بعد أكثر من جيلين ايرانيين استفاقت القيادة في الجمهورية الاسلامية على ضرورة فك عزلتين. الأولى اقتصادية ,والثانية سياسية, وقد أثقلتا الدولة, والمجتمع, من خلال أعبائهما المتضاعفة سنة بعد سنة, الى أن أفضت الانتخابات الايرانية الى مجيء شيخ اصلاحي يستقرأ السياسة الايرانية بطريقة مختلفة عن المدني المحافظ أحمدي نجاد, وكانت أولى ثمرات وصوله الى الرئاسة الايرنية, الدعوة الجادة الى انهاء أزمة ايران النووية بطريقة تحفظ التخصيب, وتعطي وكالة الطاقة الذرية حقَ المراقبة عن قرب . اذاً بين ليلة وضاحها أصبح الحرام حلالاً, وهذا ما يدل على سلامة منطق المصالح الذي يستدعي التغيير بطريقة جذرية من طبيعة المواقف وتقلبها رأساً على عقب, وتحوَل المحذور, والمكروه ,الى واجب وطني يخدم مصالح الدولة في اعادة ترتيب أولويَاتها وفق منهجية جديدة نقيضة للمنهجية التي كانت سائدة, والتي كانت الاشارة اليها بطريقة سلبية تستدعي المشيرين باصبع الادانة الى النيَل منهم واعتبارهم عملاء من الدرجة الأولى . ما نريد قوله هنا, هو الاستفادة من الدروس السياسية, والى عدم التعاطي مع السياسة بطريقة مقدَسة تنال من سياسات الاعتراض على مسائل حسَاسة متصلة ومتعلقة بمواضيع تعني البشر على اختلاف تلاوينهم السياسية والاجتماعية . لأن التجربة الايرانية, وغيرها من التجارب العربية, والاجنبية, تُثبت مداورة الثوابت, وجعلها متحركة, تدور كيفما دارت ملاحة المصالح, وهذا أمر نراه طبيعياً لذا ندعو المتحمسين من أهل التكفير والشتم الى التأمَل بغية المساعدة على خلق نقاش حقيقي وفاعل نحتاج فيه الى بعضنا البعض لتصحيح مساراتنا الداخلية والخارجية, ولتغلب على المنطق العصبوي الذي يجتاح ما تبقى في واقعنا من عقل .