يمضي أركان السلطة في اغداق الوعود وضرب المواعيد والخطط، بدءاً من تصورات وافكار سمع بها المواطن اللبناني، تارة لمعالجة جدية للوضع الاقتصادي الذي يحظى بأولوية، في الحكومة، والموازنة، التي ترتبط بالموازنة السابقة، وبالموازنتين اللاحقتين 2020، 2021 وما بعدهما، انطلاقاً من الرغبة اللبنانية لاغواء المعنيين الدوليين بمؤتمر «سيدر» للافراج عن المليارات الـ11، المخصصة لانهاض الاقتصاد اللبناني، بدءاً من خارطة طريق الورقة الاقتصادية التي أقرّتها الحكومة.. وأبدت القوى السياسية المشاركة في الوزارة موافقتها عليها في اجتماع بعبدا.
 
ومن هذه الوجهة، يرأس الرئيس سعد الحريري عند الساعة الخامسة والنصف من عصر اليوم بالسراي اجتماعاً مهماً للجنة الكهرباء، يتناول دراسة دفاتر الشروط لتلزيم معامل الإنتاج.
 
وفي سياق متصل، وصل إلى بيروت مساء أمس وزير الدولة لشؤون الطاقة العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة قطر للبترول المهندس سعد بن شريدة الكعبي، حيث يُقابل اليوم كبار المسؤولين ووزيرة الطاقة ويبحث معهم في سبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين ولا سيما على صعيد الطاقة.
 
 الموازنة وتعيينات
 
إلى ذلك، يفترض ان يمر الأسبوع الطالع على وقع مناقشات مجلس الوزراء لمشروع موازنة 2020 في جلسة أولى غداً الثلاثاء، ثم جلسات متتالية قبل وبعد عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من زيارة باريس، التي يزورها يوم الجمعة المقبل للقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ويعلن بعد اللقاء انطلاق بدء تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» الاقتصادي لدعم لبنان.
 
ويقع مشروع الموازنة الذي وزّع على الوزراء في 1089 صفحة، ويعتبر نسخة مصححة عن موازنة 2019 الذي كان يتألف من 1234 صفحة، لكن المعنيين يرون في المشروع موازنة إصلاحية، وان لم تتغير فيها الأرقام بشكل كبير وتتماشى مع متطلبات «سيدر» وتواكب ما بدأ العمل فيه في موازنة 2019 من إصلاحات.
 
والثابت، بحسب تقرير وزير المال علي حسن خليل عن مشروع الموازنة، والذي يعتبر بمثابة مقدمة للمشروع انه لا يتضمن أي ضرائب جديدة أو زيادة على البنزين، أو على الضريبة على القيمة المضافة VAT، لكنه يؤكد على انه من الضروري ان تقوم الحكومة بانعطافة كبيرة في مجال إدارة الوضع المالي ومقاربة الوضع الاقتصادي والتنموي والاستثماري بشكل مختلف، ويشير إلى ان هذه الموازنة يفترض ان تؤمن نقاطاً أساسية كالعودة إلى القانون واسترداد كل ما أخذ من الدولة بشكل يخالف الأصول (في إشارة إلى الأموال المنهوبة) حصة الدولة من المداخيل وصولاً إلى شبكات الأمان والبنى التحتية وتحفيز الإنتاج والاملاك العامة، التقاعد الإدارة العامة وغيرها.
 
وبالنسبة إلى الأرقام، يلحظ المشروع تخفيض 2600 مليار ل.ل. بناءً للتوجه العام بعدم زيادة الانفاق وفي ضوء التخفيضات التي لحقت بمختلف الإدارات والمؤسسات العامة أثناء مناقشة مشروع قانون موازنة العام 2019، مع الإشارة إلى ان أبرز الزيادات مقارنة بقانون موازنة العام 2019 تمثلت بقيمة الفوائد التي ارتفعت بحدود 882.63 مليار ل.ل. ومعاشات التقاعد وتعويضات الصرف بحوالى 302.3 مليار ل.ل.
 
