فيما تتبّعَت الأوساط السياسية والشعبية، على اختلافها، نتائج مؤتمر الاستثمار الاماراتي ـ اللبناني، وما صدر خلاله وعلى هامشه من مواقف أوحَت بأنّ دولة الامارات العربية المتحدة ستتخذ مبادرة مالية ما حيال لبنان، بعد مبادرتها رفع الحظر عن سفر رعاياها إليه. قفزت موازنة 2020 الى واجهة الاهتمامات تحت ضغط اقتراب الموعد الدستوري لإحالتها الى مجلس النواب، وهو 15 من الجاري حيث يبدأ العقد التشريعي العادي الثاني للمجلس. وهو ما كانت الحكومة قد وعدت به، ما يعني انه لم يبق أمامها سوى أسبوع فقط، ويفترض ان تُنجز درس الموازنة خلاله وتحيلها الى المجلس النيابي.

عاد رئيس الحكومة سعد الحريري إلى لبنان، فيما أنظار اللبنانيين ما زالت منصبّة على الإمارات انتظاراً لِما لمّح إليه في شأن مفاجآة جديدة يُرجّح أن تكون اكتتاباً أو وديعة إماراتية في مصرف لبنان، بعد رفع الحظر عن سفر الإماراتيين إلى بيروت.

ووصف الحريري أجواء المشاورات التي أجراها في أبو ظبي بأنّها «إيجابيّة»، خصوصاً بعد عَقدِه اجتماعَين لتسريع موضوع الاستثمار في لبنان، مشدّداً على أنّ «لبنان كلّه مدعوم من دولة الإمارات وليس سعد الحريري، لأنّ الإمارات تريد للبنان أن يكون مُعافىً وأن يعيش اللبنانيون جيداً». ولفتَ إلى «أنّنا وُعدنا بمساعدات اقتصادية، ونجري مفاوضات في شأن تسريع الاستثمارات في لبنان، في مجال الكهرباء أو الاستثمارات المالية او غيرها، ونحن من جهتنا علينا القيام ببعض الأمور لتشجيعهم على الاستثمار في لبنان، وشرحنا لهم خططنا الإصلاحيّة المستقبليّة».

وأعلن عن تشكيل «خليّة متابعة بيننا وبين الإماراتيين لمتابعة كل ما تمّ الحديث عنه في المؤتمر وفي لقائي ولي عهد أبو ظبي»، مشيراً إلى أنّ «دعم الإمارات للبنان اليوم أكبر منه في أي وقت سابق، فهي مهتمّة جداً بالاستثمار في مجال النفط والغاز، لكن علينا أن لا نتوقّع أنّه سيكون وحده الخلاص». وعن موعد زيارته السعودية، قال الحريري: «هناك 18 اتفاقية بيننا وبين المملكة تمّ إنجازها، ولا تزال هناك اتفاقيتان يتم العمل عليهما، وأنا سأزور المملكة حين تكون كل الاتفاقيات جاهزة».

الموازنة على انّ الحريري، العائد من الامارات بجرعة دعم عالية لشخصه ولحكومته، سيترأس عصر اليوم جلسة لمجلس الوزراء مخصّصة لاستكمال درس موازنة 2020، وسيليها اجتماع للجنة الاصلاحية، على أن ينعقد المجلس في جلسة عادية الحادية عشرة والنصف قبل ظهر غد في القصر الجمهوري لدرس جدول أعمال عادي يتضمن رزمة من التعيينات.

وبَدا واضحاً للمراقبين أنّ النقاش الجاري في موضوع موازنة 2020، وبالطريقة التي يسير بها، لن يُمكّن الحكومة من إحالتها الى المجلس النيابي قبل 15 تشرين الاول الجاري، وفق ما وعدت، وهو موعد العقد العادي الثاني للمجلس.

خليل وباسيل وعلمت «الجمهورية» انّ اجتماعاً طويلاً انعقد بين وزير المال علي حسن خليل ووزير الخارجية جبران باسيل، تركّز خلاله البحث على الشؤون الراهنة وموضوع موازنة 2020 والاصلاحات المطلوبة. كذلك تناول البحث موضوع التعجيل في إنجاز هذه الموازنة في مجلس الوزراء قبل 15 من الجاري، موعد دخول المجلس النيابي في عقده العادي الثاني.

وأفادت المعلومات انّ هذا الاجتماع شهد «أجواء إيجابية وجيدة»، وانه سيستكمل بخطوات واتصالات مع سائر الافرقاء في هذا السبيل، سواء لجهة التعجيل بالخطوات الانقاذية للبلد أو لجهة التعجيل بإحالة الموازنة الى المجلس النيابي سريعاً.

