تراجعت حماس خطوات كبيرة عن محورها الممانع وعن علاقاتها بتيَارات المقاومة في لحظة تاريخية كان لابدَ فيها من اتخاذ قرارينتمي وينتسب بشكل واضح الى الثورات العربية كحالة استثنائية في التاريخ العربي لاعادة صيغة السلطويات والنخب بطريقة تتيح للشعوب حريَة التنفس السياسي بعد كبت طويل من القهر والحرمان . كانت مصر الثورة والنتيجة الانتخابية المؤدية الى فوز اخواني غير مفاجىء محرَك أساسي لتستعيد حماس موقفها المُربك من ولائية لنسيجها ومراعاتها لتحالفاتها المتضررة من صحوة الناس ومن الثورات العربية وكانت الثورة السورية مفترق طرق بالنسبة لحماس فاختارت السير على الاوتستراد العربي بدلاً من الوقوف صامتة عما يجري للابقاء على استفاداتها من حلفائها القدماء أو الجهر بالقول واستنصار الحق انسجاماً مع منطقها الديني ومع طبيعتها كقوَة ثورية تنافح لاسترداد الحق تماماً كما هو حال الثائرين على رؤوساء من أعلى رتب الاستبداد السياسي والعسكري . بما أن النوَة الاخوانية كانت موجة جارفة في الحصاد السياسي للثورات العربي مالت حماس بثقلها اليها وأعلنت شفافيتها في الادانة للنظام السوري بتأييدها المباشر للشعب السوري التوَاق الى غد اخواني مشرق وهذا ما أدى الى تشطيب حماس من السجل السوري والى تعليق العمل مع ايران وحلفائها ريثما ينجلي غبار البارود في سورية . كسبت مصر ورقة المقاومة في فلسطين وهذا ماجعل من مرسي سفينة نجاة بالنسبة لاسرائيل وللدول المعنية بأمنها وخسرت ايران الورقة التي جعلتها لاعباً غير عادي في منطقة لامكان فيها لأيَ دولة غير مؤثرة بأمن الدولة العبرية واعتبرت حماس أنَها فازت بفوز جماعة الاخوان المسلمين وماعادت مهتمة لمواقف حلفائها القدامى من ايرانيين وسوريين وباتت مصر لسنتين مصدر رغد غزَة والسند الأصيل لحركة لا تأمن الاَ لمن اتبع دينها السياسي وعقيدتها التنظيمية . بعد الانقلاب الساحر والساخر من الاخوان نتيجة ممارسات مملَة أرهقت مصر والمصريين وبعد انتقال الاخوان من قصر الرئاسة الى منازلة الأمَة في الشوارع وتهديدهم الأمن المصري وامكانية لجؤهم الى عنف مقاوم لاسترداد الشرعية وبعد تضرر حماس المباشر من الانقلاب سياسياً و اقتصادياً بات من المطلوب عودة حماس الى الحضانة الايرانية وممالأة التيَارات التي تشبهها لتعويض الخسائر السريعة ولتطويق مآلات اخراج الاخوان من السلطة وانعكاس ذلك على الانقسام الفلسطيني وعلى وضعية حماس ومستلزمات صمودها أمام الكيان الاسرائيلي من جهة وأمام مسؤولياتها الفلسطينية من جهة ثانية . اذاً فارسية حماس خير لها من عربية لا تريدها الحركة الاَ اخوانية انسجاماً مع العقيدة وضروراتها من هنا سعى السعاة الى ترميم العلاقة بين ايران والحركة فاستعادت ايران أحدى خسائرها وعادت من جديد ممسكة بورقة وثيقة الصلة بالأمن الاسرائيلي وربحت حماس تكئة داعمة لها في مواجهاتها المتعددة . بالتأكيد هناك من يتحدث عن علاقة تتجاوز حدود العلاقة القائمة بين ايران وحماس لتصل الى مستويات متقدَمة من التعاون الوثيق في هذه المرحلة مابين ايران وجماعة الاخوان المسلمين من المشرق الى المغرب العربيين استكمالاً لعلاقتها التاريخية مع الاخوان في بكستان وافغانستان ودول اسلامية أخرى . من هنا يمكن توصيف حماس في هذه المرحلة بأنها حركة مقيدة بفتوى المرشدين لذا لن تبقى حماس في دائرتها الفلسطينية بل ستدخل منعطفات التحوَل عن مسارها وبقوة النفوذين.