عشية استئناف النشاط الحكومي والاتصالات الجارية لعقد جلسة لمجلس الوزراء الجمعة في قصر بعبدا ولو من زاوية حملة «نفذ» التي طالب بها الوزير جبران باسيل، أو من زاوية «الكف» عن «السجالات العقيمة» والاتفاق على سلّة من القرارات الاقتصادية الجريئة والإجراءات الإصلاحية بتعبير كتلة المستقبل النيابية، أو من زاوية ما أعلنه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد من قلب الطاولة على الأوروبيين حتى تأتي «دولهم راكعة امام ارادتنا»، بدا الوضع الاقتصادي آخذاً في التفاقم، وانكشفت أزمة الدولار، عن التأسيس لنظام «السعرين» واحد يصدر عبر نشرة المصرف المركزي وآخر عبر نشرة الصرافيين، بفارق يكاد يقترب من المائة ليرة لكل دولار.. بانتظار أمر كان مفعولا، في وقت يكشف البنك الدولي ومجموعاته انة ليس بوارد تمويل مشاريع الكهرباء في لبنان.
 
الحريري
 
وقبيل عودته إلى بيروت من أبو ظبي، جدد الرئيس الحريري تأكيده ان جو اجتماعاته مع المسؤولين الاماراتيين، كان ايجابياً جداً، مشيراً إلى انه مدد اقامته في أبو ظبي لكي يتابع الاجتماعات مع الجانب الاماراتي لتسريع موضوع الاستثمارات في لبنان، كاشفاً عن وعود بمساعدات اقتصادية، وانه يجري مفاوضات بشأن تسريع الاستثمارات ان كانت في الكهرباء وغيرها أو استثمارات مالية. 
 
ولفت الحريري في دردشة مع الصحافيين، قبل ان يستقل الطائرة عائداً إلى بيروت، إلى انه تمّ تشكيل خلية متابعة بيننا وبين الإماراتيين لبحث ما اتفق عليه بعد مؤتمر الإستثمار. ورأى أن «الكهرباء هي أكثر أمر يكلف الاقتصاد اللبناني وليس موضوع النازحين»، مضيفا «أعود من الإمارات ولبنان هو المدعوم وليس سعد الحريري». 
 
واعرب عن اعتقاده بأن ليس هناك اي طرف في لبنان يمكن ان يكون منزعجا من عودة العلاقات الإماراتية -اللبنانية. وردّاً على سؤال عن إمكان أن تضع الامارات ودائع مالية في المصرف المركزي قال «هذا الموضوع يحتاج درساً ونحن بحثنا فيه على أساس المخاطر التي يمكن أن تنعكس عليهم أيضاً». 
 
وعما إذا كان مصير مساعدات الإمارات سيكون مثل مصير المساعدات القطرية أجاب: «كلا المسألة مختلفة جداً». 
 
وفي شأن الزيارة التي ينوي القيام بها إلى المملكة العربية السعودية وعما إذا تمّ تحديد موعدها، قال: «هناك 18 اتفاقية بيننا وبين المملكة تمّ إنجازها، ولا تزال هناك اتفاقيتان يتم العمل عليهما، وأنا سأزور المملكة حين تكون كل الاتفاقيات جاهزة». 
 
وفي هذا السياق، أعلن من الرياض، ان مجلس الوزراء السعودي قرّر في جلسته أمس، تفويض وزير العمل والتنمية الاجتماعية أو من ينيبه بالتباحث مع الجانب اللبناني في شأن مشروع مذكرة تفاهم في مجالات العمل بين حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة الجمهورية اللبنانية، والتوقيع عليه، ومن ثم رفع النسخة النهائية الموقعة، لاستكمال الإجراءات النظامية. 
 
نفي شروط الوديعة
 
وكانت معلومات ترددت في كواليس المؤتمر ان الوديعة الاماراتية المرتقبة مشروطة بفائدة 13 في المائة وبضمانة ذهبية، لكن مستشار الرئيس الحريري الوزير السابق الدكتور غطاس خوري نفى ذلك نفياً قاطعاً، كما نفته مصادر دبلوماسية اماراتية، مؤكدة ان دولة الإمارات لم تفرض يوماً أي شرط لمساعدة لبنان في أي مرحلة.
 
