تعصف بالبلاد أجواء التفاؤل، وتكاد حركة مشاورات الرئيس المكلف سعد الحريري توصل الليل بالنهار لترسو المعالجة عند حقيبتين ما تزالا موضع أخذ ورد هما: وزارة التربية التي تطالب بها «القوات اللبنانية» ويحرص اللقاء الديمقراطي على المطالبة للاحتفاظ بها، فضلاً عن حقيبة العدلية التي تطالب بها «القوات» أيضاً، ويرغب التيار الوطني الحر الاحتفاظ بها..
وكشف مصدر واسع الاطلاع ان الهيكلية التوزيعية انتهت، وان ما يجري هو إسقاط الأسماء على الحقائب.
وتحدث مصدر نيابي لـ«اللواء» عن اتجاه قوي لدى الرئيس المكلف لاجراء مصالحة في بيت الوسط بين القطبين الدرزيين النائب السابق وليد جنبلاط والنائب طلال أرسلان.
لكن المصدر استدرك قائلاً ان المحاولة ما تزال قيد السعي، مشيراً إلى ان ما أعلنه جنبلاط بعد ان سلّم الرئيس ميشال عون لائحة بخمسة أسماء ليختار واحداً منهم، تردّد انه نبيل أبو ضرغم، وهو القاسم المشترك مع النائب أرسلان، من بعبدا لجهة تسليم أمين السوقي المتهم بقضية الشهيد أبو فرج (بتعبير جنبلاط نفسه)، أولاً.
ولاحظت الأسواق الاقتصادية والسياسية، ان انتعاش عملية التأليف والمراحل التي قطعتها، أدت بدورها إلى انعاش أسهم سوليدير، وتحسن الطلب على السندات.
وقد شهدت الأسواق المالية اللبنانية يوم أمس عودةً للطلب في سوق سندات اليوروبوندز الذي انعكس تحسناً في الأسعار وتقلصاً في الهوامش، كما اتجهت الأسعار في سوق الأسهم الى الإرتفاع رغم استمرار الإنخفاض في أحجام التداول، أما سوق القطع فسجلت استقراراً في سعر تداول الدولار في وقت حافظت فيه الموجودات الخارجية لدى مصرف لبنان على مستوى مرتفع.
وجاء الإرتفاع الذي شهدته سوق سندات اليوروبوندز لينهي سلسلة الانخفاضات الحادة في الأسعار التي سجلتها أدوات الدين اللبنانية في الأسابيع القليلة الماضية وسط استمرار عقدة التشكيل الحكومي وضعف الأسواق الناشئة عموماً. 
أما حركة التداول على ​بورصة بيروت فقد سجَّلت تحسُّناً للأسبوع الثاني على التوالي مع تسجيل تداول شريحة كبيرة من أسهم سوليدير «ب» الذي ارتفع سعره من 6.12 دولارات (سعر الإقفال يوم أمس الأول الإثنين) الى 7.01 دولارات (سعر الإقفال الأخير يوم أمس الثلاثاء) وبلغت نسبة الإرتفاع 14.54 في المئة، فيما بلغ حجم التداول 6.566 سهماً. (راجع ص 5)
الأمتار الأخيرة
في غضون ذلك، بدت مفاوضات تشكيل الحكومة والتي تكثفت أمس أيضاً، كأنها تقطع الأمتار الأخيرة، قبل الوصول إلى خط النهاية، وكأن حظراً كبيراً كان مفروضاً على الولادة، وتم رفعه فجأة، بحيث بدأت تتهاوى العقد واحدة تلو الأخرى، وأولها ما سمي بالعقدة الدرزية بالموافقة على وزير ثالث حيادي يرضى به الطرفان لا سيما وأن أحدهما اقترحه، فيما بقيت العقدة المسيحية محصورة ببعض التفاصيل البسيطة المتنازع عليها بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، سواء حول حقيبة العدل، أو أي حقيبة أخرى تكون وازنة، وسط معلومات عن إمكانية تنازل الرئيس ميشال عون عنها لمصلحة «القوات»، أو تنازل «التيار الوطني الحر» عن المطالبة بحقيبة الاشغال بحيث تبقى لتيار «المردة»، أو ان تذهب لـ«حزب الله» في مقابل إعطاء الصحة «للمردة» بدلاً من وزارة «الطاقة»، التي كما يظهر ستبقى محسومة للتيار الحر، في حين حسم موضوع بقاء «التربية» للحزب التقدمي الاشتراكي، وفق ما أعلن رئيسه وليد جنبلاط، رافضاً وزارة البيئة كي «لا يدخل في مشاكل مع تجار الزبالة» كما قال، وكذلك وزارة المهجرين التي يجب اقفالها.
