوابط كالدوائر 15 التي رفعت نسبة تمثيل المسيحيين بدرجة بين 60 و70٪ وتم انصاف الاقليات بنقل مقاعدهم إلى بيروت الاولى (حيث الكثافة المسيحية) وشدد على استمرار معركة تحسين التمثيل حتى تصل الى سقف 64 على 64..
واعتبر اعطاء 6 مقاعد للانتشار بانه انجاز وبداية مهمة..
واعترف بعدم تحقيق الورقة المطبوعة سلفا وحق العسكريين بالتصويت وكوتا المرأة والبطاقة الممغنطة.