بين الرئيسين الايرانيين السيَد محمد خاتمي والشيخ حسن روحاني أوجه كثيرة من الشبه بدءًا من رمزيتهما الاصلاحية وسعة ثقافتهما وانفتاحهما على المعرفة الغربية باعتبارها رافداً أساسياً من روافد الفكر الانساني والعلوم الحديثة التي نقلت المجتمعات البشرية من مستويات معينة الى مستويات متقدمة جداً وبسرعة هائلة تجاوزت وبكثير سرعة البرق .

اضافة الى بحثهما الدائم عن سياقات سياسية مختلفة مع السائد السياسي الايراني وذلك في ورشتيَ الداخل والخارج . الاأنَ اصطدام السيد خاتمي بجدار سلطوي سميك قد أعاق حركته وأفشل سيره في طريق الاصلاح السياسي في بنية الدولة المحتاجة الى اعادة صيغة جديدة تعيد ترتيب ايران وفق مسوغات جديدة تدفع بالدولة الى مواقع متقدمة لتزاول دورها كنموذج اسلامي قادرعلى الاستمرار وعلى لعب دور تاريخي منسجم مع قيم تلبي الاحتياجات البشرية مع بلوغ الحالة المادية مرتبة مسيطرة على الطبقات البشرية كافة .

لم يفلح آنذاك السيد خاتمي ولدورتين رئاسيتيَن من تحويل برنامجه الانتخابي الى آليات عملية وبالتالي خضع الى منطق الفقه السلطوي فراوح مكانه ولم يستطع التقدَم قيد أنملة وانتصرت في ايران ارادة العمل على دور ايراني طليعي في منطقة الشرق الأوسط متسلح بمفاهيم القوَة المباشرة فكان الحلم الايراني القاضي بضرورة ايران النووية للدخول الى ساحة دولية تلعب فيها ايران دور اللاعب الأساسي لا الاحتياطي .

خسر خاتمي السياسة الداخلية فما استطاع أن يفرض شروطه الرئاسية لتحسين وتصحيح مسارات السلطة في سياساتها الداخلية والنازعة نحو استبدادية مقنَعة بأشكال ديمقراطية , وما ربح خاتمي الخارج الذي أراد ملاقاته وسط الطريق لاكمال مشوار الدولة الايرانية وفق رعاية دولية غير ندية وانما متصاحبة معها لتوفير فرص الاستقرار لدولة لم ترتاح منذ ثورتها .فهل يلاقي روحاني مصير خاتمي ؟ سؤال يفرض منطقه على تجربة أثبتت استحالة الاصلاح في بنية السلطة مادامت الثروة متمركزة في قوى حافرة في أعماق الدولة وطالما أنَ رواد الاصلاح من جماعات السلام أي انهم يأملون التغيير بوسائط غير عنفية وبطرق معتدلة من شأنها أن تؤسس لاصلاح نبوي طويل لا أحد يستطيع تحديد مدة نجاحه في تُربة لا تصلح للزراعة الاصلاحية . حتى الآن يبدو أن الشيخ حسن روحاني رئيساً لسياسة ايران الخارجية وقد أوكل اليه مهمة خوض معركة أخراج ايران من الاحتلالات الاقتصادية والسياسية ولكن دون ثمن يذكر ودون أن يتجاوز سقف الملف النووي . لذا تبدو المعركة خاسرة اذا لم تتضمن حلولاً قائمة على رغبة حقيقية في التنازل الثوروي لحساب الدولة .