أسفت سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان أنجلينا أيخهورست لاستمرار الأعمال القتالية في طرابلس شمالا خصوصًا أنّ هناك العديد من الأبرياء الذين يُقتلون يوميا، لافتة إلى أنّ تضارب المصالح داخل المدينة وانتشار السلاح فيها يفاقم الوضع الأمني.
واستهجنت أيخهورست، في حديث خاص لـ"النشرة"، تعاطي البعض مع الاشتباكات الحاصلة في طرابلس وكأنّها أصبحت شيئا طبيعيا وكأن مقتل مدنيين يوميا أمرٌ طبيعي، وقالت: "كلا، هذا ليس طبيعيًا وليس مسموحًا ويجب وضع حدّ سريع لذلك".
ولفتت إلى عدم وجود رغبة حقيقية واقتناع حتى الساعة لدى الفرقاء في طرابلس بوجوب إيجاد حلٍّ سياسي للأزمة، وقالت: "نراهم يتسلحون لحل مشاكلهم علمًا أنّ التجارب السابقة أثبتت أنّ ذلك لا ينفع".

 

أهل طرابلس يستحقون السلام والاستقرار
وأملت أيخهورست أن تنجح القرارات التي اتُّخذت مؤخرًا بعد الاجتماع الأمني في قصر بعبدا في وضع حدٍّ لدوامة العنف في طرابلس، لافتة إلى أنّ المدينة بحاجة لرؤيةٍ شاملةٍ وبعيدة الأمد تترافق مع خطواتٍ جدية، وشدّدت على أنّ "أهل طرابلس يستحقون السلام والاستقرار وتأمين الوظائف لهم كي تنهض المدينة مجدّدًا"، وقالت: "نسمع الكثير من المواقف المستنكرة يوميا ولكنّ أهل طرابلس يريدون أن يروا أفعالاً، والمسؤولية مشترَكة لايقاف ما يحصل".
وأشارت أيخهورست إلى أنّ الاشهر الستّة المقبلة بمثابة "مرحلة حرجة" إن كان على صعيد سوريا وإيران ولبنان أو على مستوى مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين، لافتة إلى أنّ هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به. وقالت: "الأجندات كبيرة جدًا لدرجة أنّه علينا العمل ليلاً نهارًا لمحاولة التوصّل لحلولٍ جذريةٍ للأزمات السابق ذكرها".

 

الدولة اللبنانية على وشك أن تتآكل
وردًا على سؤال عمّا إذا كانت تتخوّف من انسحاب الفراغ الحكومي والتشريعي على موقع رئاسة الجمهورية، شدّدت على أنّ "هناك خطوطا حمراء يفرضها الدستور لا يجب التفكير مطلقا بتخطيها". وحذّرت من أنّ عدم توافق الفرقاء اللبنانيين على قانون الانتخاب وما تلاه من عملية تمديد المجلس النيابي لنفسه وصولا لعدم تشكيل حكومة حتى الساعة كلّها "عوامل تؤكد أنّ الدولة اللبنانية على وشك أن تتداعى وتتآكل اذا لم نتدارك الوضع".
وشدّدت على وجوب بذل الجهود لوضع حدّ للتمادي بتجاوز الخطوط الحمر، بدءًا بتشكيل الحكومة بأسرع وقت لقطع الطريق على أيّ إمكانية لوصول الفراغ إلى الرئاسة الأولى. وأضافت: "نحن لا نتدخّل بالشؤون اللبنانية وليس هذا هدفنا على الاطلاق لكنّنا نعي تمامًا أنّ المصلحة اللبنانية العُليا تقتضي ترك عجلة الاستحقاقات تسير وفقًا لما ينصّ الدستور والقوانين".
وتوجّهت أيخهورست للبنانيين المعنيين قائلة: "لستم مضطرين لانتظار أن يحلّ كلّ العالم مشاكله قبل مشاكلكم الداخلية".