وفي الغوص أكثر في محتوى مشروع موازنة 2020 وأرقامه يظهر أن إجمالي الإنفاق العام من جاري واستثماري قد بلغ حوالى 24.100.04 مليار ل.ل.، متضمناً اعتماداً بقيمة 9194.6 مليار ل.ل. تسديداً للفوائد على سندات الخزينة بعد أن كان 8312 مليار ل.ل. عام 2019. ويقابل هذا الإنفاق إيرادات موازنة ضريبية وغير ضريبية تمّ تقديرها بـ19.009.9 مليار ل.ل.
 
علماً انه يضاف إلى العجز مبلغ 1500 مليار ليرة ل.ل. يمثل سقف سلفة الخزينة المجاز اعطاؤها خلال العام 2020 لمؤسسة كهرباء لبنان ليصبح 659.01 مليار ل.ل. أي ما نسبته 7.28٪ من إجمالي الناتج المحلي.
 
وينهي خليل تقريره بأن الوضع الاقتصادي الدقيق الذي يمر به البلد يتطلب إجراء إصلاحات سريعة وتحسين وتحصين الموازنة بحيث تُلبّي حاجات التنمية والاقتصاد وتعكس توجهات واولويات الحكومة. (النص الكامل للتقرير على موقع «اللواء» الالكتروني.
 
ومعلوم ان مجلس الوزراء سيبحث غدا في تعيين رئيس ومدير عام واعضاء مجلس ادارة ومفوض الحكومة في المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات (ايدال)، وتعيين امين عام المجلس الاعلى للخصخصة والشراكة، ومعه مشروع مرسوم تنظيم اعمال المجلس الاعلى للخصخصة وسير عمله.
 
وبحسب المعلومات، فإن هناك اقتراحاً بتعيين الدكتور مازن سويد رئيساً لمؤسسة (ايدال) خلفاً لرئيسها نبيل عيتاني، فيما لم يعرف أعضاء مجلس الإدارة ومفوض الحكومة لديها، وكذلك تعيين رئيس المجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك الذي استقال منذ فترة طويلة.
 
لكن يبدو ان جلسة الغد ستكون مثقلة ايضا ببعض البنود المهمة غير مشروع الموازنة المدرج كآخر بند رقم 26، حيث يبحث المجلس في موضوعين يتعلقان بقانون الايجارات، الاول مشروع مرسوم النظام المالي لحساب صندوق مساعدات المستأجرين، والثاني اقتراح قانون لتعديل بعض مواد قانون الايجارات رقم 2 تاريخ 28 شباط 2017 المقدم من عدد من النواب.
 
كما يبحث المجلس في البند 9 اقتراح قانون يرمي الى فصل وزارة البلديات عن وزارة الداخلية. ومشروع مرسوم لتعديل مرسوم تنظيم المقالع والكسارات، وسيعرض مجدداعرض وزير الدفاع للاستراتيجية المتكاملة لإدارة الحدود المؤجل من الجلسة الماضية، وعرض وزارة الطاقة مشروع تزويد القرى والبلدات المجاورة لمطمر الناعمة بالكهرباء مجاناً، وطلب وزارة الاقتصاد استلام محصول القمح وتحديد السعر التشجيعي للعام2019.اضافة الى مشاريع اتفاقيات، وشؤون مالية ومتفرقة وسفر وفود للخارج.
 
الحريري في كليمنصو
 
وعشية مجلس الوزراء، حرص الرئيس الحريري على زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط في دارته في كليمنصو، تلبية لدعوة قديمة، وكان مقرراً القيام بها في الأسبوع الماضي، لكنها تأجلت بسبب تطورات الوضع في الجنوب، واصطحب الحريري في الزيارة مستشاره الوزير السابق غطاس خوري، فيما حضر من قبل الحزب الاشتراكي الوزير وائل أبو فاعور.
 
واللافت في الزيارة، والتي تخللها عشاء عمل، ان الموازنة تصدرت العنوان الأساس لها، انطلاقاً من ان هم المواطن الأوّل هو الوضع الاقتصادي، بحسب الحريري الذي ردد هذه العبارة ثلاث مرات، مشيرا إلى وجوب العمل بسرعة لمعالجته.
 
 
 
وقال ان العشاء كان لتنسيق المواقف، والتي قد يكون هناك تباين فيما بيننا حيال بعضها الا ان الأساس هو في النهاية هو مصلحة البلد.
 
