هذا المجلس النيابي القائم بمائة وثمانية وعشرين عضواً، والمُسيّج بالأسلاك الشائكة، والمُحصّن بالحواجز الإسمنتية، ويحرسه جلاوزة "الأمير"، المُزوّدين بالرصاص المطاطي والحيّ، تساندهم بنادق الصيد، هذا المجلس العاجز عن انتخاب رئيس جمهورية جديد، الأفضل له ولسائر المواطنين أن يذهب إلى الجحيم، ذلك أنّه عجز عن انتخاب الرئيس العتيد على مدى ثمانية أشهر كاملة، ولا يبدو أنّه سيتمكن من ذلك في الأمد المنظور، ومع ذلك لا تنقطع "هلوسات" بعض أعضائه القانونية و"اجتهاداتهم" العقيمة، ساعةً يعمد نفرٌ منهم للإفتاء بعدم جواز اجتماع حكومة تصريف الأعمال، وساعةً يُفتون بِبُطلان مراسيمها، وساعةً يعمد نفرُ منهم للدعوة لمُقاطعة الجلسات التشريعية للمجلس النيابي في ظل الفراغ الرئاسي، وآخر ما تفتّحت عبقرياتُ بعضهم عن عدم صلاحية حكومة ميقاتي"المشحّرة المعتّرة" في إرسال اقتراحات قوانين للمجلس النيابي لإقرارها، هذا وكأنّ البلد بألف خير، ونقدُه بخير، واقتصاده بخير، ووزراؤه يتمتّعون بالكفاءة والدراية والشفافية، وزير الخارجية يمضغ العلكة في اجتماع القمة العربية، وزير العدل يستنكف عن حضور جلسات الحكومة، نزولاً عند تعليمات "سيّده" جبران باسيل، وزير الطاقة يواصل عروضه الهزلية، كلما سمحت الظروف بذلك، وزير المالية لا يكاد يعرف كوعه من بوعه، وقِس على ذلك بقية المجموعة "الفولكلورية". قال الأصمعي: كُتب كتابُ حكمة، فبقيت منه بقية، فقالوا: ما نكتُب؟ قال، اكتبوا: يُسألُ عن كلّ صناعةٍ أهلُها.