خطف الأضواء أمس إعلان «حزب الله» إسقاط طائرة اسرائيلية مسيّرة على الحدود الجنوبية، ما اعتبره المراقبون رداً على الهجوم الاسرائيلي الأخير بالطائرتين المسيّرتين على الضاحية الجنوبية لبيروت اللتين تمّ تدميرهما، إذ كان الحزب توعّد بهذا الرد، وكذلك بالرد على القصف الاسرائيلي الذي أوقع اثنين من مقاتليه في سوريا، وقد حصل عليه الاحد الماضي بتدمير آلية عسكرية اسرائيلية قرب مستعمرة افيفيم. لكنّ هذا الحدث وما لاقاه من ردود فعل محلية وخارجية، لم يلغِ الاهتمام بوصول الوسيط الاميركي الجديد في ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان واسرائيل، ديفيد شينكر، وكذلك الاهتمام بالقضايا الأخرى وابرزها ترجمة نتائج اجتماع بعبدا الاقتصادي الأخير، ومنها إقفال معابر التهريب، والتحضير لإقرار موازنة 2020 في موعدها الدستوري.

إستفاق اللبنانيون صباح أمس على إعلان «حزب الله»، في بيان، إسقاط الطائرة الإسرائيلية المسيّرة جنوباً، وقال إنّ «مجاهدي المقاومة الإسلامية تَصدّوا بالأسلحة المناسبة لطائرة إسرائيلية مسيّرة أثناء عبورها الحدود الفلسطينية - اللبنانية في اتجاه بلدة رامية الجنوبية».

وأضاف: «تمّ إسقاط الطائرة المسيّرة في خراج البلدة، وأصبحت في يد المقاومين، وذلك يوم الاثنين (أمس)».

من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إنّ إحدى طائراته المسيّرة سقطت في الأراضي اللبنانية. وأكد متحدث باسمه أنه «لا يوجد خطر خَرق معلومات» في حال السيطرة على الطائرة.

كذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه «في وقت مبكر من صباح اليوم (أمس) أطلق عدد من الصواريخ من سوريا في اتجاه اسرائيل، وأخفقت كلها في بلوغ الأراضي الإسرائيلية». واتهم «أفراداً في ميليشيا شيعية مرتبطة بفيلق القدس»، التابع للحرس الثوري الإيراني، بإطلاقها من محيط دمشق».

نصرالله

ولوحظ انّ الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله لم يتطرق في محاضرته مساء أمس، في ليلة العاشر من محرّم، الى موضوع إسقاط الطائرة المسيّرة، ولا الى أي شأن سياسي او أمني آخر. ولكنه، في كلمته المقررة اليوم في ذكرى عاشوراء، سيتطرق الى مجمل الشؤون السياسية المحلية والاقليمية.

الى ذلك، أكدت الاوساط المحيطة بـ«حزب الله» لـ«الجمهورية» انّ «الدلالة الاهم لإسقاط المسيّرة الاسرائيلية بالنسبة اليها، هي انه تمكّن للمرة الأولى من فَرض قواعد اشتباك في الجو، بعدما كان نطاقها محصوراً في البَر طيلة العقود السابقة من المواجهة مع اسرائيل».

وأنّ ما يقوّي موقف الحزب، وفق هذه الاوساط، «هو انّ الطائرة المعادية كانت تسرح وتمرح فوق القرى الجنوبية، وانه أسقطها بعد تجاوزها الحدود، ما يمنح ردّه المشروعية من جهة ويؤسّس لمعادلة جديدة في الجو من جهة أخرى».

وأكد مطّلعون على استراتيجية «الحزب» الجوية «انّ إسقاط الطائرة المسيّرة هو جزء من الرد وليس كله»، لافتين الى انّ «الحزب في صدد تنفيذ عمليات متدرجة وفي أوقات متفرقة ضد المسيّرات الاسرائيلية، حتى يقتنع العدو الاسرائيلي بأنّ الاستمرار في اختراق السيادة اللبنانية صار مُكلفاً له، إن لجهة عدد الطائرات المتهاوية وإن لجهة الهيبة المُستنزفة».

وانطلاقاً من هذا المعيار، أوضح هؤلاء المطلعون «أن ليس حتمياً او إلزامياً أن يُسقط الحزب كل طائرة مسيّرة تخترق السيادة اللبنانية، بل هو سيختار التوقيت والهدف، بالطريقة التي تستنزف تل أبيب وتُشعرها بأنّ مسيّراتها معرّضة عند كل طلعة لاحتمال عدم عودتها الى قواعدها».