وفي رده على أسئلة الصحافيين، أوضح الحريري ان الفكرة الأساس هي ان نتمكن من إقرار الموازنة ضمن المهلة الدستورية، على ان تسير كل الموازنات بعدها بهذا المنطق، مشيرا إلى ان الأساس في هذه الموازنة هو وضع خطة لثلاث سنوات لمواجهة كل التحديات، بحيث تكون هذه الموازنة مرتبطة بموازنة عامي2021 و2022، وان تترافق مع إجراءات نقوم بها خلال العامين المقبلين، وبذلك نكون اوصلنا لبنان إلى بر الأمان.
 
ونفى الحريري، رداً على سؤال آخر وجود اتجاه لفرض ضرائب جديدة، مشيرا إلى ان الفكرة الأساس هي البحث عن مصادر جديدة للمداخيل مع العمل جدياً على وضع حدّ لعمليات التهريب التي تحصل، لكنه استدرك ملاحظاً ان الاقتصاد اللبناني «عم ينزل» وقال: «حتى لو أقفلت كل المعابر غير الشرعية علينا ان لا نتوقع ان تكون الإيرادات كبيرة جداً لأن اقتصادنا عم ينزل».
 
واضاف: «الفكرة الأساس في هذه الموازنة كما قال الوزير خليل، هي ان نتوصل إلى موازنة يساوي الانفاق فيها حجم الواردات مع تثبيت العجز على نسبة 7.6 في المائة أو أقل، وان يكون أي انفاق في المستقبل انفاق استثماري، أكان في «سيدر» أو في خطة «ماكيزي».
 
وفي مجال آخر، أكّد الحريري مواصلة الحكومة العمل لاستكمال التعيينات الإدارية، والحاجة إليها، مشيراً إلى ان «القوات اللبنانية» مكون أساسي في هذه الحكومة، ويجب ان يكون لها حصة بالتأكيد، وهذا ما سيحصل في المستقبل، كاشفاً «انه ناقش الموضوع مع «التيار الوطني الحر» إلى انه ألمح إلى وجود خلاف مع «القوات» عندما قال انه «لا يمكننا ان نتوقف عند أي موضوع قد يؤخر العمل، خاصة خلال الأشهر الستة المقبلة، فليس لدينا لا الوقت لا ترف التأخير».
 
وتابع: «انا أفي بكل وعودي، ولا أريد الدخول في جدال مع «القوات»، و«هني بيعرفوا شو عملوا معي وأنا مش هاممني».
 
وختم: «ستاندرد اند بورز» قالت لنا انه يجب القيام بعدة خطوات، ولم يكن امامي سوى العمل، ومن يريد ان يصوت ضد (الموازنة) فليفعل، أكان «حزب الله» أم «القوات اللبنانية»، أم تيّار «المستقبل» أو «التيار الوطني الحر»، فالبلد سيمشي غصباً عن الجميع، هناك اقتصاد يجب ان ينهض وسينهض».
 
اما جنبلاط، فأوضح من جهته، بأنه يريد ان يناقش مع الحريري ببعض التفاصيل قد نتفق على بعضها أو نختلف، ولكن هذا شأن داخلي، والاهم مصلحة البلد»، الا ان الحريري قاطعه قائلاً: «يللا أنا جوعان»، ودخل الاثنان إلى الدار لتناول العشاء.
 
باسيل
 
وفي اليوم الأوّل لبدء ولايته رئيساً للتيار «الوطني الحر»، وعشية سفره اليوم إلى لندن، ومن ثم إلى الولايات المتحدة لرعاية مؤتمر الاغترابي، اطل الوزير جبران باسيل عبر شاشة O.T.V، معتبراً ان فوزه بالتزكية هو شكل من اشكال الديمقراطية، مشيراً إلى ان التيار هو الحزب الوحيد في لبنان الذي ينتخب رئيسه من القاعدة.
 
واعتبر ان التعيينات التي تتم سواء في الإدارة أو في التيار للمقربين منه فقط هي شائعات، لكنه اعترف بأن هناك لجنة داخل التيار تعمل على التحقق من موضوع الترشيحات وترفع نتيجتها إليه، وهذا الأمر يسري على الدولة أيضاً.
 
