لا شك ان للحدث المصري وسقوط الرئيس محمد مرسي وما يمثل , تداعيات وترددات ليست سياسية فقط وانما تداعيات فكرية وايديولوجية ايضا , بل ولعل هذا السقوط المدوي لتجربة الحكم باسم الاسلام يجب ان تفتح من جديد النقاش القديم مرة اخرى حول معضلة لم يستطع فهم سائد المسلمون من ادراكها الا وهي فك الارتباط الخاطئ بين الاسلام كدين وكمنظومة قيم تأتي في مقدمتها فكرتا التوحيد والمعاد وهذا فقط ما يجب ان يعتبر ثابت وسرمدي وبين الشريعة او الاحكام الاسلامية " الفقه " التي كان للظرف الموضوعي والاجتماعي وللعامل التاريخي مدخلية رئيسية في بلورة صياغتها ان من قبل المشرع الاول ( النبي والائمة ) او من خلال فهم لتطابق المصاديق على العناوين الكلية من قبل ارباب المذاهب والفقهاء القدامى فهذا الفهم يجب ان يكون متحرك غير ثابت لانه محكوم بعوامل متحركة متصلة بتطور الاجتماع البشري وحاجياته وتراكم تجاربه المعرفية فلا يجوز اطلاقا ان لم اقل انه من الحماقة بمكان اسقاط احكام وتشريعات لها طابع تاريخي تعالج موضوعات عفى عليها الزمن على واقع مختلف تماما باعتبار انها شريعة ملزمة ! وهذا مقتل الاسلامويون الرئيسي فضلا عن انكارهم الساذج وعدم اعترافهم بالدائرة الواسعة والضخمة جدا لما يسمى " الفراغ التشريعي " والتي لم يستسيغوا فكرة ان المشرّع وهو احكم الحاكمين تركها كي يملأها البشر بحسب حاجياتهم وفق تلك العناوين التي اوجبها ( عدالة , احترام الانسان , عمارة الارض ,, ) ويأتي على رأس منطقة الفراغ هذه مسألة نظام الحكم وطريقة تشكل آلياته بحيث لا يوجد عند المسلمين اي كيفية محددة نص عليها الشارع المقدس , من هنا فاذا لم يعمل المسلمون وبكل اطيافهم وتوجهاتهم المذهبية على الفصل بين ما هو ثابت " الدين " وما هو متحرك " الشريعة " فيكتفي القيمون من فقهاء ومراجع وحوزات بتكفير المجتمعات او الحكم بضلالها من اجل تبرير اخفاقاتهم فاننا سنبقى داخل دوامة الفشل والتخلف عن باقي امم الارض ولن يكون محمد مرسي ومن ورائه الاخوان اخرهذا النوذج ....ولا ادري الى كم مرسي نحتاج بعد !