ترددت معلومات أمس عن أنّ عون سيبعث برسالته الى مجلس النواب خلال ايام، وانه أبلغ الى المحيطين هذا الامر، فيما أبلغ الحريري الى حلفائه، ومن بينهم «القوات اللبنانية»، انه اتخذ قراره النهائي بعدم التراجع عن موقفه القائل إنه لن يعطي المخرج للعقدة السنية من حصته، وانّ الحل الوحيد المُتاح هو من حصة رئيس الجمهورية.

وعلم انّ الحريري، الذي يراهن على تعزيز وضعه على الساحة السنية، سيتغيّب عن الجلسة النيابية في حال دعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري إليها، وستتضامن معه «القوات اللبنانية» في هذا الموقف، فيما رجّح البعض أن لا يدعو بري الى هذه الجلسة إنسجاماً مع المبدأ الذي يسير عليه، وهو بعدم انعقاد الجلسات النيابية في حال غياب مكوّن كبير مثل تيار «المستقبل» من السنّة. لا بل انّ بري أبلغ، بإسمه وبإسم «حزب الله»، الى المعنيين عدم الموافقة على إحراج الحريري بهدف إخراجه، وأن لا بديل منه لتشكيل الحكومة.

صورة قاتمة على أنّ مراجع سياسية رسمت صورة قاتمة عن الوضع الحكومي، مبدية خشيتها من انزلاق الامور الى تعقيدات أكبر، خصوصاً بعدما تخطّت الأزمة الملف الحكومي ودخلت الى خانة الصلاحيات الدستورية لبعض السلطات، بالتوازي مع ما نُسب الى رئيس الجمهورية من حديث عن بديل للرئيس المكلف سعد الحريري.

وبحسب هذه المراجع، فإنّ الحديث عن مخارج وحلول وَسْطَ هذه الأجواء ليس في محله، ذلك انّ الامور بالإشكالات التي طرأت على خط الرئاستين الاولى والثالثة تُنذر بانعدام إمكانية بلوغ حلول، وبالتالي بتعطيل طويل الأمد.

في هذا الجو، رصد ترقّب حَذر في «عين التينة»، مع شعور سلبي حيال التعقيدات التي استجدّت، عبّر عنها رئيس المجلس النيابي نبيه بري بإشارته صراحة الى انّ ملف التأليف عاد الى الوراء، حيث قال: «عدنا الى أبجد».

وعبّر بري عن استيائه من وصول الامور الى «هذا الحد من الانسداد»، وقال أمام زواره: «كان يجب ان تتألف الحكومة خلال الايام العشرة التي تَلت تسمية الرئيس المكلف سعد الحريري، فلو تمّ ذلك لَما كان البلد وصل الى ما وصلنا اليه».

إلا انّ بري لم يفقد الامل في إمكان الوصول الى حل، حيث قال: «ثمّة بارقة أمل ما زالت موجودة ولا أرى غيرها، هناك حل وحيد، هو الذي طَرحته على الوزير جبران باسيل، ويشكّل المخرج الملائم لهذه الازمة (أن يتخلى رئيس الجمهورية عن الوزير السنّي من الحصة الرئاسية لمصلحة أحد نواب سنّة 8 آذار).

«المستقبل» و«التيار» في هذا السياق، علّق مصدر في تيار «المستقبل» على احتمال توجيه عون رسالة الى مجلس النواب، فقال: «عندما يتم توجيه الرسالة يتم تحديد الموقف».

في حين قالت مصادر بارزة في «التيار الوطني الحر» انّ عون سبق أن أعطى مهلة «مَعنويّاً» لتأليف الحكومة حَدّها الأقصى نهاية أيلول الماضي، لكن نظراً لإيجابياتٍ طرأت على خط التأليف عاد ومَدّد المهلة ولم يبادر الى اتخاذ خطوة يعتبرها دستورية قد تساهم في الحلّ. أمّا اليوم فقد عُدنا مجدّداً الى مربّع التأزيم، مع رفض الحريري حتى النقاش في صيغة الـ 32 وزيراً القابلة لتفاوض يُريح الحريري ولا «يَكسره»، خصوصاً أننا دخلنا سابقاً في كباش مباشر مع «حزب الله» دعماً للحريري، وفي الوقت نفسه تحلّ هذه الصيغة أزمة العدد والتمثيل داخل الحكومة».

وأضافت: «انّ الرسالة التي قد يوجّهها عون الى مجلس النواب، بناء على صلاحيته المنصوص عنها في الفقرة 10 من المادة 53 من الدستور، تدخل ضمن هذا الاطار ولو أنّ عنوانها «مصير التكليف». 

