عبّر بطريرك الكلدان لويس روفائيل ساكو عن قلق كبير وهاجس حول بقاء المسيحيين في العراق وفي المنطقة ككل. ورأى أن "وضع المسيحيين في العراق مرتبط بوضع البلاد ككل إذ إن الملف الأمني في الأشهر الأخيرة بات رديئاً والتفجيرات أصبحت يومية، وقد أخذت المسألة منعطفاً مذهبياً شيعياً-سنياً وليس معروفاً إلى أين ستقود البلاد"، موضحاً أن "المسيحيين عانوا الكثير في السنوات العشر الماضية وهم اليوم مرعوبون من الوضع الأمني غير المستقر وما زالوا يهاجرون".

المضايقات بسبب الإنتماء المسيحي

وفي حديث إلى "النشرة"، شرح الأسباب التي تؤدي إلى إستهداف المسيحيين تحديداً في العراق رغم كون الصراع مذهبياً بين المسلمين، موضحاً أن "السبب الأول هو التطرف الديني الذي يريد إقامة دولة إسلامية ولا يريد أن يكون فيها غير المسلمين إلا إذا أصبحوا أهل ذمّة ودفعوا الجزية. أما السبب الثاني فهو السياسة، لأن بعض التفجيرات تحصل في أمكنة معينة في بعض الأحيان لتسييس وضع المسيحيين لينحازوا إلى هذا أو ذاك ولينخرطوا في اللعبة السياسية. والسبب الثالث يكمن خلفه نوع من المافيات واللصوص الذين يخطفون ويهددون لأجل المال، ويقتلون المسيحيين المخطوفين لكي لا تنكشف هوياتهم في ما بعد أو في سبيل الإستيلاء على الممتلكات". وقال: "بالنهاية، المضايقات والصعوبات موجودة للمسيحيين في شكل خاص بسبب انتمائهم المسيحي لا الوطني، لكن العراقيين ككل مستهدفين أيضاً".

 

وضع مخيف ومقلق
وعبّر عن تخوفه مما آلت إليه الأمور في سوريا لأن "الإقتتال هناك هو بين السوريين بالإضافة إلى فئات متشددة خارجية انتقلت إلى سوريا، وقد تحوّل إلى إستهداف للمسيحيين وللرموز المسيحية وللكنائس في مناطق عديدة"، متسائلاً "أين الإحترام للآخر؟ وأين احترام بيوت العبادة؟"، معتبراً أن "هذا الأمر يخيف أكثر مما يحدث في العراق لأن له طابعاً دينياً لا مذهبياً فقط: من خطف الكهنة والأساقفة، وقتل المسيحيين ودفعهم إلى إشهار الإسلام، فالأخبار الآتية من هناك مقلقة، وهذا لم يحدث  في العراق". وشرح أن بلاده شهدت استهدافاً للكنائس واستشهد فيها ألف مسيحي لكنه أكد أن "الخوف أكبر في سوريا".
وتطرق إلى المخطط الغربي للشرق، واصفاً إياه بأنه "قديم – جديد، وقد بدأ يظهر عبر خلق كيانات مذهبية عرقية ضعيفة هنا وهناك، لكي يتم السيطرة عليها في أي لحظة"، مشيراً إلى أن "العراق مؤهل لهذا التقسيم". وإذ تمنى ألا يحصل ذلك، رأى أن "على ما يبدو هذا هو المخطط في العراق ومن ثم سوريا وقد يكون لبنان التالي أو مصر".

 

الخلاص ينبع من الداخل
وجدد دعوته إلى تشكيل "لوبي مسيحي لا يكون لوبياً عسكرياً، بل فريقاً مسيحياً متخصصاً بالعلوم السياسية والإجتماعية  يمكنه أن يدرس ويحلل وضع المسيحيين ووضع المنطقة وأن يقدم معالجات في سبيل الحفاظ على الوجود المسيحي وإيجاد آلية لحماية المسيحيين أو للحوار مع الجهات المعنية في هذه البلدان المختلفة، مع المرجعيات الدينية أو السياسية الرسمية لكي يكون هناك خطة، فلا تكون المسألة فردية ومعزولة أو آنية فلا تجدي نفعاً".
وعن تعويله على الفاتيكان لمساندة مسيحيي الشرق، شدد على أن الدور الذي يلعبه الكرسي الرسولي هو دوراً معنوياً، لافتاً إلى أن "الفاتيكان قد يؤثر على سياسة بعض الدول ولكن الخلاص ينبع من الداخل".
وأوضح أنه بالتأكيد، "هناك شعور قوي لدى الكرسي الرسولي والبابا فرنسيس الأولوأيضاً البابا بندكتوس السادس عشر تجاه المسيحية المشرقية التي هي جذور المسيحية ككل"، ولكنه رأى ضرورة "أن تكون لمسيحيي هذه البلدان الشرقية الشجاعة في الدفاع عن أنفسهم والمطالبة بحقوقهم".

 

نحن والإسلام ضحية

وتوجه إلى مسيحي لبنان، الذين لديهم "خبرة سياسية كبيرة ودخلوا بأكثر من حرب وتعلموا من هذه الحروب التي لم تأت بأي نتيجة"، معبراً عن إيمانه  "بأن لبنان واع ويدرك خطورة الصراعات ويمكنه أن يلعب دوراً في تعزيز العيش المشترك لأن الفتنة والفرقة هي خطر كبير".

واعتبر أن "على المسيحيين الإتحاد ليكونوا مجتمعاً مسيحياً مشرقياً والمطالبة من البلدان التي يعيشون فيها العمل من أجل اللحمة الوطنية والمواطنة الواحدة وليتركوا الخارج في الخارج"، مشيراً إلى أنه "لو أن الخارج تركنا بحالنا لكان بإمكاننا حل مشاكلنا ولكن هنالك تدخلات كثيرة وهنالك أيضاً مصالح ونحن الشرقيين ضحية، والإسلام أيضاً ضحية".