حمل الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله جملة مواقف يؤكد فيها مرة جديدة على مواقف حزب الله في عدد من القضايا المطروحة على الساحة منها موقف الحزب من الازمة السورية حيث أكد نصر الله على استمرار الحزب في كل المواقف السابقة المتعلقة بالازمة السورية .
وفي قراءة سياسية لهذا الخطاب تحدث موقع لبنان الجديد مع الكاتب والمحلل السياسي الاستاذ أحمد جابر وكان هذا الحوار .

كيف قرأ الكاتب والمحلل السياسي الأستاذ احمد جابر الخطاب الأخير للسيد حسن نصر الله .؟

لم يقدم الخطاب الأخير للسيد حسن نصرالله جديدا مفصليا في السياسة،بل هو كرر الثوابت التي باتت ملازمة لكل خطاب حول الحدث السوري ،وحول الوضع اللبناني ،المرتبط ارتباطا وثيقا بتداعيات هذا الحدث.
لم يحمل الخطاب ،جوهريا،سوى الحديث عن المؤامرة التي تتعرض لها سوريا والمقاومة،والكلام المكرر حول "فضل"المقاومة على اللبنانيين في أمنهم وسيادتهم،وأضيف إلى اللائحة اليوم نفطهم.هذا يعني أن الأساسي في توجه حزب الله ،مازال كامنا ومعلنا في قضية السلاح ،الذي لا يقبل جدالا في استقلاليته عن مجمل البنية اللبنانية ،عندمايتعلق الأمر بالبحث في مستقبله،والذي يتمسك أصحابه،أي السلاح،بحقهم في الانغماس العميق في بنبة الحكم ،عندما يتعلق الأمر برسم وجهة الحياة الداخلية اللبنانية.عليه من المفيد قراءة الخطاب خارج الوجهة الاستراتيجية،والانتباه إلى مواكبته للجوانب الحدثية،أي إلى سياسته المتحركة بالتناسب مع حركة الوقائع الميدانية وتطوراتها ،في الميدان السوري وفي مسالك الحياة السياسية اللبنانية.إذا أردنا تلخيص واقع خطاب أمين عام حزب الله،فإنه يمكننا القول أنه كان هجوميا في وجهته المستقبلية،ودفاعيا تبريريافي  شرح مسوغات ودوافع هذه الهجومية.

يبدو ان السيد نصر الله اعترف بخطابه الأخير بالرأي الشيعي الأخر بعد حادثة استشهاد هاشم السلمان لكنه طلب مهم ايضا تقبل الرأي الآخر ويقصد بذلك رأي حزب الله ما هو تعليقكم على ذلك

لا ترقى العبارات القليلة التي تقدم بها السيد حسن نصر الله ،حول مقتل الشاب هاشم السلمان ،إلى مستوى الاعتراف بالرأي الآخر .هذا الأخير له مقوماته التي هي غائبة على نحو فاعل ،عن ساحات الشيعية السياسة،إذ لا يخفى أن حالة الاعتراض الجدية ،المنظمة ضمن أطر واضحة،والناطقة ببرنامج بديل آخر ،ومن موقع شيعي ،ما زالت جنينية ،وهي غير مزعجة لحزب الله ،بل قليلا ما يعيرها إهتماما ،وكثيرا ما يستعملها للقول أن الاختلاف مسموح به ضمن الحالة الشيعية،وهو دليل يدحض المذهبية التي يرمى بها الحزب في الأساسي من سياساته.لقد قال السيد نصرالله كلاما بهذا المعنى في خطابه الذي نحن بصدده.عليه ستظل مسألة قبول الآخر رهنا بتبلوره كوليد ناجز،ورهنا بمسلك حزب الله حيال هذا التبلور.ما يمكن قوله حتى الآن أن رد فعل"الحزب"كان سلبيا على الحالات الشيعية الجادة التي حملت نذر "شغب"على توجهاته العامة.،

السيد نصر الله قال : سنكون حيث يجب أن نكون ما يعني أن هناك اصرار من حزب الله على المضي في مواقفه وقرارته في الموضوع السوري ما هي تبعات مثل هذه المواقف؟

كما تقدم ك،كل الخطاب هو غلاف كلامي فضفاض لهذه الجملة الأخيرة،سنكون حيث يجب أن نكون.أود أن الفت الانتباه هنا إلى أنه من الأفضل لنا القول:سيكون الحزب حيث يراد له أن يكون،فمن أسهب في الحديث عن المؤامرة الكونية،وعن المبادرة لصدها من ضمن المحور الذي ينتمي إليه ويرعاه،لا يمكنه الحديث عن استقلالية وجود وحرية تواجد بقرار ذاتي وبإرادة حرة.لن نذكر بمرجعية حزب الله المعروفة للقاصي والداني ،لكن سنشير إلى أن هذه المرجعية تخاطب لبنان من فوق رأس مصالحه ،فلا تعير كينونته اهتماما إلا بمقدار ما تستجيب الكينونة الداخلية لأحكام الخطةالخارجية.لقد وضع حزب الله ذاته في الخارج الذي يمور بالمذهبية ،واقعيا،مما لاينفع معه دفع التهمة كلاميا ،إذ مهما بلغت الخطابة من البلاغة،فإنها لاتقوم مقام اليوميات المادية العنيدة.من شأن ذلك أن يجر إلى لبنان انقسانا إضافيا ،كما من شأنه إضافة عوامل متفجرة على البنية الداخلية المأزومة،ويفتحها على مخاطر عنفية،خاصة إذا ما استمر العنف لغة سورية وحيدة ،وإذا ما تواصل تورط حزب الله كسياسة أحادية الجانب.

نرى ما يشبه السجال بين السيد نصر الله والرئيس الحريري ما يزيد حدة الانقسام بين اللبنانيين مذهبيا وسياسيا كيف تنظرون إلى ذلك؟

السجال القائم سيستمر لأن قنوات الحوار مسدودة ،كذلك الاتفاق على مواضيع الحوار.وفي السجال هذا لن يفوز أحد لدى جمهور غيره،لذلك فإن الكلام يبدو موجها أولا إلى الجمهور الخاص ،ولو توسل العبارات الوطنية العامة.الحصيلة سيتكون خسارة مشترك ،فكل فريق أهلي يخسر لدى الفريق الذي يساجله،ونتيجة ذلك تدمير متوال للأرضية المشتركة التي يمكن أن يعود اللبنانيون للوقوف فوقها،وتغذية متمادية لبروز قوى الخطاب المتطرف لدى السنية السياسية،في مواجهة ما تعتبره خطابا مقفلا لدى الشيعية السياسية بقيادة حزب الله.عليه ،لن نتوقع في المدى القريب غير تطور انحدار الخطاب مذهبيا،ولن نعيش سوى مظاهر من سياسات المغامرة بلبنان ،والمقامرة بمصيره...هذا دون أن يلوح في الأفق المباشر بوادر استدراكية تدفع إلى المراهنة على مسلك أهلي أقل تفريطا بالمصالح الوطنية العامة