من الحرب الى العقوبات, والعزلة الطائفية, والمذهبية, ماذا ربحت ايران وماذا خسرت؟ سؤال يُطرح باستمرار من قبل ايرانيين ومنافحين لهم من عرب وأجانب, لمعرفة أحوال الدولة التي أنتجتها الثورة على قواعد لا تتماشى مع الواقع, ولا مع المعايير الدولية . في الحرب خسرت ايران ماربحته في الثورة ,تآكل رصيدها العربي رغم أن العرب هم من دفعوا بالحرب ,وهم من غذوَها وآوقدوا نارها , ومن دفعوا فواتيرها المرهقة لشعوب كانت تصبو الى سلام يؤسس لتنمية فعلية لا الى خراب مدمر لبيئة لا تحتاج الى حروب تأكل ما تبقى من لحمها الحيَ . رحلة اعادة اعمار ما هدمه العرب والغرب في ايران كانت كلفتها عالية وغالية على مستويي الداخل والخارج , وهذا مادفع ايران الى اعادة ترميم الثورة وفق منطق يعيق الدولة ولكنه يمكَن الثورة من اعادة انتاج نفسها في الداخل, من خلال تعزيز نواة التحكم بارادة الثورة, وفي الخارج من خلال مدَ شباكات واسعة لاصطياد ما أمكن من المناصرين لتحسين شروطها الأمنية, في عالم قائم على موازين القوَة . نجحت ايران في لمَ شمل اسلامي وشيعي خصوصاً متفاعل مع روحية الثورة ,وحاضر للادلأ بشهادته في أيَ ساحة من ساحات الصراع والتحدَي لايران . لم تقف الحرب الايرانية – العراقية عند حدود الالتزام بالقرار الدولي , بل استمرت بتشعباتها كافة ووصلت الى سقوف سياسية هدَمت ما تبقى منها فوق رأس العلاقات الايرانية -العربية , ودخلت العلاقات الايرانية- الأوروبية مرحلة جديدة من السخونة , كذلك كان حال العلاقات الايرانية – الأمريكية المصطدمة باستمرار بجُدر من الاسمنت المانع لتصحيح مسارسياسي لا يسير الاَ باتجاه التأزَم . لجأت ايران الى التخصيب لتدخل النادي النووي في ظل مناخ مخيف من العلاقات المذكورة بين ايران والآخرين , واتخذ المجتمع الدولي, وبواسطة تشكيلاته رزم من العقوبات المُثقلة للكاهل الاقتصادي في ايران, وكذلك بادر الاتحاد الاوروبي, والولايات المتحدة,ودول عربية الى فرض أنواع من الحصار السياسي والاقتصادي, ومدَ أذرع العقوبات لتصل الى مستويات مؤذية ومؤثرة ببنية الدولة الايرانية , ومع ذلك استمرت ايران بنوويَتها رغم العالم, ورغم الوكالة الدولية للطاقة الذرية , ولم تتراجع عن موقف من المواقف الملتزمة بها في أيَ بقعة أو رقعة , وابتعاداً عن التسلسل التاريخي لملفَات عديدة يمكن التطلع الى الأزمة السورية, حيث وقف الجميع الى جانب المعارضة ولم يقف مع النظام السوري سوى الايراني , وحدد الروسي دعمه بالفيتو, وبالسلاح المفتوح على أنواعه كافة , تاركاً للدولة الايرانية صدَ هجومات اسقاط النظام السوري, ومن أيَ جهة آتى .ولم تختبىء ايران خلف قناع الدبلوماسية الواهية, وأعلنت, وبشكل واضح أنَها لن تسمح باسقاط نظام بشَار الأسد , وقادت بنفسها معركة فرَ منها الجميع, وتركوا طلاَب الجنة وحدهم من يقاتل في سورية . اذاً لم تحصد العقوبات شيئًا, ولم يف الحصار بما وعد به الامريكيون وأتباعهم, وتحوَل الجوع الداخلي في ايران الى صوم سياسي أسكت حتى أهل المعارضة . واليوم وبعد مضيَ سنوات من القطيعة يتحدث أوباما عن دور ايراني ايجابي, وعن التزامه بعدم الدخول بالشأن الداخلي لايران أيَ أنَه لا يعوَل على المعارضة, وهو يهتم بالنظام كما هو لأنه يلامس واقع الرؤية الأمريكية لعالم عربي واسلامي مفتوح على التطرف الديني .من هنا وعلى ضؤ التجربة يبدو أن المرشد والقائد في ايران قد اجاد اللعبة, واستطاع متابعة وجهة نظره في الداخل والخارج الايراني دون أن تنهكه سياسات الأمم المتحدة, ومجلس الأمن, والاتحاد الأوروبي, والولايات المتحدة الأمريكية, و مجلس التعاون الخليجي, و الجامعة العربية, وأثبت قدرة على ادارة الأزمات بروح منتصرة. فانتصر في لبنان, وانتصر في فلسطين, وهو سينتصر كما وعد في سورية, واعتبر أنه المرشد للربيع العربي, كما جاء في مؤتمر الصحوة الاسلامية .بعد كلَ هذه الانتصارات ماذا سيفعل روحاني؟ وماذا سيفعل بعرض أخذته ايران بالقوَة ودون شرعية من أحد؟ فهيَ بشكل أو بآخر شرطي الخليج بل الدولة الأقوى في منطق الشرق الأوسط اذا ماكانت معايير القوَة ذاتية لا خارجية كما هي حال كلَ من تركيا واسرائيل. يبدو أن الشيخ روحاني وفي الدعوة لبناء علاقات جيدة مع الولايات المتحدة على ضؤ التسويف بالموضوعات النووية , لن يلعب دور الشاه , فالمرشد دفع بايران الى مكانة مؤثرة في العالم ومهددة للدول المعنية فيه , وبالتالي فان القرار الايراني موجود في النووي لا في مكان آخر من تشكيلات الدولة , وما يجري مساوقة سياسية لفتح قنوات تسيَر أعمال ايران بواسطة دبلوماسية باتت معروفة ملاحتها , واتجاهات رياحها القومية.