بانتظار جلسة مجلس الوزراء اليوم، وما ستسفر عنه من قرارات، كانت النتائج الفورية لجلسة «المصارحة والمصالحة» في بعبدا، التي كان للرئيس نبيه برّي دوراً محكماً في هندستها، وإخراجها الى النور، انه قاد النائب وليد جنبلاط سيارته بنفسه في قبرشمون، وأعلن النائب طلال أرسلان ان بصدد عقد مؤتمر صحفي اليوم، لشرح موقفه مما جرى والاعتبارات التي دفعته إلى المشاركة في اللقاء، على ان تعقب المصالحة هذه لقاء يرعاه الرئيس برّي أيضاً في عين التينة بين ممثلين لكل من الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الله، ينهي أسابيع من التوتر، قبل أو بعد إطلالة السيّد حسن نصر الله، السبت المقبل، في إطار الاحتفال بتوقف العمليات الحربية في 14 آب 2006.
 
وإذا كان العامل الاقتصادي لعب الدور الحاسم في ترتيبات الاجتماعات، فإن المفاعيل لم تتأخر اذ ارتفعت السندات الحكومية اللبنانية المقومة بالدولار أمس بعد تقارير عن اجتماع لزعماء البلاد بهدف تحقيق انفراجة في الأزمة السياسية التي أصابت الحكومة بالشلل.
 
وارتفع إصدار 2030 بما يزيد على 1 سنت في الدولار ليصل إلى أعلى سعر في أسبوع، فيما صعد أيضا إصدار 2032 أكثر من سنت، وفقا لبيانات تريدويب (رويترز).
 
وقال مسؤولون كبار إن الاجتماع الذي عُقد امس يمهد الطريق أمام مجلس الوزراء للانعقاد للمرة الأولى منذ حادث إطلاق نار أسفر عن سقوط قتلى في 30 حزيران. وتسبب غياب الحوار السياسي في تعقيد المحاولات الرامية إلى المضي قدما في تنفيذ إصلاحات ضرورية لتجنيب البلاد أزمة مالية.
 
فرض الكتمان نفسه على المشاركين في لقاءات المصارحات والإجراءات، واكتفى الرئيس نبيه برّي قبل المغادرة، بوصف ما حدث بأنه «إنجاز»، في وقت اعرب فيه جنبلاط، وهو يهم بالمغادرة انه مرتاح لأجواء اللقاء.
 
وفي معلومات «اللواء» ان الرئيس برّي سمح بالافراج عمّا توصلت إليه اتصالاته بعد منتصف الليل، وكانت أقفلت المساعي، قبل هذا التاريخ، بعد تغريدتين لكل من جنبلاط وارسلان.. وذلك بقبول اقتراحه، الذي كان اوقف محركاته، عندما اصطدمت بمجموعة من المعاندات السياسية، من دون ان يلغي المبادرة أو ينسحب من المعالجات.
 
وعليه، يعود مجلس الوزراء اليوم للانعقاد، لكن على نحو خاطف، بعد مرور ما لا يقل عن 40 يوماً على تعليق اجتماعاته غداً.
 
ضمانات المصالحة
 
وبالرغم من التكتم الشديد مساء امس على مجريات اللقاء الخماسي في قصر بعبدا، افادت المعلومات ان المصالحة قامت على الاساس الذي عمل عليه الرئيس بري واللواء عباس ابراهيم منذ مدة، اي على اساس ان تتابع المحكمة العسكرية تحقيقاتها وتقرر بناء لذلك اي قضاء سيتابع جريمة البساتين، فيما يكون مجلس الوزراء قد استأنف اعتبارا من اليوم جلساته لمتابعة المواضيع التي توقف عندها قبل اربعين يوماً، تاريخ جريمة البساتين في 30 حزيران وتعذر انعقاد جلسة مجلس الوزراء في 2 تموز، خاصة ان اللقاء جاء عشية سفر رئيس الحكومة الى واشنطن بعد عطلة العيد التي سيمضيها مع عائلته في السعودية، وجاء بعد بيان السفارة الاميركية في بيروت، الذي حث الاطراف ضمنا على المعالجة السياسية والقضائية المستقلة، فيما الهاجس الاهم في كل هذه التحركات والمواقف هو انقاذ الوضع الاقتصادي والمالي للبلد، ووقف التوتير الامني والسياسي.
 
