وبالرغم من فداحة المشهد المأساوي الذي يضرب لبنان هذه الايام بعد مجزرتي الضاحية  وطرابلس , وبالرغم مما نعيشه من حالة قلق وصلت في مؤشرها التصاعدي الى مراتب عالية على وقع ما نسمعه يوميا من اكتشافات لسيارات مفخخة هنا وعبوات مجهزة هناك وعلى امتداد كامل مساحة الوطن حتى بات واحدنا يخشى مجرد الخروج من بيته الا في الحالات الضرورية , وصارت عبارة " الحمدلله ع السلامة " تقال للعائد الى منزله ليس من رحلة سفر او مناطق الخطر بل من مكان عمله الذي لا يبعد عنه اكثرمن خمس دقائق , فعلى الرغم من كل هذا ( وبغض النظر عن الاسباب والمسببات ) كان من المدهش هذا الكم الكبير من التعاطف والتضامن والشعور المستجد بالوحدة الوطنية وهذا الادراك المفاجيء لخطورة المرحلة و"للمؤامرة " المحضّرة للوطن ولشعبه , ان من الطبقة السياسية اياها وبالاخص من الناس العاديين المتضررين وحدهم من تلك الغيوم السوداء المخيمة فوق سماء الوطن .. الا ان هذه العواصف الرائعة وكل هذه الرسائل المفعمة بالحب المتبادل بين الضاحية وطرابلس ذهابا وايابا وكل هذه المودة بين اهالي المنطقتين المفجوعتين بابنائهما والتي برزت بشكل جلي بعد جريمة المسجدين في طرابلس هو كفيل بان يمحو ولو قليلا صور جثث المواطنين الابرياء المفحمة التي لا تزال تؤرقني ( وهنا لا بد من شكر الاعلام المسوؤل !) ورحت انتشي على نغمات هذا الحلم الجميل بان بلدنا يمكن ان يصير بلد وبان جبل الاحزان القابع على صدري يمكن ان يتزحزح ليصبح يوما ما هباءا منثورا , ولا ازال الى هذه اللحظة منشغلا بطرد الوسوسات عن ذهني واصارع نفسي واقنعها بالجواب الذي قلته لاحدى صديقاتي على الفيسبوك عندما سألتني " حج , برأيك هذا التضامن هو شعور حقيقي ام مجرد قرار حزبي ؟؟ " .. .. فانا لا اريد ان اصدق ان الاحزاب في وطني الممسكة بعقول وارادة محازبيها هي ايضا قادرة على الامساك بمشاعرهم بحيث انهم يفرحون بقرار ,, ويحزنون ويتضامنون بقرار ايضا , فانا مقتنع تماما بان اذا ما خلو الى انفسهم الناس عندنا فهم ,,,,, طيبون .