وقال قريبون من الحزب «انّ قراره بإسقاط المسيّرة الاسرائيلية خضع عند التنفيذ لمجموعة تكتيكات، أبرزها ما يتعلق بنوعية الطائرة المستهدفة ودرجة ارتفاعها وطبيعة مهمتها ومدى اختراقها للعمق اللبناني، بحيث يكون الرد من النوع الذي لا يسمح للعدو الاسرائيلي بأن يكتشف ما لا ينبغي ان يعرفه في شأن قدرات المقاومة على صعيد الدفاع الجوي، خصوصاً أنّ هذا الشق من تسليحها تحوّل هاجساً لدى تل ابيب التي تسعى جاهدة بوسائلها الاستخبارية الى معرفة حقيقة ما يخفيه الحزب».

تعليق إيراني

وفي أول تعليق على إسقاط «الحزب» الطائرة المسيّرة، حذّر مستشار رئيس مجلس الشورى الايراني (البرلمان) أمير حسين عبد اللهيان من «أنّ تل أبيب ستحترق إذا قررت اللعب بالنار».

واعتبر في تغريدة «أنّ إسقاط «حزب الله» الطائرة الإسرائيلية المسيّرة، رَد مناسب سيجعل إسرائيل تندم على اعتداءاتها».

شينكر

في غضون ذلك، نقلت قناة «الحرة» عن مسؤول أميركي قوله: «على «حزب الله» الامتناع عن السلوك التهديدي، وتأجيل النزاعات على حساب سلام الشعب اللبناني وأمنه».

ووصل الى بيروت مساءً مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، في زيارة هي الأولى من نوعها في اطار مهمته كوسيط في موضوع عملية ترسيم الحدود البرية البحرية بين لبنان واسرائيل، وذلك بعدما تسلم هذه المهمة خلفاً لديفيد ساترفيلد.

وستدوم زيارته يومين على الأقل للإطلاع على الأجواء اللبنانية، قبل المباشرة بمهمته من حيث انتهى سلفه ساترفيلد. وكان اللقاء الأول له مع الرئيس سعد الحريري في السراي الحكومي الكبير، في حضور السفيرة الاميركية في لبنان اليزابيت ريتشارد ومستشار رئيس الحكومة الوزير السابق غطاس خوري، على أن يزور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عند التاسعة والنصف قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا.

وعلمت «الجمهورية» انّ شينكر سيوسّع من نطاق لقاءاته، بحيث يلتقي، بالإضافة الى المسؤولين الكبار، وزير الخارجية جبران باسيل وقائد الجيش وعدداً من رؤساء الأحزاب اليوم وغداً، قبل ان يختتم زيارته بلقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل ظهر بعد غد الخميس.

بيان

 
 

وليلاً، وزّعت السفارة الاميركية في لبنان، بعد لقاء شينكر مع الحريري، البيان الآتي:

«في التاسع من شهر ايلول الجاري (أمس)، اجتمع مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الادنى ديفيد شينكر برئيس الحكومة سعد الحريري في السراي الكبير. خلال الاجتماع، جَدّد السيّد شينكر التأكيد على أهمية الحفاظ على أمن لبنان واستقراره وسيادته.

يقوم السيد شينكر بجولة في المنطقة، تتضمّن لبنان والعراق وتونس والسعودية والأردن، بهدف التأكيد على أهمية العلاقات الثنائية وتأكيد التزام الولايات المتحدة العميق بمواصلة العمل مع شركائها والحلفاء على الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. خلال زيارته الى لبنان، سوف ينضَم الى السيد شينكر نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى جويل رايبورن.

إنّ زيارة السيد شينكر إلى لبنان، والتي تستمرّ لمدة يومين، تشمل لقاءات مع كبار المسؤولين والقادة اللبنانيين، إضافة إلى مقابلات مع وسائل إعلام لبنانية. كما سيجتمع السيّد شنكر ترافقه السفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد بمسؤولين في الجيش اللبناني».

الموازنة

وعلى صعيد المعالجات المالية والاقتصادية، وتحضيراً لجلسات مجلس الوزراء المنتظرة لدرس موزانة 2020 وإقرارها في موعدها الدستوري، عقد الرئيس الحريري اجتماعاً مع وزير المال علي حسن خليل الذي أكّد بعد اللقاء أنّ البحث تناول مشروع موازنة 2020، وليس هناك من خلافات حوله، وانّ مجلس الوزراء سيجري قراءة أولية لهذا المشروع الأسبوع المقبل.

