حذر وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال فايز غصن من دقة الوضع وخطورته، «خصوصاً بعد سلسلة التفجيرات والاعتداءات التي حصلت في الأيام الماضية». يعتبر غصن أن «هذه الاعتداءات تثبت أن هناك بعض المجموعات المتطرفة التي اتخذت قراراً بالتصويب مباشرة على الجيش اللبناني بهدف كسره بالدرجة الأولى، ثم الاجهاز عليه، بعدما بات يشكل ازعاجاً لهذه المجموعات وعائقاً أمام تحركها».
وقال غصن لـ«السفير»: «إن التعرض للجيش في صيدا أثبت، بما لا يقبل الشك، أن لبنان بجيشه واهله مستهدف، وأن لا هدف لهؤلاء سوى القتل والتخريب والعبث بالأمن والاستقرار، كما أثبت ان اللبنانيين بشرائحهم كافة ملتفون حول الجيش، باستثناء قلة قليلة لم تعِ بعد حجم المخاطر التي تحدق بالوطن».
وكشف غصن أن المسلحين الذين اعتدوا على الجيش في صيدا كانوا أربعة، لبناني وفلسطيني واثنان ستحدد التحقيقات هويتيهما. وتساءل: «لماذا يحمل هؤلاء كتلاً متفجرة وأصابع ديناميت وهويات مزورة داخل سيارتهم؟ وكيف يمكن لأي إنسان أن يبرر التعرض للجنود على الحواجز، ويعترض بالتالي على قيام الجندي بالدفاع عن نفسه وإحباط مخطط ما كان هؤلاء يريدون القيام به؟».
وإذ يؤكد غصن استمرار تسلل العناصر المتطرفة من سوريا الى لبنان، يحذر من أن «الأمور بدأت تأخذ منحىً خطيراً». لكنه يؤكّد، في المقابل، «هناك قرار حاسم وحازم لدى الجيش بأن لا مكان للإرهاب في بلدنا، والجيش يعمل وسيعمل على استئصاله، مهما غلت التضحيات، وهو لن يتوانى لحظة واحدة عن القيام بواجبه الوطني، كما لن ينساق وراء الخطابات المشبوهة التي تصوّر الجيش على أنه يستهدف فريقاً معيناً، أو طائفة معينة». 
وشدد «على أن أي اعتداء على الجيش مهما كان حجمه هو اعتداء على لبنان الدولة والكيان، وان النيل من الجيش يعني الإطاحة بالدولة، ولن يقدر أي كان على تغيير معادلة أن الجيش هو الوطن، وأن قوة الوطن ومنعته هما من قوة جيشه وصلابته».
وأبدى وزير الدفاع «استياءه من التحريض الذي يتعرض له الجيش اللبناني». وقال: «لا مجال في قاموسنا للمساواة بين جندي ومسلح، ولا تسامح مع من يريد أخذ البلد إلى حيث لا يريد أهله، فالجيش هو لكل لبنان». وأكد أن «لا مجال عنده للمساومات، أو للدخول في بازارات السياسة، ولذلك فانه لم يعد كافياً التصريح بدعم الجيش واعطائه الغطاء السياسي للقيام بما يجب القيام به، فيما النيات تضمر عكس الأقوال». ودعا إلى «أن يُقرنوا أقوالهم بالأفعال، لا أن يتم الاعلان عن دعم الجيش من جهة، والتشكيك به وبعمله من جهة أخرى». وقال: «إن الأمور لن تستقيم اذا استمرت على هذا المنوال، وليكن معلوماً أن الجيش حين يعمل، فانه لا يلتفت لا الى حسابات سياسية ولا الى حسابات مذهبية وطائفية، همه الأول والأخير حفظ هذا البلد ومنع النيران من الوصول اليه». لذلك، أضاف، «ندعو إلى الكف عن التعاطي مع المؤسسة العسكرية وكأنها طرف أو فريق، فهي المؤسسة الوحيدة الجامعة».