 وعُلم انه بعد فشل مساعي الخميس التي لم تنجح، جرى تواصل بين الرئيسين عون وبري تم خلاله الاتفاق على مواصلة المسعى وتكليف بري بمتابعتها وطرح بري ان تعقد جلسة المصارحة تليها المصالحة. وجرت الاتصالات مجددا الى ان وافق حنبلاط وارسلان مقابل ضمانات او تطمينات للرجلين، يجري الاتفاق عليها في الاجتماع. بما يُطمئن جنبلاط الى عدم استهدافه، ويُطمئن ارسلان الى عدم طي ملف الجريمة ومحاسبة المرتكبين. وشارك حزب الله بالاتصالات مع ارسلان. (راجع القصة الكاملة ص ٢)
 
 وفيما عبّر جنبلاط بعد لقاء بعبدا عن ارتياحه لأجواء اللقاء ولم يدلِ بأي تعليق برغم اتصال «اللواء» به مراراً، وفيما وصف الرئييس بري ما جرى بانه «انجاز»، امتنعت مصادر الحزب اليموقراطي عن التعليق وقالت: انها ستصدر الموقف المناسب في الوقت المناسب. لكن لوحظ ان النائب ارسلان خرج من اللقاء مبتسما ومرتاحا..
 
وقالت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان اجتماع «المصارحة والمصالحة» كما اتفق على وصفه في قصر بعبدا اتسم بالمسؤولية والحرية، فكانت المصافحة والمصارحة ثم المصالحة، لكن الرجلين لم يتبادلا القبلات، واقتصر لقاؤهما على المصافحة لدى مشاركتهما في الاجتماع الخماسي، مع العلم انهما قبيل انعقاد اللقاء انتظرا كل منهما في قاعة جانبية، وشوهد أرسلان يحمل معه مغلفاً أصفر اللون. على أن يعقد مؤتمراً صحفياً اليومس.
 
وأفادت المصادر نفسها ان الاجتماع تناول المواضيع المرتبطة بحادثة قبرشمون - البساتين والوضع الذي نشأ على الأرض وكل التفاصيل، واصفة ما جرى بجلسة المصارحة بالصمت.
 
وأشارت هذه المصادر إلى ان القضاء العسكري سيتابع تحقيقاته وهو أمر متفق عليه، ويرضي المطلب القضائي، في حين ان مطلب عدم إحالة حادث قبرشمون إلى المجلس العدلي يرضي الحزب التقدمي الاشتراكي، لكن المصادر نفسها أوضحت ان عودة انعقاد جلسات مجلس الوزراء هو مطلب الرؤساء عون وبري والحريري بعدما بلغ ما بلغ إليهم من معطيات ورسائل وتحذيرات من بقاء البلد من دون حكومة.
 
ونفت المصادر ان يكون الاجتماع قد تناول أي إسقاط للحق الشخصي.
 
وعلم ان اتصالات ليلية قادها المعنيون استمرت حتى فجر أمس بهدف إنجاح مبادرة المصالحة، وتم الاتفاق في الاتصال الليلي الذي تمّ بين الرئيسين عون وبري على تفعيل ما كان طرحه رئيس المجلس سابقاً في موضوع إنجاز مصالحة بين جنبلاط وارسلان في موازاة التحقيقات التي تجرى في قضية قبرشمون.
 
وتردد انه تمّ التوافق على ان يتلو الرئيس الحريري بيان المصالحة الذي حمل عنوان المبادرة: القضاء العسكري يتولى التحقيق وفق القوانين والأنظمة المرعية الاجراء، وفي ضوء نتائج التحقيقات يتخذ مجلس الوزراء القرار المناسب.
 