وزير المال وسألت «الجمهورية» خليل عمّا اذا كان هذا البطء سيؤخّر إحالة الموازنة الى مجلس النواب؟ فأجاب: «يجب أن تصل قبل 15 تشرين الاول، هذا هو المطلوب، ولكن المهم الآن هو أن ينصَبّ العمل الحكومي في هذا الاتجاه، ويُسهِّل الوزراء هذه المهمة». ولفت الى «أنّ إنجاز الموازنة ضمن المهلة الدستورية يعطي إشارة إيجابية الى الداخل والخارج، مفادها أنّ الحكومة ماضية في عملها، وأنها قادرة على اتخاذ قرار الالتزام بوعود قَطعتها بإحالة الموازنة الى مجلس النواب قبل 15 تشرين الاول».

بري وسألت «الجمهورية» رئيس مجلس النواب نبيه بري عمّا اذا كانت الاجواء تشير الى تَأخّر وصول الموازنة الى المجلس؟ فقال: «الدستور واضح في هذا المجال، وهو مُلزم بوصول الموازنة الى المجلس قبل 15 تشرين الاول، وهذا ما يجب أن يحصل، إلّا إذا كان الأمر خلاف ذلك، فلا أعرف».

فنيش من جهته، شدّد وزير الشباب والرياضة محمّد فنيش، خلال حديثه لـ»الجمهوريّة»، على أهميّة إقرار الموازنة ضمن المهلة الدستوريّة، ما يؤثر إيجاباً في الانتظام المالي العام، وإعطاء إشارة الى أنّ الوضع طبيعي. لافتاً إلى «أنّ النقاش الحاصل بين جميع الأفرقاء يؤكّد الانفتاح على الاقتراحات والأوراق الاقتصاديّة المُقدّمة». وقال: «المشاريع الإصلاحيّة تحتاج إلى وقت للاتفاق عليها، ثم إحالتها عبر اللجنة الوزاريّة المعنيّة إلى مجلس الوزراء، ثم إلى مجلس النوّاب، ما يعني استحالة ربطها بالموازنة. في حين يمكن السير فوراً بالإجراءات العمليّة التي لا تحتاج إلّا إلى قرار يتّخذه مجلس الوزراء، وهذا أمر ضروري».

ورفض فنيش التعليق على زيارة الحريري للإمارات، مُكتفياً بالقول: «إنّنا نملك الإمكانات ويجب الاعتماد على أنفسنا»، ومشدّداً على «ضرورة عدم استغلال الظروف الاقتصاديّة للتأثير في المسار السياسي، وأهميّة الحفاظ على حريّة قرارنا ومصلحة بلدنا».

 
 

الغريب واعتبر وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب أنّه «اذا تمّ التوافق بين القوى السياسية على الإصلاحات الواجِب اتخاذها فلن يكون من عائق أمام تقديم الموازنة في موعدها، أمّا اذا لم يتم الالتزام بإدراج الإصلاحات فلن تقدّم الموازنة ضمن المهلة الدستورية». وقال لـ»الجمهورية»: «العمل جار حالياً على قانون الجمارك والشراء العام وإصلاح النظام التقاعدي... هذه كلها تأتي ضمن الاصلاحات التي طلبها المجتمع الدولي، كما أنّ لبنان في حاجة إليها، ولهذا يجب إنجازها».

جلسة المادة 95 وفي جانب آخر، شهد يوم أمس مشاورات على خَطّي بعبدا وعين التينة، حول مصير انعقاد الجلسة النيابية التي ستناقش رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حول المادة 95 من الدستور.

وفي هذا الاطار، زار نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي الرئيس بري مرّتين نهاراً ومساء، وتردّد انّ اتصالاً تَمّ مساء، خلال هذا الحراك، بين عين التينة وبعبدا. وتزامَن تحرّك الفرزلي مع إيحاءات قريبين من رئاسة الجمهورية، تشير الى أنها لا تمانع في تأجيل الجلسة.

لكن فُهِم من الاجواء انّ الجلسة النيابية ستعقد في موعدها، وستتم خلالها تلاوة رسالة رئيس الجمهورية، مع ترجيح أن يُبادر أحد النواب (وتَردّد هنا اسم الفرزلي) الى طَلب تأجيل النقاش في هذه الرسالة الى وقت لاحق، على أن تصَوّت الهيئة العامة على هذا التأجيل.

وفُهِم من الأجواء أيضاً انّ بري لا يؤيّد تأجيل الجلسة ولا يعارضه، فهو مَن حَدّد موعداً لانعقادها، وما زال هذا الموعد قائماً.

