ربما تكون المقارنة مفارقة في الكتابة السياسية لمادتين مختلفتين ومتصلتين باهتمامات مختلفة رغم مافيهما من مشتركات متعددة يبلغ فيها الفنَ الوطني رُتبة نضالية موازية للعمل الثوري بشقيَه السياسي والعسكري . غيفارا بطل تاريخي تحوَل في الذاكرة السياسية الى أسطورة شعبية جعلته حيَاً غير ميَت كما مات ملايين البشر سواء أكانوا أحياءًا أم أمواتاً واكتسب شهرته الثورية من نرجسية نضالية زاهدة في الدولة ومتعلقة في الثورة التي مال اليها طوال حياته مستأنساً بتحولاتها البطيئة لاصلاح البنية الدولية وفق عدالة غير منقوصة ترفع من المستويات الانسانية الى مراتب اجتماعية متساوية . قدَ لا يعرف الكثيرون من المحبين للثائر غيفارا تفاصيل سياسية عنه لكنهم مآخوذون به الى الدرجة الى اصطفته عن آخرين حفروا عميقاً في التربة التاريخية لأنه متصل بالناس ومقيم في وجدانهم نتيجه صرف حياته في خدمة قضاياهم الاجتماعية وتخليه عن رفاهيتيَ الثورة والدولة عندما كان من الطبقة القائدة في الأولى ومن السلطة المسيطرة في الثانية . وديع الصافي مطرب وطني انحاز الى وطن معروض للبيع من قبل الطبقات السياسية التي حكمت لبنان لم يتخلى عن وطنيته أو عن ارادته في وطن بأمس الحاجة الى مواطن مفقود بعد أن أبعدت الأحزب في لبنان المواطنين عن وطنهم وجعلتهم حالات مقيمة لصالح دول خارجية تعصف بلبنان منذ النشاة وحتى اليوم . ثمَة مشترك بين غيفارا الذي يحي ذكراه الكثيرون ممن عشقوا شخصية لا تموت وبين وديع الصافي الذي حمل نعشه الكثيرون في قلوبهم ورفضوا أن يدفن صوته وثمة ساحة نضالية مشتركة بينهما وبين رسالتيَ الفنَ والسياسة وهذا ما كرَسهما رصيداً دائماً في قلوب النَاس فأقاما فيها وهما حيَيَن وهما ميَتين لذا من الصعب أن تسقط صورتهما من أعين بشر ينصفون من أنصفهم ويكرمون من أكرمهم . ان غيفارا ووديع الصافي وأمثالهما من فئة بشرية قليلة علامات مضيئة في سماء البشرية المنصفة لملتزمين آلوا على أنفسهم أن يكونوا مشاعل نور في ليل انساني طويل .