لعلّ الكلمات القليلة التي تُقال ليست أشدّ بيانا من الكلمات التي لا تُقال.
العنف الهمجي يحطم تآلف القلب ويهشّم أسنان التاريخ.
للصمت تمام الكارثة عويل طويل مخنوق.
أنا في هذه اللحظة من 15 آب 2013، ألمّ حطام فمي الذي تراكم أمامي على الطاولة.
أسوي أضلاع البيانو المكسرة.
الانفجار حصل هنا تماما بين الفك الأعلى والفك الأسفل.
كنت على أطراف الضاحية على أريكة بيضاء وأنظر إلى طيور كثيرة ملونة تتراشق على أشجار الصنوبر وفي لحظة واحدة أخذ يتخبط في قلبي ألف عصفور مذبوح، حصل ذلك فجأة فيما العصافير في الخارج لا تزال تتراشق على أشجار الصنوبر بأجنحتها الرمادية ولا تبالي.
أنا الذي كنت أتخبط بدمي حتى فاض على السرير الهادئ.
أنا الذي جررت تموز إلى آب.
أنا الذي جررت آب إلى كربلاء.
أنا الذي جررت كربلاء إلى الله.
وماذا بعد؟
أبلغ مني من يرسم إشارة النصر فوق الجرح الذي في رأسه.
أبلغ مني امرأة من الضاحية لم تقرأ ولم تكتب ولكنها تعرف الحقيقة.
لكن الحقيقة ما هي؟
الحقيقة هي أن نموت من أجل الحياة.
الحقيقة هي أن ننتسب إلى الضاحية.
أيتها الضاحية
أيتها الجميلة المنعوفة الشعر على امتداد الأشجار
أيتها الغريبة المهيبة المستوحشة الغامضة كالسيّد.
أيتها المعممة بالغيب المتوجة بالسرّ الطافحة بشغف الحياة. 
أيتها الطاهرة من دنس الإنسان
أيتها القرآن
لن أبعد عوسج يدك عن فمي.
ولن أنوح عليك كما ينوح شعب في غرفة مقفلة بل
أقوم وأرقص في عرسك
حتى لو كنت بساق خشبية واحدة
وسأحدق في وجهك المهشم الجميل كما يحدق نثر في مرآة مكسورة.