ولاحظ الحريري، امام وفد من طلاب تيّار «المستقبل» في جامعات اليسوعية اللبنانية الأميركية ورفيق الحريري، زاره مساءً في «بيت الوسط» لمناسبة فوز التيار في الانتخابات الطلابية التي جرت في الجامعات الثلاث، ان هناك من يروّج لاخبار اقتصادية مفبركة وتشنجات، لكنه أكّد انه سيكون هناك فرج اقتصادي وهو ما يُركّز عليه في زياراته ولقاءاته، لافتاً إلى ان الحل سيكون باجراء جميع الإصلاحات المطلوبة. 
 
وفي إشارة لافتة، قال: «انه في اللحظة التي يحاول فيها البعض ان يستهدف سعد الحريري في محاولة لكسره، نقول لهم سعد الحريري لن ينكسر بوجودكم والتفافكم حوله». 
 
بو صعب لـ«اللواء»
 
ومن جهته وصف وزير الدفاع الياس بو صعب الذي كان ضمن الوفد الوزاري اللبناني إلى المؤتمر، زيارة الحريري لـ «اللواء» بأنها «مثمرة جداً، ووضعت حدا للشائعات المغرضة التي كانت تبشّر بانهيار لبنان عبر مطبخ مختص يبث هذه الشائعات». 
 
وقال بوصعب :ان زيارة الرئيس الحريري كانت ناجحة بكل المقاييس، وقد ذكّرتني بالزيارات التي كان يقوم بها والده الشهيد رفيق الحريري، لجهة اتخاذ القرارات وتنفيذها سريعا، وانا واكبت الرئيس الشهيد في زيارات عديدة للامارات، وها هو ابنه سعد الحريري يخطو الخطوات نفسها وهي شبيهة بما كان يقوم به الرئيس الشهيد. ولعل قرار رفع الحظر عن سفر الاماراتيين الى لبنان.
 
واضاف بوصعب: ان الاستثمارات ستكون من القطاع العام الرسمي الاماراتي ومن القطاع الخاص، وقد تم الاتفاق على تشكيل لجنة متابعة مشتركة من رئاسة الحكومة اللبنانية ودولة الامارات من اجل البحث في التفاصيل التقنية المتعلقة بتنفيذ ما اتفق عليه في مجالات الاستثمارخلال المؤتمر، التي ستطال قطاعات كثيرة منها الكهرباء والطاقة والبترول والمياه وتطوير المرافئ سواها. وهي قرارات ستزيل الغيمة السوداء عن لبنان وتبدد كل الشائعات التي كان يروج لها مطبخ خاص عن الاقتصاد والانهيار، لأننا سنرى اجواء معاكسة لكل الشائعات. 
 
وحول ما يحكى عن ضمانات طلبتها الامارات للوديعة المالية، قال:لا تفاصيل لدينا عن هذا الموضوع، لكن الانجاز الاهم الذي تم هو قرار رفع حظر سفر الاماراتيين الى لبنان، وهذا بحد ذاته قرار مهم ويشجع المستثمرين والمواطنين على زيارة لبنان. وهومؤشر ايجابي على ان القطاع الخاص الذي كان يحب الاستثمار في لبنان، وامتنع لاسباب قاهرة سنوات طويلة، انفتح الباب امامه للعودة الى لبنان. وسترون قريبا اجراء وراء اجراء. وقريبا زيارة السعودية ستعطي نفس النتائج ان شاء الله».
 
وكشفت مصادر مطلعة في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، ان رحلات شركة طيران الاتحاد التابعة لأبو ظبي في نهاية الأسبوع قد حجزت بالكامل، في إشارة إلى بداية تنيفذ قرار رفع الحظر.
 
الدولار المفقود
 
وعلى صعيد أزمة شح الدولار، سواء في السوق الموازية أو في المصارف التي تمتنع عن ضخ الدولار لعملائها، طلب الرئيس ميشال عون من الصيارفة المحافظة على مصلحة الوطن خلال ادائهم لعملهم وعدم الاضرار بسمعته المالية والاقتصادية والسياحية»، مشددا على ان لبنان يعتمد الاقتصاد الحر الذي ترعاه القوانين والانظمة المرعية الاجراء.
 
 
 
واكد خلال استقباله وفد نقابة الصرافين في لبنان، على «ضرورة الاعلان عن اسعار الصرف لدى الصيارفة، مقترحا عليهم الاتفاق على مسودة اخلاقية سلوكية لتأمين التزام جميع العاملين بهذه المهنة بالاصول والقواعد المرعية، بالتنسيق مع مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف».
 
ومن جهتهم أعلن الصيارفة انهم يلتزمون بكل القوانين المرعية الاجراء، وحريصون على سمعة البلد، لكنهم أكدوا ان السيولة متوفرة، كما الدولار الأميركي، وان شركات الشحن تنقل يومياً مبالغ كبيرة جداً من الدولارات، ولا داعي للهلع، إلا انهم لم يكن لديهم تبرير عن سبب وجود سعرين للدولار سوى انه «أمر طبيعي».
 
في هذا الوقت، يستعد العسكريون المتقاعدون للنزول إلى الشارع اليوم، رفضاً لعدم تقاضيهم حقوقهم، فيما رفع «تجمع أصحاب المطاحن» في لبنان الصوت، بالتزامن مع نقابة مستوردي الأدوية، الذين اشتكوا من امتناع المصارف من اعطائهم الدولار، خصوصاً وان هناك كميات سواء من القمح أو الأدوية تمّ استيرادها سابقاً، وهناك خلاف حول كيفية احتساب المستحقات للمصارف بالدولار، ولوح هؤلاء بأن تؤدي ازمة الطحين الى ازمة خبز، وإلى نقص الأدوية في الصيدليات، إذ اضطر أصحاب المطاحن إلى بيع الطحين بالدولار، ولم تتوفر الاعتمادات في المصارف لمستوردي الأدوية، علماً ان احتياط القمح المخزن لدى المطاحن لا يكفي حاجة البلاد لأكثر من شهر ونصف، وكذلك الدواء.
 
لجنة الإصلاحات
 
إلى ذلك، علمت «اللواء» ان لجنة الإصلاحات ستعاود بعد ظهر اليوم اجتماعاتها في السراي الحكومي لاستكمال البحث في الملفات المطروحة امامها، على صعيد تضمين مشروع موازين العام 2020 بنوداً إصلاحية، وفق ما هو مطلوب للنهوض بالوضع الاقتصادي المأزوم، في وقت لم تتضح فيه بعد الصورة بشأن انعقاد جلسة عادية أو خاصة للموازنة هذا الاسبوع، علماً أن الوزراء لم يتبلغوا بأي موعد، ولم يستلموا أي جدول أعمال.
 
واستبعدت مصادر وزارية صدور أي تعيينات هذا الأسبوع على الرغم من الاتصالات الجارية لمعاودتها الأسبوع المقبل.
 
وفي مجال آخر اكد وزير الأقتصاد والتجارة منصور بطيش لـ«اللواء» ان زيارة رئيس الحكومة إلى ابو ظبي كانت بناءة وايجابية وامل خيرا من نتائجها وان المسؤولين الذين التقوهم تعاطوا بشكل ابجابي معربا عن تطلعه الى استثمارات تعود بالفائدة على البلدين.
 
واوضح انه من المهم انجاز الأصلاحات بالتوازي مع الموازنة واطلاق مناقصات الكهرباء.
 
حاصباني لـ«اللواء»
 
على خط آخر، قال نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني لـ«اللواء»: ان لجنة الاصلاحات الاقتصادية لم تتقدم كثيرا في عملها وإنها لم تنجز بعد اي مشروع بصيغته النهائية، وكل ما يحصل هو مجرد مناقشات مطولة من دون التوصل الى قرار.ودعا الى ضرورة القيام بإجراءات سريعة لاقناع الرأي العام والمستثمرين باستعادة الثقة بالوضع اللبناني وبالاقتصاد بشكل خاص.
 