البنك الدولي

في غضون ذلك، أكد وفد البنك الدولي الذي يزور لبنان بعد إجتماعه مع رئيس لجنة المال النيابية إبراهيم كنعان «استعداد البنك الدولي لمساعدة لبنان مادياً وتقنياً في المرحلة المقبلة»، مُشدداً على «أهمية ترجمة الإصلاحات المطلوبة، خصوصاً في ملف الكهرباء وإصلاح القطاع العام ومشاريع الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص، تمهيداً لخفض العجز».

كنعان

وأكد رئيس «لجنة المال والموازنة» النائب ابراهيم كنعان لـ«الجمهورية» أنّ «السرعة في تنفيذ مقررات الاجتماع الاقتصادي في بعبدا تُتابع عبر أكثر من محور». وشدّد على «أهميّة تنفيذ عدد من الإجراءات التي اتفق عليها مسبقاً في موازنة 2019، خصوصاً أنّ هناك إصلاحات لا تحتاج إلى قوانين لتنفيذها، كالكهرباء والتهرّب الضريبي والجمركي، بالإضافة إلى تكليف جهة دوليّة محايدة ذات صدقية عالية الدخول إلى القطاع العام وتحديد حاجاته».

واعتبر كنعان «أنّ تلك الإصلاحات وهيكلة القطاعات تؤديان حكماً إلى نمو اقتصادي وانخفاض في فوائد الديون، من خلال استعادة لبنان ثقة الجهات الدوليّة والمصرفيّة المحليّة».

وأكّد «أنّ العبرة في تنفيذ الإصلاحات في موازنة 2020»، لافتاً إلى إمكانيّة خفض إضافي قد يصل إلى 800 مليار ليرة من الإنفاق الجاري في الموازنة، «على اعتبار أنّه لدينا الوقت الكافي لدراستها، عكس ما حصل في الموزانة السابقة. وكل ذلك يرسل إشارات إيجابيّة إلى المجتمع الدولي».

كذلك شدّد كنعان على «أنّ جميع هذه الخطوات تحتاج إلى استقرار سياسي، ولذلك يعمل رئيس الجمهوريّة مع رئيسي الحكومة ومجلس النوّاب بشكلٍ جديّ على تشجيع الحوار والتفاهم بين مختلف الأطياف السياسيّة»، مشيراً إلى «أنّ الدليل على ذلك هو أنّ مناخ التفاهمات طغى على الجو السياسي خلال اليومين الماضيين».

إجتماع أمني

وفي إطار العمل لتنفيذ نتائج الإجتماع الاقتصادي الأخير في بعبدا، عُقد أجتماع أمني في اليرزة أمس، خُصّص للبحث في معالجة التهريب وإقفال المعابر غير الشرعية.

وقالت مصادر المجتمعين لـ«الجمهورية» انّ هذا الاجتماع تحضيري لاجتماع آخر سيعقد الاربعاء، وستبحث فيه كل القضايا المتعلقة بالتهريب والمعابر غير الشرعية، والرد على الاتهامات التي تطاول الجيش في هذا المجال.

وأوضح قائد الجيش، خلال الاجتماع، نقاطاً عدة حول هذا الموضوع، خصوصاً انّ الاجهزة الامنية كانت قد أعدّت تقريراً عما كانت عليه المعابر قبل معركة «فجر الجرود» وبعدها، وتبيّن انّ 95 في المئة منها قد أقفل، وانّ المعابر المتبقية لها شقّين: سياسي ومالي. السياسي يتعلق بترسيم الحدود، والمالي يتعلق بإمكانات الجيش لإقفال النقاط الحدودية المتبقية.

وقالت المصادر نفسها انّ الجيش جاهز تقنياً لتأدية كل المهمات المطلوبة منه، ولا علاقة له بالشق السياسي، أمّا مالياً فهو بحاجة الى إمكانات ليتمكن من إقفال بقية المعابر، وهو في حاجة أيضاً الى تطوير قدراته وتطويع عناصر جديدة ليصبح قادراً على ضبط الحدود لأنّ عديده غير كافٍ.

مجلس الوزراء

على صعيد آخر، يعقد مجلس الوزراء جلسته الأسبوعية العادية عند الحادية عشرة والنصف قبل ظهر بعد غد الخميس في القصر الجمهوري، وعلى جدول أعماله ٢٩ بنداً عادياً.

وعشيّة هذه الجلسة التي قد تشهد سلة تعيينات، أعلن النائب جورج عدوان أنّ تكتل «الجمهورية القوية» تقدّم باقتراح قانون معجّل مكرّر يرمي إلى تحديد آلية التعيين في الفئة الأولى في الإدارات العامة، وفي المراكز العليا في المؤسسات العامة.