هناكَ نوعانِ من الأفق الإبداعي في عالمنا العربي ... وهو الأفق المرتكز على إطاره الجوابي الممنهج ... أي هو عبارة عن سردية أدبية تنحت اليومي المرئي في سياقهِ القرائي ... ولا تُغرق تسلسلها التصوري لمابعد النحت النصي لها ... وهذا هو النوع المتعدد والأكثر وجوداً بين الإبداعات العربية اليوم ( حتى روادها الكبار ) .... 

وهناكَ المستوى الأبعد إلتباساً ... ذلك الأفق المتداخل بإشكالية سؤاله ... بمعنى تشظي اليقين الجوابي ... ضمن سياق شكه الماهوي ، باستفزازه تساؤلياً ... ففي هذا النوع الإبداعي لا يتوقع القارىء من كاتبه أجوبة أو تجسيداً لليومي المشاهد ( بحرفية النحت والصياغة المشعرنة ) ، بل إستفزاز المُشاهد بحقيقة تحققه الفعلي ! . هو بحث عن الماوراء المرئي ... عبر إشكالية امتداه الفعلي كيقين !! . وهذا نوع نادر في عالمنا العربي ، لأنه لا تكفه المهارة المحلقة بين فنيتها الصياغية ... بل لبعد تساؤلي أتعبه البحث الكينوني ... ووصل لمستويات ثقافية متصارعة مع الكل اليقيني ... والحقيقة الواقعية ( كممكن فعلي ) . وهذا النوع حضوره الشعري معدود على اصابع الحبر وكف الورق ! 

وهناك النوع الغير مطروق في عوالمنا الابداعية ... والذي لم يزل ينام في قبو الكسل الثقافي لكتابنا ومبدعينا ... وهو / تساؤل التساؤل ! 

أي عدم البحث في تحقق السؤال وحسب . بل في مدى ماهية التساؤل ... وابتعاد السؤال عن إضمار جوابه بصيغته الاستفهامية !! ... بل هو السؤال بمدى نسبيته أصلاً !!! 

وهذا الثالث هو مكان مغلق حتى على مثقفينا العرب ... ويصعب اختراقه من مساحات وعي القارىء العربي اليوم . ولا اعرف اذا كان هذا المستوى هناك من تطرق لمناقشته اصلا ، ناهيك عن محاولة التجربة الابداعية في حقله !