سقط الاسلام السياسي بصيغته العنفية الجهادية في أفغانستان والمعتدلة في مصر بعد أن نجحا في المقاومة والادارة والتنظيم وفي القدرة على تشكيل مشروع سلطوي خاص داخل الدولة الوطنية وفي الحلول مكان الادارات الرسمية في مجالات الخدمة المباشرة للفقراء الكثيرين من أهل الاسلام .
ما يهمنا هنا هو الاضاءة على ماجنته يد الاخوان المسلمين في أرض الكنانة بعد أن أوصلتهم مناخات الربيع العربي الى الرئاسة المصرية بفرصة استثنائية لم يحسن مُرسي والمُرشد ومكتب الارشاد من استغلالها بطريقة تُزيل المخاوف والهواجس الموجودة لدى الكثيرين من المصريين المهتجسين من اخوانية اسلامية لا تقبل المشاركة الاسلامية وتحنُ لكرسي الخلافة كتجربة رائدة ووحيدة بالنسبة لأهل العقائد من ملل أحزاب الله .
بأكثرية ملفتة وصل مرسي الى الرئاسة المصرية فأسكره النصر وجعله يتصرف وفق تداعيات السكرة الانتخابية فأبعد صنَاع الثورة المصرية من غير الملتحين الاسلاميين ولم يشرك في الحكومة شخصيَات فاعلة تسهم معه في حمل عبء القيام بالأزمات المصرية المتعددة والحافرة في عمق الواقع المصري حفراً عميقة وسحيقة وكلَف لرئاسة الحكومة قنديل بلازيت ودخل في سجال ساخن مع القضاء المصري سُرعان ماتحول الى أزمة اشكالية عمًقت من هوَة التعاطي مع المؤسسات القائدة في مصر وجعل من الدستور مادة خلافية انقسم عليها المصريون بطريقة حادَة وجاءت سلَة تشكيلاته للمحافظات المصرية مماثلة للتشكيلة الحكومية اضافة الى تخبطاته في الآداء السياسي الداخلي والخارجي والمفضية الى قيام كتلة متراصة من المعارضة لم تكن متوفرة بتنوعها وتعدادها وبسعتها الشعبية وبدل من التعاطي مع هذه المعارضة باستيعاب يصبَ في المصلحة الاخوانية وفي مصلحة الرئاسىة راح يردد ما اعتادت على قوله الرئاسات العربية باتهام المعارضين بالعمالة والارهاب وارتباطهم بأجندات خارجية وبتحريضهم من قبل دول لا تريد خيراً لمصر .
اذأ أخذ الاخوان بأخونة السلطة بتشكيلاتها كافة والمجتمع رغم تنوع مكونَاته الدينية والسياسية وحطَوا من مكانة المعارضة ولم يقدموا لهم حتى فتات من سلطات متدنية فخسروا سريعاً ماربحوه بسرعة في لحظة طيسش شعبي ظنَوا من خلالها أنَهم أوصلوا الى الرئاسة من يستحقها ويدرك حاجات الناس الملحة والكثيرة لاغلاق بعض شبابيك البؤس في مصر .
ربح الجيش الرهان على جماعة غير جديرة بالحكم لأنها تلتحف عباءة الخليفة في زمن لا يمكن فيه سوق الناس بلحية الاسلام السياسي وأن الدولة بمكوناتها ومُركباتها والتي تفرض المشاركة فيها كحق لا يمكن مصادرته تحت أيَ عنوان من العناوين الدينية .
عاد الجيش مجدداً كضرورة مصرية والرهان عليه يبقى في تسهيل نشأة الدولة المدنية والديمقراطية من خلال الممرات الآمنة لتوفير ذلك وعدم استغلال الفرصة الضائعة من يدَ القوى المدنية لاعادة انتاج تجربتهم من جديد .
ان ماحصل مع الاخوان في مصر درس بليغ لكلَ القوى التي تدَعي أنها تسيس أمور العباد بتكليف من الله وترفض مشاركة الآخرين في السلطة وتختزل السلطة بفرد يقود البلاد والعباد الى مشتهيات جهوية عقائدية كانت كالاسلاميين أو ايديولوجيين كباقيا القوميين والماركسيين العرب .