وكان الرئيس برّي قد وصف ما تحقق «بالانجاز» فيما أبدى جنبلاط ارتياحه لما جرى واكتفى أرسلان بالابتسامة. اما الوزير جبران باسيل فشوهد في قصر بعبدا أثناء الاجتماعين، لكنه لم يُشارك في أي منهما.
 
وقالت مصادره انه مع ترحيبه بكل مصارحة يُؤكّد على الآتي:
 
 
 
«- وضعت الامور في نصابها: مصارحة ومصالحة بين جنبلاط وأرسلان ولم ينجح احد في تحويل الصراع الى طائفي في الجيل.
 
- نحن معنيون بأن يأخذ القضاء مساره ولا شروط عندنا من الأساس. 
 
- سياسباً معنيون بتأكيد الحق السياسي للجميع في حرية التحرك في اي منطقة لبنانية ولن نقبل بأي استئثار او احتكار او عزل لأي منطقة او مكون ونؤكد على حيثيتنا النيابية والشعبية في الشوف وعاليه».
 
مال واقتصاد
 
وبالتوازن مع لقاء «المصارحة والمصالحة» الذي جمع جنبلاط وارسلان، برعاية الرؤساء الثلاثة، شهد قصر بعبدا اجتماعاً ذا طابع مالي واقتصادي، على مستوي رفيع من الأهمية بقصد تعزيز الاستقرار السياسي المالي، ووضع الإجراءات والترتيبات اللازمة للخروج من الأزمة التي يعيشها البلد.
 
وللتأكيد على أهمية هذا الاجتماع الذي شارك فيه وزراء المال علي حسن خليل والاقتصاد منصور بطيش وشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، ورئيس لجنة المال النيابية النائب إبراهيم كنعان وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير والمدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير، حرص الرئيس الحريري على ان يتلو بنفسه البيان الذي صدر عن المجتمعين، ولا سيما انه كان من نتائجه الأولى، معطوفاً على مصالحة جنبلاط- أرسلان، ارتفاع قيمة السندات الدولارية اللبنانية، في إشارة يفترض ان تنعكس ايجاباً على التصنيف الائتماني الذي ستصدره وكالة «موديز» في 23 الشهر الحالي مستفيدة من تنقية الأجواء السياسية، في البلاد والعودة لانتظام عمل المؤسسات، وفي مقدمها مجلس الوزرء.
 
وفي البيان تأكيد على التزام المجتمعين باستمرار الحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة والاستقرار الائتماني، والاتفاق على جملة من الخطوات بتفعيل الاقتصاد وتعزيز وضع المالية العامة، والمباشرة بمناقشة تقرير «ماكنزي» ومن هذه الخطوات: إقرار موازنة 2020 في مواعيدها الدستورية والالتزام بتطبيق دقيق لموازنة 2019، وضع خطة تفصيلية للمباشرة بإطلاق المشاريع الاستثمارية المقررة في مجلس النواب والبالغة 3،3 مليار دولار، إضافة إلى مشاريع «سيدر»، والالتزام بالتطبيق الكامل لخطة الكهرباء بمراجعها المختصة، وإقرار جملة من القوانين الإصلاحية، ومنها: المناقصات العامة، التهرب الضريبي، الجمارك، الإجراءات الضريبية والتنسيق مع لجنة تحديث القوانين في المجلس النيابي، وكذلك تفعيل عمل اللجان الوزارية، واستكمال خطوات الإصلاح القضائي وتعزيز عمل التفتيش المركزي واجهزة الرقابة، والتشدد في ضبط الهدر والفساد وإعادة النظر بالمؤسسات غير المجدية والغاؤها وفقاً لما تقرر في القوانين السابقة.
 