لكنّ مصادر «التيار» تستبعد الوصول قريباً الى مشهد انعقاد مجلس النواب لمناقشة الرسالة الرئاسية «فلا مصلحة لأيّ طرف الآن بهذا الأمر، خصوصاً أنها لن تعني سوى سحب التكليف وليس مجرد «فَشّة خلق». فصحيح أن لا نصّ دستورياً يجيز هذا الامر، لكنّ روحية الدستور حاضرة كون الرئيس المكلّف إستمدَ تكليفه من النواب، والمجلس القادر على تعديل الدستور يستطيع حكماً سحب التكليف». 

الحريري وباسيل  على صعيد آخر، يغادر الحريري اليوم الى لندن للمشاركة في «ملتقى لندن الاقتصادي» المقرر بعد غد الأربعاء 12 الجاري، بعنوان: «إستثمر في لبنان» بالتنسيق بين السفارة اللبنانية في لندن، والسفارة البريطانية في لبنان، وبمشاركة القطاع الخاص في البلدين.

ومن المقرر أن يلتقي الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل في الملتقى، حيث من المقرر أن يحضر المؤتمر على المنصة الى جانب الحريري.  وتجدر الإشارة الى انّ باسيل سيتوجه الى لندن بعد إنهاء مشاركته في «المؤتمر الدولي لاعتماد الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة»، الذي سيعقد اليوم في مدينة مراكش، وسيلقي خلاله كلمة لبنان.

القمة الاقتصادية العربية من جهة ثانية، أثارت أوساط سياسية موضوع التحضيرات لانعقاد القمة الاقتصادية العربية في بيروت منتصف الشهر المقبل، وطرحت حولها علامات استفهام حول طريقة مشاركة لبنان فيها ونوعية حضوره أكان بحكومة او بلا حكومة، مع انّ الاجواء تؤشّر الى انّ ّالحكومة بعيدة المنال حتى الآن، حتى ما قبل تلك القمة.

وفيما قال مرجع سياسي لـ«الجمهورية»: «كيف لقمة اقتصادية ان تعقد في بلد طفران مالياً وطفران حكومياً؟»، إستغرب بري «كيف لا يدعو لبنان، الذي يستضيف القمة، سوريا الى حضورها؟!». (إشارة هنا الى انّ أنباء وردت الى بيروت عن لجنة ثلاثية لبنانية - أردنية ـ عراقية للسفر الى مصر ومحاولة إقناع الجامعة العربية بدعوة سوريا الى القمة).

وقال بري: «أعجب كيف انهم لا يدعون سوريا، علماً انّ لبنان وسوريا تربطهما علاقات كاملة؟! ففي الاسبوع الماضي حضر الى لبنان وزير سوري وطرح على اللبنانيين «إن اردتم كهرباء فلدينا فائض نستطيع ان نمدّكم»، فضلاً عن أنّ الوزير في كتلتنا غازي زعيتر زار دمشق مرتين، وكذلك الوزيرة عناية عز الدين والوزير حسين الحاج حسن مرات، والوزير فنيانوس مرات ايضاً إضافة الى وزير يقوم بزيارة دمشق اسبوعياً (الوزير بيار رفول)، ولدى لبنان سفير في سوريا، ولدى سوريا سفير في لبنان، واذا أردنا ان نصدّر الموز نطلب من السوريين فتح الحدود، واذا أردنا ان نُخرِج عناصر «داعش» نطلب من السوريين ايضاً ان يفتحوا الطريق، واذا اردنا ان نعيد النازحين ننسق مع السوريين، فكيف يقولون انه لا توجد علاقة مع سوريا». واضاف: «أنا من جهتي قلتُ أكثر من مرة وفي اجتماعات برلمانية عربية، لا أقبل انعقاد الاجتماعات من دون سوريا، ولن أقبل اي اجتماع عربي آخر من دون سوريا».

على الحدود جنوبياً، بقي الوضع على الخط الحدودي الجنوبي متأثراً بالاعلان الاسرائيلي عن وجود نفق على الحدود، حيث رصدت دوريات إسرائيلية متواكبة مع استمرار عمليات حفر بحثاً عن أنفاق، وكذلك دوريات لقوات «اليونيفيل» على الجانب اللبناني من الخط.

وعلى رغم من الاتهامات الاسرائيلية المتتالية، فإنّ لبنان ما زال مُصرّاً على موقفه المشكّك بالرواية الاسرائيلية حول الانفاق، وهو ما عاد وأكده رئيس مجلس النواب نبيه بري بقوله: «طلبنا إحداثيات وحتى الآن لم نتلق أيّاً منها، وعندما نتلقّاها يُبنى على الشيء مقتضاه».