 

لبنان هو لبنان وهو جوهرة يجب الحفاظ عليها
وتطرّقت أيخهورست للتفجير الانتحاري المزدوج الذي استهدف السفارة الايرانية في بيروت مؤخرًا، فاعتبرت أنّ استهداف السفارات والدبلوماسيين "أمرٌ خطيرٌ للغاية ورسالةٌ قويةٌ"، داعية لاتخاذ كلّ الاجراءات اللازمة وبذل الجهود لعدم تكرار ما حصل.
ورفضت أيخهورست الحديث عن "عرقنة لبنان" بعد دخول الانتحاريين على الخط، مشددةً على أنّ "لبنان هو لبنان بالرغم من كلّ شيء، وهو جوهرة يجب الحفاظ عليها".
وعمّا إذا كانت توافق رؤية "14 آذار" والتي تقول بأن "حزب الله" هو من أتى بتنظيم "القاعدة" والانتحاريين الى لبنان، قالت: "ليست مسؤوليتنا توجيه أصابع الاتهام لهذا أو ذاك، هذه ليست سياستنا كاتحاد أوروبي أصلاً".
ولاحظت أيخهوريت أنّ "كلّ من نفّذوا عمليات الاغتيال منذ اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في العام 2005 حتى يومنا لا يزالون أحرارًا بالرغم من أنّه تمّ تحديد هوياتهم ولا يتم توقيفهم"، مشددة على وجوب أن تأخذ العدالة مجراها وتتحرك الدولة لوضع حدّ لعملية الافلات من العقاب، "لأننا في مرحلةٍ تشهد مخاطر حقيقية تهدّد بتداعي الدولة وانهيارها".

 

موقفنا من "حزب الله" لم يتغيّر
وفي موضوعٍ آخر، أشارت أيخهورست إلى أنّ التواصل مستمرٌّ مع "حزب الله" باعتباره أحد الفرقاء الاساسيين على الساحة اللبنانية، وقالت: "حين تمّ إدراج الجناح العسكري للحزب على لائحة الارهاب الخاصة بالاتحاد الأوروبي شرحنا موقفنا للمعنيين وهذا الموقف لم يتغيّر".
وردًا على سؤال عن إمكانية إعادة نظر الاتحاد بالموضوع، لفتت إلى أنّ القرار بأيدي أعضاء الاتحاد، موضحة أنّها لا تعلم متى ستتمّ إعادة النظر به، مشيرة إلى أنّ هذا يحصل في حال وضع أحد هؤلاء الأعضاء لهذا البند على الأجندة.

 

نتفهم موقف حكومة لبنان مع تضخّم أعداد اللاجئين
وردًا على سؤال حول ما يطرحه لبنان عن ترحيل اللاجئين السوريين إلى مخيّمات في الداخل السوري، شدّدت أيخهورست على أن "لا مخيمات للاجئين السوريين حتى اللحظة لا داخل سوريا ولا في لبنان"، لافتة إلى أنّ الطرح اللبناني بإرسال لاجئين لمخيمات داخل سوريا ليس أمرًا جديدًا بل يتمّ التباحث به منذ حوالي سنة ونصف، "لكن موقفنا يقول بعدم وجوب ارسال اللاجئين إلى مناطق غير آمنة".
وقالت: "نحن نتفهم موقف الحكومة اللبنانية التي أبقت أبواب لبنان مفتوحة للاجئين بالبحث بكافة الخيارات لوضع حدّ لأزمة اللجوء وخصوصًا مع تضخّم الأعداد واستيعاب بلدة عرسال وحدها ما يفوق الـ 40 ألف لاجئ يحتاجون لكلّ المقوّمات الأساسية للعيش من الناحية الصحية والغذائية، وخصوصًا مع حلول الشتاء".
وأوضحت أيخهورست أنّه، وبالرغم من متطلبات اللاجئين الكبيرة، فإنّ المجتمع الدولي ولا سيّما الاتحاد الاوروبي قاموا بجهودٍ كبيرة لتغطية الكثير من الاحتياجات، مشددةً على أنّ كلّ الجهود يجب أن تتركّز حاليًا على ضرورة إنجاح التسوية السياسية ومؤتمر جنيف 2 لوضع حدّ للمعاناة السورية التي تدخل قريبًا عامها الثالث.