تعب اللبنانيون من الحكومات الآذارية الفاشلة واعتدوا على ادارة شؤونهم بالطريقة التي علمتهم الحروب عليها وهم يوفرون الخدمات الضرورية بأنفسهم فما عادوا يحتاجون الى وزارة للماء والكهرباء المعطَلة منذ أن وضعت الحرب أوزارها ومنهج أزمتها الوزير الحالي الذي تفنن في اطفاء الشمعة الأخيرة والمتبقية في لبنان. حتى البناء والزفت والأعمال التي تحتاج الى تراخيص مسبقة هي الأخرى تعتمل بالطريقة التي يقدر عليها النفوذ السياسي والمؤسسات الرسمية هي أيضاً تسير وفق مشتهيَات الادارات المحلية وخارج القوانين ومسؤوليات الوزارات المختصة . اذن نحن وفق تسير وظيفي خدماتي محلي يلعب فيه اللبنانيون بكل شطارة ومهارة وهم يتمنون أن لاتتشكل حكومة تضيف الى أزماتهم أزمات جديدة وتعكر عليهم صفو أعمالهم وتجاراتهم الرابحة فبعض المستثمرين تمكنوا من توفير الكهرباء للمواطنين وهم يحصدون نتائج مالية عالية في حين لم يسعف الحظ وزراء الكهرباء من تأمين تغذية ثابتة للبنانيين وخاصة الوزير المحظوظ في الحكومة المحظوظة بوزراء من نوعيات تعبر عن نوعية وقماشة الأحزاب والطوائف التي يمثلونها .هذا الواقع الميداني للبلد يتنفس من رئة سياسية أذهبت بالعمل الحكومي وجعلته مادة اختلافية حادة بين فريق 8آذار بقيادة حزب الله و14آذار بقيادة تيَار المستقبل والأوَل يدَعي أنَ الثاني هو من يعطل تشكيل الحكومة في حين يصرَ الثاني على اعتبار الأوَل أوَل من عطل أعمال الحكومات وهو من ينسف امكانية تشكيل الحكومة برئاسة سلام لغاية سورية واضحة .وبين التيَارين الأساسيين في لبنان ينأى لبنان عن تشكيل حكومة بسقف سياسي سعودي ايراني لتعذر التقاطع بين دولتين محكومتين بخلافات لاحدود لها في رقاع متعددة من العالم الاسلامي وخاصة في ما يتعلق بسياسات الشرق الأوسطية . اذاَ ماالحلَ لحلحة أزمة حكومة يعطلها كل من حزب الله وتيَار المستقبل ؟ لا يستطيع أحد توفير اجابة ملبية لشروط وطنية لأن حسابات حقليَ التيَارين مختلفين عن حسابات البيدر اللبناني وبالتالي فان الدوافع المحلية اللبنانية هي الأخرى غير متوفرة نتيجة لحسابات حقلية وبيدرية خاصة جداً اذ تدخل محاصصات الطائفيين مع السيطرات الاقليمية والدولية بطريقة معقدَة تبعد أيَ امكانية لتقاطعات داخلية خاصة وأن الطبقة السياسية اعتادت على حلول مفروضة عليها من الخارج لاستحالة توصل سياسييها الى حلول لبنانية لأنهم يقودون لبنان الى الهاوية لا الى سكة السلامة . الآتي سورياً أعظم بكثير مما هو عليه والتمذهب اللبناني على وتيرة عالية جداً ويبدو أن الوضعان لايحتاجان الى حكومة لأن سياسات التصريف مساوقة مقبولة لجهات قلبها وعينها على بلدان أخرى ولبنان بالنسبة لها مجرد أغنية من أغنيات فيروز وصباح ووديع الصافي ونصري شمس الدين أو مجرد أنشودة ثورية للدعاية المحلية ليس أكثر . ويبدو أن اختيار الرئيس سلام كان موفقاً لأنه يتمتع بصبر أيَوب .