منذ الأزمة الفعلية في سورية, وبلدة عرسال تلعب أدواراً عدّة مساعدة للمعارضة, وقدّ تكون وازنة في حدود الدور الذي لعبه حزب الله في منطقة القصير,وفي حدود الدور المُنجز لابقاء النظام واقفاً غير راكع لمعارضة كادت أن تستلم زمام الأمور لولا تدخل ايران المباشر, ومساهمتها في خلق توازن جديد صحح من وضع الأسد, وجعله جُزءًا من أيَ تسوية ممكنة . في العودة الى عرسال المستعصية على الضغوطات المحلية والخارجية, ورغم استهداف النظام السوري لها باستمرارجواً وبراً, وبعد احاطتها بتدابير وحواجز أمنية لم تًبدل عرسال مواقفها من المعارضة السورية, وبقيت خطً امداد أوَل للجيش الحرَ أو لجماعات اللحى, وغرفة عمليَات لادارة جبهة محدود ومفتوحة بين النظام وأعوانه والمعارضة وأخواتها, ومستشفى ميداني لمعالجة جرحى الحرب السورية . في البداية كمن لعرسال ,ووضع لأهلها أكثرمن فخ داخلي ومطبَ سوري لادخالها في معركتين غير متكافأتين ان مع الجيش اللبناني أو مع النظام السوري لثنيَ من يدعم المعارضة عن دعمهم, وبالتالي اخراج عرسال من دوامة المعركة السورية . باءت المحاولات بالفشل نتيجة للخصوصية الطائفية من جهة, وللخصوصية السياسية من جهة ثانية والتي تريد النأي عن الأحداث السورية طبقاً لمصالح داخلية تفرض على أتباعها من المسؤولين اللبنانيين النظر بجدية الى المشاركين بالحرب السورية وبتوازن لا خلل فيه حتى لا تكون الوسطية اللبنانية مائلة لجهة دون جهة في ملف خلافي أساسي يستهدف بنتائجه لبنان كصيغة وكيان . لذا باتت التحضيرات لغزو عرسال قاب قوسين أو أدنى بغية اخراجها من المعادلة السورية, وقطع صلة الوصل الوحيدة بين المعارضين السوريين وحلفائهم في لبنان, ولوضع نهاية سريعة لبلدة تُسهم جدياً في خلق ظروف صعبة للنظام السوري , وتعطي المعارضة حيوية متعددة تنشط من دورها في منطقة جغرافية يدفع النظام ومن معه بكل قوةَ لحسم وتنظيف رُقاعها من الوافدين اليها سواء أكانوا من الحرَ أو من النُصرة . نحن أمام واقع داخلي جديد قائم على سطح سياسي سميك تلعب فيه معركة عرسال السا قطة عسكرياً لصالح حلفاء النظام السوري دوراً طائفياً جديداً من شأنه أن يحرك زواريب مذهبية يتمَ من خلالها خنق التنوع المذهبي لصالح الهوية الأكبر. بحيث أن الأقليَات وأينما وجدت ستمحى لصالح الأكثريَات, ومن هنا يكون لبنان قدَ فقد أهم مرتكز تاريخي لطالما تغنى به . ربما نتمكن من تجاوز معركة عرسال اذا ما حصلت, وأن نجتاز حواجز نتائجها خاصة وأنَ التوازنات في لبنان مازالت على ما هي عليه, وأن الطبقة السياسية المسيطرة تعمل بطريقة مشابهة في خلق ظروف مبررة لوجودها بعد أن أسقطتها التجارب, وتمّة حاجة ضرورية وملحة للتخلص منها بعد أن أودت بلبنان الى المجهول .ربما تكون معركة عرسال فاتحة أزمة من نوع جديد لاأحد يعرف مقدار آذاها في ظل سُعار طائفي حادَ ومُستعد لعمل كلَ شيء ومهما كان مُستحيلاً .