من بديهيات القول بان الوضع السوري اضحى اكبر بكثير من مجرد صراع داخلي بين طرفين وبان سوريا تحولت الى ملعب للقوى الدولية بامتياز , ومن هنا اعتقد ان من غير الموضوعية هو مقاربة اي حدث بعيدا عن المعطى العام والمستجدات الكبرى والتوازنات الدولية التي طالما اتقن النظام الاسدي ومنذ عهد الاسد الاب اللعب على هذه التناقضات الدقيقة بين مصالح طرفي القوى الكبرى وما كان يعرف بالمعسكرين الغربي بقيادة اميركا من جهة والشرقي بقيادة روسيا مدعوما بمرحلة ما بايران , فكان يتكيء على الثانية دائما  معتمدا على ما يمثله لها من مدخل وحيد على العالم العربي وعلى المياه الدافئة بدون ان يشكل اي ضرر بالمصالح الامركية بالمنطقة طبعا ,, وهذه الحالة الناجعة للنظام كانت بمثابة الركيزة الاساسية لضمان استمراره وبقائه طيلة العقود السالفة بدون اي تغيير جوهري يمكن ان يزعزع هذه الركيزة على الرغم من الاحداث الكبرى التي طرأت على المنطقة , الا ان ما نشهده في الاسابيع والايام الاخيرة كان بمثابة تحول في قواعد اللعبة وهذا ما يمكن ان يُلخص بمؤشرين هما نتاج لقاء بندر – بوتين , الاول يتمثل  بالتراجع للدور الاميركي الاخواني لمصلحة تقدم متوقع للدور الروسي ولكن هذه المرة ليس من البوابة السورية وانما من البوابة المصرية المفتوحة امامه بايدي سعودية ستتوّج قريبا بزيارة بوتين للقاهرة وهذا يعني ان الشق الاول من الصفقة المتفق عليها والمرتبطة بدول شمال افريقيا قد وضع على سكة التطبيق لتبدأ معه مرحلة التنفيذ للشق المتعلق بالملف السوري وبداياته تكون بتهيئة الرأي العام الروسي وذلك بالسماح لخروج تظاهرات شهدناها للمرة الاولى في شوارع موسكو مناهضة لنظام الاسد وما لهذا من مدلول كتحول تدريجي متفق عليه ينتهي بترؤّس فراس طلاس للحكومة الانتقالية القادمة , لهذه الاسباب تفتّق العقل الاجرامي لبشار بضرورة ارسال رسالة شديدة اللهجة لمن يعنيهم الامر بانه لا يزال وسيبقى ممسكا بالميدان الذي يعتبر ان له وحده الكلمة الفصل وبانه لا يزال هو الرجل الاقوى الذي يستحيل تخطيه حتى لو اضطره الامر بان يكتب الرسالة بغاز السارين وختمها بجثث عشرات بل مئات اطفال الغوطة الشرقية .