وفيما وصف بيان الاجتماع بأنه شبيه ببيان وزاري جديد شديد الاقتضاب، كشفت مصادر مطلعة، ان الاجتماع كان مقررا سابقا، وبشكل منفصل عن لقاء المصالحة، ويصب في سياق التنسيق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في المراحل المقبلة، في ضوء وجود ملفات تستدعي ذلك.
 
وبحسب مصادر وزارية فإن حضور برّي الاجتماع أعطى قيمة للتعاون بين هاتين السلطتين، في حين لفت الوزير خليل، في ردّ عن سؤال عن ترابط اجتماعي المال والمصالحة، إلى ان ما من استقرار اقتصادي من دون استقرار سياسي، ملاحظا ارتفاع أسعار السندات الدولارية اللبنانية قبل الاجتماع وصدور البيان وقد يتأثر بذلك التصنيف الائتماني.
 
اما الرئيس عون فقد اعرب عن ارتياحه لنتائج الاجتماع المالي والاقتصادي الذي عقد في قصر بعبدا، مشددا على ضرورة التعاون لتحقيق ما تم الاتفاق عليه خلال الاحتماع.
 
وبالنسبة الى اجتماع المصارحة والمصالحة، أكد الرئيس عون انه بعد انجاز المسار الامني لمعالجة حادثة قبرشمون من خلال اعادة الامن والامان الى المنطقة، وتولي القضاء العسكري التحقيق في الجريمة وفق المسار القضائي، تمت اليوم مقاربة المسار السياسي من خلال اللقاء الذي عقد في القصر والمصارحة التي تلتها مصالحة، وبذلك تكون المسارات التي حددها الرئيس عون منذ اليوم الاول الذي تلا الجريمة ، قد تكاملت امنيا وقضائيا وسياسيا، والقضاء العسكري سيواصل تحقيقاته وفي ضوء نتائجها يتخذ مجلس الوزراء القرار المناسب.
 
وقالت المصادر ان الملف أصبح برمته قيد المعالجة بايدي مؤسسات السلطة سياسيا وامنيا وقضائيا.
 
مبنى تاتش
 
وبالنسبة لملف مبنى «تاتش» لفت وزير ​الاتصالات​ ​محمد شقير​ في ​مؤتمر​ صحفي تناول فيه هذا الموضوع إلى ان «هذا المبنى أصبح أشهر من مبنى ​برج خليفة​»، موضحا انه «كنت أمام 4 خيارات الأوّل ألا أقوم بشيء والخيار الثاني هو شراء أرض في «سوليدر» وبناء مبنى والخيار الثالث كان الاستئجار وقد تبين أنه يكلف 75 مليون ​دولار​ لكنّنا إتخذنا قراراً بالشراء».
 
ورأى ان «هناك أصوات كثيرة خرجت وهناك أشخاص أعداء لهذا الوطن وتطلق شعارات لمحاربة الفساد​، وما شجّعني على خطوتي هو ما قيل في جلسات ​الموازنة​ بحيث كان الجميع يطالب بالتملّك وأنا فعلت ما يمليه علي ضميري وبما يصبّ في مصلحة ​الدولة​«.
 
وأكد انه «وفّر على الدولة من خلال خطوة شراء المبنى انه كان واضحا انه بعد 10 سنوات وبسبب كلفة الايجار سنكون صرفنا 94 مليون دولار من دون مقابل أما اليوم ومن خلال خطوتي ستمتلك الدولة هذا المبنى بعد 10 سنوات» وساقوم مرة جديدة بخطوة مماثلة مع شركة «الفا».
 
 وشدد على انه «لم أرسل أي شيء رسمي لوزير ​المال​​، وانه تكلم معه بإحدى الجلسات وتكلم مع الرئيس الحريري​ ووزير المال وكل القوى السياسية تعلم بالموضوع».
 
وقال أن «الملف بات في ​القضاء​ وليأخذ القرار المناسب، كل التهجم اليوم فارغ ولن يؤثر علي نحن نتقدم ونستطيع ان نتطور».