واوضح حاصباني ان هناك خطوات وإجراءات سريعة يمكن القيام بها، لأن إنجاز مشاريع القوانين الكبرى يحتاج الى وقت، ومن هذه الاجراءات مثلا ضبط المرافيء والمعابر ووضع اجهزة كاشفة كبيرة «سكان» في المرفأ اوالمطار وانجاز الوصل الالكتروني مع بلد المنشأ، لمنع التهريب والكشف على حقيقة البضائع الداخلية الى لبنان، وضبط واردات الجمارك، وهذا من شأنه توفير عائدات كبيرة للخزينة.وتفعيل تحصيل الضرائب، وتشكيل الهيئات الناظمة لقطاعات الكهرباء والاتصالات والنفط.وبعض الاجراءات السريعة في قطاع الكهرباء لزيادة لواردات.
 
كتلة «المستقبل»
 
وفي المقابل، دعت كتلة «المستقبل» النيابية بعد اجتماعها الأسبوعي برئاسة النائب بهية الحريري إلى التوقف عن سياسة المماطلة في إقرار الإصلاحات المطلوبة، والانتقال إلى مرحلة اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء وترجمة التوجهات والأفكار المشتركة بمشروع موحد يعبر عن رؤية الدولة.
 
باسيل
 
ولوحظ ان رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل سارع إلى إعلان تأييده الكامل لبيان كتلة المستقل، وطالب باصدار الموازنة في موعدها الدستوري، ومن ضمنها الحد الأدنى من الإصلاحات، في خطوة وصفت بأنها تسهيلية لإصدار مشروع الموازنة في موعدها الذي يصادف الأسبوع المقبل، لكنه اشترط ان يكون هناك اتفاق بين الجميع في الحكومة على الإصلاحات التي ستأتي لاحقاً.
 
وقال باسيل، بعد اجتماع تكتل «لبنان القوي» اننا نريد ان يطال الإصلاح كل شيء من دون حمايات ومن دون امتيازات، آملاً ان يكون الهم الاقتصادي والوجع الحاصل، مناسبة لتصحيح التراكمات وتكون فرصتنا لتحقيق التغيير اللازم، لافتاً إلى ان الوضع صعب لكنه ليس مستحيلاً وليس مضخماً، عازياً اياه إلى ما وصفه بالمؤامرة الاقتصادية التي يتعرّض لها لبنان، منتقداً التحركات الاحتجاجية في الشارع، مضيفاً: «نقول لمن يتحرك في الشارع بأننا نحن أيضاً لدينا شارع وسننزل في 13 تشرين وليصوبوا في الاتجاه الصحيح».
 
«حزب الله» يلوّح بورقة النازحين
 
اما رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمّد رعد، فقد كان له موقف لافت، لوح فيه بقلب الطاولة في وجه الأوروبيين من أجل ان يتحملوا مسؤولية النازحين السوريين في لبنان.
 
واعتبر رعد ان الحصار الاقتصادي المفروض على لبنان هو ضغط وسيمر، مشيراً إلى ان اللعب بسعر صرف الليرة الآن هو نتيجة التعاون القائم بين من يريد تنفيذ السياسات الأميركية ومن يزحف لرضى البيت الأبيض، أملاً بتجاوز هذه الأزمة واخضاع الذين أرادوا بنا كيداً.
 
وقال: «العالم كلّه يحاصرنا، يكفي ان نلوح بورقة النازحين السوريين حتى تأتي كل دول أوروبا راكعة امام ارادتنا، هم لم يستطيعوا استقبال عشرة آلاف نازح ويريدون ان نستقبل مليون ونصف مليون نازح، لكنهم لا يدعمون ويلقون أعباء رعاية كل هؤلاء على وطن فقير ليس فيه اقتصاد قوي، ومع ذلك المطلوب ان نرعى من الناحية الإنسانية شؤون هؤلاء في كل متطلباتهم الصحية والتعليمية والمعيشية، وندفع الكلفة من جيوب شعبنا، وأولئك يتفرجون علينا».