وأضاف: «إننا نعول على حكمة القيادات السياسية ووعي الشعب، فما حصل في صيدا من اعتداء على الجيش لا يشبه المدينة وأهلها، وما حصل في طرابلس من اطلاق نار ابتهاجاً بظهور ابو محمد الجولاني على احدى القنوات التلفزيونية لا يشبه طرابلس في شي، وما نسمعه من اصوات متطرفة من هنا وهناك، لن تجد صدى لها، لأن هذه الأصوات ترتفع في حالات الفوضى، أما في حالات الأمن والاستقرار فلا مجال لسماعها». وأمل أن «ترتفع أصوات الاعتدال، لتخفت هذه الأصوات المتطرفة، أملاً أن يعي أهلنا في كل المناطق أن الدولة هي ملاذهم الآمن، وأنهم معنيون بأن يستمعوا الى صوت الاعتدال لا الى الصراخ المجبول بالطائفية والمذهبية».

حادثة الناقورة فردية

وفي معرض شرح ما حصل على الحدود الجنوبية والتزامن بين حادثة الناقورة وحادثتي صيدا، أكد ما ورد في بيان قيادة الجيش من أن ما قام به الجندي في الناقورة كان عملاً فردياً. وأوضح أنه «تم تشكيل لجان تحقيق عملانية وأمنية، وبنتيجة عمل هذه اللجان سوف تظهر الأسباب التي دفعت هذا الجندي للقيام بما قام به، وعما اذ كان فعل الجندي سوء تقدير أم حماسا زائدا أم أن هناك دوافع أخرى».
وفي هذا الاطار، شدد غصن على أن «الجواب عن هذا الأمر ما زال مبكراً»، لافتاً الانتباه الى «اهمية اعتماد الشفافية والدقة في القضية، لأن ليس بامكان جندي أن يجر الجيش الى حرب لأي سبب».
وعن الوضع السياسي المأزوم وانعكاس هذا الوضع على الجانب الأمني، قال غصن: «ان البعض يحاول الاستفادة من الواقع السياسي المرتبك، لإحداث نوع من عدم الاستقرار، وهذا بالطبع سيؤثر على الساحة الداخلية، ما ينعكس خوفاً وقلقاً على اللبنانيين الذين باتوا اسرى الكلام عن تفجيرات وانتحاريين واشتباكات». وفي المقابل، يضيف وزير الدفاع، «نجد أن التوترات الأمنية والجمود السياسي والواقع الاقتصادي المأزوم ومشكلة النازحين باتت حلقات متشابكة تؤثر على الوضع عموماً وتدفع باتجاه المزيد من التوتر والتأزم».
وأمل غصن «أن يشهد الوضع السياسي بعضاً من الحلحلة وأن يتم التوصل إلى صيغة حكومية يتوافق عليها الجميع، تعمل على إعادة الدوران لعجلة المؤسسات وتشرف على الاستحقاقات المقبلة لاسيما الاستحقاق الرئاسي».
وإذ أيد اعتماد الصيغة الحكومية 9-9-6، رأى غصن «أن لا مبرر لرفض هذه الصيغة، خصوصاً انها تقدم توزيعا عادلا لكل الفرقاء». وشدد على أن «التحديات باتت تفرض علينا تشكيل حكومة قوية تعمل على انتشال البلد من الازمات التي يتخبط بها». 
وفي حديث وزير الدفاع مساحة كبيرة لراهبات معلولا المظلومات وللمطرانين المخطوفين. يعبر غصن عن «تأثره الشديد من استمرار هذه المأساة وعدم التمكن حتى اللحظة من ايجاد نهاية سعيدة لها». يقول إن «هذه القضية الإنسانية التي تهز الضمائر باتت تحتاج إلى علاج سريع وفاعل، ولاسيما من خلال الأمم المتحدة».