ونفى باسيل أيضاً وجود توتر بين التيار والجيش، مؤكداً بأن التيار ولد من رحم الجيش ولكن هناك من يسوّق لهذه الأمور الكاذبة، ووصلت بهم الأمور للقول بأنه كان وراء تسريب صورة قائد الجيش الأخيرة (مع العميل الإسرائيلي عامر الفاخوري)، موضحاً أن هذه الشائعات انتشرت بسبب الاجراءات التي طالب بأخذها في الموازنة الماضية.
 
وبالنسبة لتميز النائب العميد شامل روكز، أوضح انه ليس منتسباً للتيار وهو من الشخصيات المستقلة، ومن الطبيعي أن يكون هناك تميز مع بعض أفكار التيار، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على النائب ميشال معوض.
 
ولفت إلى موضوع المصالحة مع «القوات اللبنانية» وضعت جانباً، متمنياً العودة إلى روحية اتفاق معراب، لكن رئيس القوات سمير جعجع لا يريد ويفضل ان يمارس حالة من المعارضة العنيفة للحكومة وضد التيار والطابة في ملعبه، مؤكداً انه يريد علاقة جيدة مع الحزب «التقدمي الاشتراكي» تقوم على الشراكة الكاملة في الجبل وفي المجتمع والاقتصاد والادارة، وقال انه مصمم على العمل مع تيّار «المستقبل» رغم انه بيننا وبينه تباينات، وانه يعمل على نقل هذا التفاهم إلى القاعدة الشعبية، مشيرا إلى ان علاقته مع الرئيس نبيه برّي إلى تحسن، وان الوضع الاقتصادي الصعب يساعدنا ويجبرنا على العمل معاً خاصة وانه لديه وزارة المالية التي تتحمل مسؤولية كبيرة.
 
وأكّد ان قيادة «حزب الله» تقدّر صراحة «التيار» ما يزعج الجمهور، لكن الثقة تقتضي الحديث بشفافية مع الحليف، معتبراً ان لا سبب لا تكون العلاقة سيئة مع رئيس تيّار «المردة» سليمان فرنجية، واتمنى ان تصطلح الأمور، ولكن لا تجاوب من جانبه حتى الآن، واعتبر ان ما حمى لبنان هو قوة لبنان والرد على إسرائيل كان مدروساً واعادها إلى الحدود إلى قواعد العام 2006، وقال: «نحن لا نريد الحروب، ولن نتخلى عن حماية لبنان، ومن حق النّاس ان تطرح السؤال عن الجهة صاحبة القرار في الحرب والسلم، ولذلك نطرح الاستراتيجية الدفاعية».
 
خلافات القوات - الكتائب
 
إلى ذلك، وفي حين ارست لقاءات المصارحة والمصالحة حالة استرخاء سياسي بين العديد من القوى السياسية، أندلع فجأة أمس الأوّل وأمس سجال «تويتري» بين نواب حزبي «القوات اللبنانية» والكتائب، على خلفية احياء ذكرى اغتيال الرئيس بشير الجميل. عبر احتفالين واحد لـ «القوات» في الأشرفية، وثان للكتائب توزع بين الأشرفية وبكفيا، حيث كانت لرئيس الكتائب النائب سامي الجميل مواقف لافتة سواء تجاه «حزب الله» أو «القوات» لا سيما عندما وصف المقاعد الوزارية في الحكومة بأنها عبارة عن «كراسي من كرتون». ما اثار اعتراض وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان الذي ردّ عليه «بأننا لا نجلس اصلاً على كراسي بل نقاتل في مواقعنا».
 
واعلن نائب رئيس حزب الكتائب الوزير السابق سليم الصايغ: ان التباعد مع «القوات» سببه الخلاف على التسوية التي نعتبرها رهانا خاطئاً، لأنها وضعت سيادة لبنان امام خيارين اما الاستسلام او الانتحار.
 
وفي تطور جديد افاد مراسل قناة «أم.تي.في» في واشنطن، ان الإدارة الأميركية «تستعد لفرض عقوبات على أسماء جديدة تشمل سياسيين من الطائفة المسيحية ورجال أعمال يدعمون «حزب الله»، وان هناك اتصالات ومحاولة لتأجيل العقوبات أو إبعاد الأسماء».