مابين المناضل الافريقي نلسون مانديلا, والشاعر العربي أحمد فؤاد نجم, أشياء تتعدى حدود الموت الذي غيبهما معاً, وكأنهما على موعد مسبق معه, بعد أن فازا بحب البسطاء والدراويش من أهل الفقرالأسود الذي حفر فيهما كثيراً, فباتا أكثر الناس عداءًا لسلطة الأغنياء .لم يكن يعلم منديلا أن نضاله ضدَ أسوأ نظام عنصري, ودخوله السجن لمرات عديدة, ومكوثه الطويل في الزنزانات الافرادية, سيفتح له نافذة على السلطة, لكنه كان يُدرك أن حركته ستبعث الأمل في شعبه, وستخرجه من نفق القهر الى فضاء الحرية . كم أن أحمد فؤاد نجم لم يفهم من مواجهته المُزمنة للسلطة المصرية سوى تحسين شروط الفقراء في الحياة , لذا لم يمت منذ أن قرر الاستقالة من وهم السلطة ,واختصر طريقه داخل صفوف الجماعة الباحثة عن دولة الأمَة, والرافضة لدولة الملك, والريس, والحزب الوطني . لم يمت منديلا الذى عاف السلطة وتركها تأسيساً منه لحالة غير موجودة في العالم الثالث بعد أن كسبها بشرف النضال التاريخي الذي أكل من لحم عمره, وخرج من حقبه الأخيرة كهلاَ مثقلاَ بألم سوط الحكَام في جنوب أفريقيا ليكمل شباب الثورة التي فتح لها باباً من أبواب الدولة الضامنة للمواطن أيَاً كان لونه أو عرقه أو مستواه الاجتماعي . بقي أحمد فؤاد نجم شاعراً لم تلوثه السياسة المصرية ,ولم يتأخون, ولم يتعسكر, ولم يتمركس رغم تهم السلطة له بالانتماء الى الشيوعية ,وادخله السجن لسنوات تحت تهمة التمسك بالمطرقة والمنجل كأدوات للكفاح المسلح ضدَ النظام وثورة الأحرار . وبقي نصيراً للناس في الأغنية الثورية المرفوعة فوق رأس السلطة كسيف جماهيري حاد يقترب من وريديه ليقطع الظلم الذي نهش بالمصريين طويلاً .مامن عربي الاً ومكث في داخله أحمد فؤاد نجم نبض قصيدة وجرس شعر, وما من أفريقي الاَ وفي داخله صورة مانديلا المشرقة في الثورة وفي الدولة, وما من انسان الاَ ويكن احتراماً لتجربة رائدة في السياسة والشعر لكل من العربي أحمد فؤاد نجم, والافريقي نلسون منديلا ..كانا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً