لطالما شكلت حوزة النجف الاشرف المرجعية الدينية لمعظم الشيعة في العالم وبالاخص للشيعة العرب حيث كانوا يعتبرونها ولا يزالون هي الاقرب والاجدر بتشخيص مصالحهم على ضوء تعاليم اهل البيت بدون ان يتسلل الى اجتهادات مراجعها اي حسابات سياسية خاصة او مفروضة عليها , لذا كانت هذه الحوزة العلمية هي الاقدر على تمثيل الانعكاس الحقيقي للوجدان الشيعي وهذا بفضل تفلتها عبر التاريخ من سطوة كل الدكتاتوريات التي تعاقبت على حكم العراق مما كلف مراجعها الكبار اثمانا باهظة من القتل والاستشهاد وصولا الى النفي والتهجير  وفي افضل الاحوال الى الاقامة الجبرية , على عكس حوزة قم التي حظيت برعاية واحتضان دائم من حكام طهران منذ عهد البويهيين وصولا الى الحقبة البهلوية , وتجدر الاشارة هنا ان دور المرجعية الشيعية واستفتاءاتها لا يختصر على الامور العبادية والطقوسية كما يحاول ان يوحي البعض لمآرب صارت مكشوفة للجميع بل تتعداه الى تحديد الخيارات السياسية الكبرى وابرزها تحديد شرعية القتال والجهاد ام عدمه وحرمته , ومن هنا فان ما نقل عن المرجع الشيعي الاعلى السيد علي السيستاني من حرمة القتال الى جانب نظام بشار الاسد لا بد له تداعيات كبيرة لما تحمل هذه الفتوى من مدلولات عظيمة اولها ليس فقط اعتبار الاسد كحاكم مستبد ظالم وبالتالي فان حرمة مناصرته من البديهيات الشرعية التي لا تحتاج حتى الى فتوى بل ان المهم بالموضوع هو رفض كل المبررات التي يحاول البعض الاتفاف من خلالها على هذه البديهة الشرعية عبر عناوين ثانوية لا يقيم النجف اي وزن لها لتحليل ما هو محرم ! والاعتبار الاخر ولعله الاهم في هذه المرحلة هو التأكيد مرة جديدة على هذا السياق التاريخي من استقلالية مراجع النجف وهذه المرة عبر الخروج على سطوة حكام طهران , مما يجعل فتوى التحريم بالقتال الى جانب الاسد بمثابة خطوة جبارة تؤكد على  تحرير الفتوى الدينية الشرعية من خلال  ابعادها عن مصالح طهران السياسية وهذا سينعكس ايجابا على شيعة العراق اولا وعلى بعض شيعة لبنان حتما .