الإتصالات من جهة ثانية، يستمر ملف قطاع الاتصالات متفاعِلاً على وَقع ما يُكشَف تِباعاً من تجاوزات ومخالفات تحصل في هذا القطاع، وتُسبّب هدراً في المال العام، وَسط أزمة اقتصادية - مالية حادّة تَعصف بالدولة اللبنانية، ما استدعى تَحرّك المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم، الذي طلبَ الاستماع الى الوزراء محمد شقير وجمال الجرّاح وبطرس حرب، ولم يَلقَ تجاوب شقير والجرّاح حتى الآن. كذلك، توسّعت لجنة الاعلام والاتصالات النيابية في نَبش أوراق الملف، عبر اجتماعات «استِنطاقيّة» عقدتها مع ممثلي شركتَي الخلوي («ألفا» و»تاتش»)، في وقت يبدو المجلس النيابي أمام اختبار تشكيل لجنة تحقيق نيابية.

وقد أنجزت لجنة الاعلام والاتصالات النيابية تقريراً مفصّلاً حول واقع القطاع، يتضمن مجموعة من الخلاصات التي توصّلت إليها، وأبرزها أنه لا توجد خطة لخَفض تكلفة النفقات الرأسمالية والتشغيلية، ولا توجد خطة لتَقاسم البنية التحتية بين مُشغّلي الخلوي في ما بينهما، وبين مُشغّلي الخلوي وهيئة «أوجيرو»، ولا توجد رؤية موحدة وكاملة لتغطية كل الاراضي اللبنانية بخدمة الانترنت من خلال مُشغّلي شبكتَي الخلوي وهيئة «اوجيرو» بهدف تأمين الخدمة الافضل بالكلفة الأقل، ولا توجد رؤية لمنع انخفاض إيرادات «الداتا» بلا زيادة في الاسعار على المشتركين.

وأشارت اللجنة، في خلاصات تقريرها، الى عدم اعتماد المناقصات في معظم المشاريع، وغياب دراسات واضحة ودقيقة للمشاريع، لافتة الى انّ متوسّط الايرادات من كل مُشترك عالٍ جداً، وانّ هناك انخفاضاً في إيرادات «الداتا» بعَكس ما يجري عالمياً، وتكلفة الاشتراك في خدمة «الداتا» تشكّل حاجزاً أمام زيادة استهلاك البيانات المتنقلة. وبالتالي، تساهم في انخفاض الايرادات، ونسبة استهلاك الانترنت من خلال الهواتف الذكية تُعدّ من الأضعف في العالم، والتقارير التي قدّمتها الشركتان تحتوي على كثير من التناقضات، وكذلك هيئة الاشراف من قبل المالكين مَسلوبة الصلاحيات، أو هي على عِلم بما يحصل من تجاوزات ولا تُحرّك ساكناً، وفي بعض الاحيان أصبحت بمثابة صندوق بريد ولا تقوم بممارسة صلاحياتها أو تغطّي التجاوزات 

أزمة الرغيف تتفاعل وبدأت أزمة الطحين تتفاعل أكثر فأكثر مع اقتراب كمية القمح في المستودعات من النفاد، بسبب توقف المستوردين عن طلب كميّات جديدة بسبب أزمة الدولار.

وجاء موقف أصحاب المطاحن أمس، ليُلقي الضوء على جدية المشكلة القائمة، إذ انهم أشاروا الى امتناع المصارف عن مَنحهم الدولار، وأنهم لم يلمسوا اهتماماً من المسؤولين بهذه القضية. لذلك، أعلنوا «الاستمرار ببَيع الطحين وقبض ثمنه بالدولار الاميركي من الزبائن، علماً أنه يتعذّر على هؤلاء الدفع بالدولار، ما قد يؤدي الى أزمة خبز».

وفي السياق، عَلَت صرخة أصحاب الافران، الذين عبّر عن معاناتهم رئيس اتحاد نقابات المخابز والافران كاظم ابراهيم، الذي قال لـ«الجمهورية» انّ الافران والمخابز تبيع مُنتجاتها بالليرة اللبنانية، ولا تستيطع تأمين الدولارات لأصحاب المطاحن، ما يَضع القطاعَين أمام حائط مسدود، «وسيؤدي هذا الأمر، بالتالي، الى توقّف أصحاب المطاحن عن العمل، والى إعلان المخابز والافران الاضراب». وأعلن ابراهيم انّ اتحاد نقابات المخابز والافران سيعقد جمعية عمومية يوم غد، وفي حال لم يتأمّن الحلّ لأزمة استيراد القمح سنعلن الاضراب»