توزيع الحقائب
لكن بعض المعلومات من مصادر رسمية موثوقة اكدت لـ«اللواء»ان حقائب العدل والاشغال والتربية لم تحسم بصورة نهائية ولا زالت مفاوضات الساعات الاخيرة قائمة حولها. 
وبناء على المشاورات التي جرت خلال اليومين الماضيين، افادت المعلومات ان الصيغة النهائية للحكومة باتت شبه منتهية على ان يقدمها الرئيس الحريري الى الرئيس عون بين يوم ويوم. 
وفي حال كان جواب رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل للحريري ايجابياً بالنسبة للعرض الذي قدمه اليه الرئيس المكلف الليلة الماضية، وهو ما عبر عنه الرئيس نبيه بري من جنيف بالقول: «ان هناك تقدماً للوصول الى تشكيلة كاملة قريباً». 
وذكرت المعلومات ان ما تم حسمه حتى الان يرضي كل الاطراف،خاصة اذا حصلت «القوات» على منصب نائب رئيس الحكومة بلا حقيبة وثلاث حقائب واحدة تعتبر خدماتية هي الشؤون الاجتماعية وواحدة اساسية هي الثقافة واخرى حقيبة دولة. فيما ينال الحزب التقدمي الى جانب التربية حقيبة الصناعة بعدما اصرت حركة «امل» على حقيبتي الزراعة والمالية وتبقى حقيبة الدولة من حصة الدرزي الثالث الحيادي او الوسطي. وتردد ان حصة رئيس الجمهورية ستكون الدفاع والاقتصاد والعدل وحقيبة دولة. وبقيت حقيبة الاعلام موضوع نقاش بين تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» الذي سيحصل على حقيبتي الخارجية والطاقة الى جانب حقائب اخرى عادية وحقيبة دولة، ويحصل «المستقبل» على الداخلية وحقائب عادية وحقيبة دولة.
الولادة
وفيما ذهبت ترجيحات إلى توقيع إعلان الولادة الحكومية هذا الأسبوع، أو الأسبوع الذي يلي، في أعقاب الزيارة المرتقبة للرئيس الحريري إلى بعبدا، أو اثر عودة الرئيس برّي من جنيف المتوقعة يوم الجمعة المقبل، كان لافتاً للانتباه تثبيت الرئيس الحريري للأجواء الإيجابية حكومياً، إذا أكد خلال رعايته مؤتمر «صيف الابتكار» من السراي أمس: «اننا اقتربنا جداً من تشكيل الحكومة»، متمنياً على الحاضرين عدم طرح أسئلة متعلقة بالحكومة عليه، لأنه لن يجيب عليها، وهو ما فعله أيضاً مع الصحافيين المعتمدين في «بيت الوسط»، بخلاف عادته، قبيل الاجتماع الأسبوعي لكتلة «المستقبل» النيابية التي عبرت عن «ارتياحها لمستجدات الساعات الأربع والعشرين الماضية، ولنتائج اللقاءات التي شهدها «بيت الوسط»، والمواقف التي أدلى بها المعنيون بمتابعة الشأن الحكومي»، وعولت على «استمرار أجواء التفاؤل، وعلى الجهود المرتقبة للرئيس المكلف خلال الأسبوع الجاري، وصولاً إلى صيغة حكومية تكون محل أوسع توافق ممكن ومحل ثقة اللبنانيين».
ونوهت الكتلة «بالتعاون المتواصل بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية والعمل الجاري على تهيئة الظروف المطلوبة لولادة حكومة وفاق وطني، تكون متضامنة ومنتجة في عملها، كما نوّهت «بوعي القيادات المعنية لدقة المرحلة وأهمية العمل على تهدئة الخطاب السياسي، وهو ما برز من خلال الدعوات التي صدرت لوقف الحملات المتبادلة، وتغليب منطق الحوار والتلاقي على أجواء التشنج والتصعيد».
بيت الوسط: خلية نحل
وقبيل زيارة بعبدا في الساعات أو الأيام المقبلة، واصل الرئيس الحريري مشاوراته المكوكية في «بيت الوسط» الذي تحول إلى خلية نحل، فالتقى صباحاً عضو «اللقاء الديمقراطي» وائل أبو فاعور موفداً من رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط في زيارة تنسيقية قبيل زيارة جنبلاط إلى بعبدا عصراً، ثم عاد أبو فاعور وزار «بيت الوسط» مساءً لوضع الرئيس المكلف في أجواء لقاء جنبلاط مع الرئيس عون.
والتقى الرئيس الحريري بعد الظهر وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل موفداً من الرئيس برّي للوقوف على نتائج المشاورات الجارية لإخراج الحكومة من عنق الزجاجة، قبل ان يختتم الرئيس المكلف هذه الجولة من المشاورات بلقاء ثان عقده ليلاً مع الوزير باسيل، تخلله عشاء، هو الثاني بينهما خلال 24 ساعة، الا ان أي معلومات لم ترشح عن هذا اللقاء باستثناء ما تردّد من ان الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله تمنى على باسيل عندما التقاه ليل الجمعة - السبت الماضي، تخفيف شروطه لتسهيل ولادة الحكومة، وان تبقى حقيبة «الاشغال» مع «المردة»، وهو ما عكسه بيان تكتل «لبنان القوي» بعد اجتماعه الأسبوعي، الذي أعلن بأن «يده ممدودة للجميع، وانه سيضع الخلافات جانباً في المرحلة المقبلة، لأننا لا نريدها ان تنسحب على عمل الحكومة».
لقاءات بعبدا
وفي موازاة الحراك في «بيت الوسط»، سجلت في قصر بعبدا حركة مماثلة، تركزت اساساً على معالجة «العقدة الدرزية»، بلقاءات مباشرة عقدها الرئيس عون مع الأقطاب المعنيين بها، وهما رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي الوزير طلال أرسلان، اللذين قدم كل واحد منهما لائحة بخمسة أسماء لشخصيات درزية مستقلة أو محايدة لاختيار واحد يتم التوافق عليه ليكون الوزير الثالث في الحصة الدرزية.
وقال جنبلاط لـ«اللواء»: «ان اللقاء مع الرئيس عون كان ايجابياً جداً، والرئيس ونحن نتفهم الظروف».
وعما اذا كان الحل قريبا وهل هو راضٍ عما تم التوصل اليه؟ قال: «اكتفي بالتصريح الذي ادليت به في بعبدا ولا مزيد عندي الآن».
وفي تصريحه، قبل خروجه من قصر بعبدا، عكس جنبلاط هذا الجو الإيجابي، مؤكداً ان ما سمي بالعقدة الدرزية لم يعد موجوداً، وإلى ان سلم الرئيس عون لائحة بالحل، في ما خص الوزير الدرزي الثالث والقرار يعود له.
وعن اللقاء مع ارسلان قال: «لا علم لي بأي لقاء ونحن نطالب بتسليم المتهم بقضية الشويفات أمين السوقي إلى القضاء وهو محتضن من علي المملوك «ولو بيجوا الاتنين سوا بيكون احسن».
وعلم أن الأسماء التي اودعها جنبلاط لدى الرئيس عون هي: فايز رسامني رياض شديد عدنان العريضي نبيل ابو ضرغم وغسان عساف.
اما أرسلان الذي اودع بدوره لائحة تضم ستة أسماء تكتم عنها بشدة، فكرر استعداده لتسهيل ولادة الحكومة، ولكن ليس على قاعدة الالغاء، مشدداً إلى انه «أبلغ الرئيس عون والرئيس المكلف موقف كتلة «ضمانة الجبل»، ونحن قمنا بما هو مطلوب منا بالنسبة للتنازل لتسهيل التأليف، والكرة اليوم ليست في ملعبنا بل في ملعب الآخرين».
وقالت مصادر سياسية مطلعة على أجواء قصر بعبدا لـ«اللواء» ان المناخ الحكومي حتى الأن ميال الى الأيجابية وان هذا الملف دخل في الربع الساعة الأخير بعدما ضاقت رقعة الخلافات وهناك اتصالات تجري ومتواصلة.
واوضحت ان هناك جوا يفيد ان ما من احد راغب في اي تأخير اضافي للتشكيل، ولفتت الى أن الاجتماع الذي عقده الرئيس عون مع كل من جنبلاط وارسلان يندرج في اطار الجهد الذي يبذله الرئيس عون لتذليل العقبات وتسهيل مهمة الرئيس المكلف.
وفي المعلومات ان هناك نقاطا تنتظر البت وابرزها حسم عدد وزراء «القوات» وماهية الحقائب التي تمنح لها وان توزيع وزارات العدل والاشغال والتربية لم تحسم في حين ان وزارة الاعلام لم تحسم بين «التيار الوطني الحر» و«المستقبل». اما وزارة الصحة فثمة كلام انها حسمت بنسبة كبيرة الى حزب الله.
وقالت ان الجلسة التي عقدها عون مع جنبلاط اتسمت بالارتياح وقد سلمه خلالها 5 أسماء وكذلك فعل ارسلان.
وافيد ان ما يتم تداوله عن اسم مروان خير الدين وطارق الداود ليسا من ضمن اللائحة ِ ومعلوم ان الاسماء غير حزبية.
واوضحت ان الموضوع لدى الرئيس عون من دون اي شروط. وفهم من المصادر نفسها ان عون وجنبلاط ابديا ارتياحا لعودة الاجتماعات المشتركة بين «التيار الوطني الحر» و«الاشتراكي» وقد اكد رئيس الجمهورية تمسكه بمصالحة الجبل والاستقرار وابدى جنبلاط دعمه لهذا التوجه..
واكدت المصادر ان عون يتواصل مع الحريري لكن اي لقاء لم يحدد بعد مع العلم أن جدول مواعيد رئيس الجمهورية خلت من موعد اللقاء.
نصر الله
وفي انتظار ما ستحمله الساعات المقبلة من حركة اللقاءات والمشاورات، يطل الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله، بعد ظهر الجمعة، في مناسبة العيد الـ25 للمؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم في مدارس المهدي، وانه سيتحدث بإسهاب عن موضوع الحكومة، وقد يبارك تشكيلها إذا لم يطرأ ما يعرقل ولادتها قبل هذا الموعد.
وقالت مصادر مطلعة في «حزب الله» توقعها ان «تعقب إطلالة السيّد نصر الله ولادة الحكومة، وتشكل مناسبة لشرح المراحل التي مر بها التشكيل وصولاً إلى النهاية السعيدة».
وأشارت إلى ان قرار «الافراج» عن الحكومةا تخذ منذ فترة، ولا صحة للتحليلات التي ربطت التأليف بقضية اختفاء الصحافي السعودي جمال الخاشقجي.
واوضحت «ان التسوية التي اُبرمت في العراق وكان بنتيجتها الاتّفاق على رئيس حكومة، انسحبت مفاعيلها على لبنان»، وكررت «تمسّكها بحقيبة الصحة التي اصبحت في عهدتنا منذ اليوم الاول لتكليف الحريري، اما حقيبة الاشغال العامة فهناك تباين بين «التيار» «والمردة»، ونحن كحزب لا نتدخّل مع العلم اننا نفضّل بقاءها مع «المردة».