خالف حزب الله رأي الرئيس بري في جعل سليمان فرنجية رئيساً بدلاً من ميشال عون وقد دفع اللبنانيون ثمن هذه المخالفة دون أن يرف جفن الحزن للحزب وللمؤيدين لعهد عون السيء الحظ ، وكي لا يقع الحزب مجدداً في وعوده المكلفة وحساباته الرئاسية المخطئة دفع الرئيس نبيه مجدداً بسليمان فرنجية إلى واجهة الرئاسة تحسباً منه لسياسة غير محسوبة تفضي إلى رئيس على إشتباك دائم مع الرئيس بري كما كانت الحرب المفتوحة ما بين بعبدا وعين التين ، أو تحسّساً منه لخطأ ما من قبل حلفائه الذين قد يجدون في جبران وريثاً لبعبدا أيضاً .


هذه الدالة الواضحة من قبل بري على فرنجية محسوبة بدقة لصالح إنتظام الحكم خلف رئيس المجلس النيابي كما كان طيلة سنوات طوال ، كما أن الرئيس بري بحاجة إلى تسديد فاتورة لدمشق بعد أن ضاق صدر نظام بشار من دولته كونه لم يتجاوب مع دعوات الموت من أجله ، إضافة الى مواقف كثيرة باعدت المسافة ما بين الرئيسين . 


يلبي فرنجية حاجة النظام السوري إلى لبنان في أبعاد كثيرة ، كما أنّه أكثر من مطمئن لحزب الله كون فرنجية من الحزب وإلى الحزب ، وهو أكثر إلتزاماً من مطيعي التكليف الديني ، وهو الحلقة المارونية الفارغة والمفرغة من أيّ نفوذ مسيحي منتشر في الجغرافية المسيحية وهذا ما يلبي حاجة البطرك الماروني في رئيس يحتاج إلى شرعية صاحب الغبطة بدلاً من رئيس لا يحتاج إلى مثل هذه الشرعية كم هي التجربة العونية المستأسدة على الصرح الماروني . 


كما أن الدول المعنية بلبنان وخاصة فرنسا المنحازة الى الواقع القائم وفق مواقع القوّة والنفوذ ترى في فرنجية عنصر إستقرار كونه يجسد حسابات حزب الله في السلطة وهذا ما يجعل الحزب حرساً لإسقرارها .


يبدو الرهان على السعودية رهان خاطىء دائماً لعدم امتلاك المملكة لرؤية أو لإستراتيجة معينة بقدر ما هي تتحمس وتبدي ردات فعل على أيّ فعل يطالها .


وهذا ما يجعل تنازل المملكة أسهل من السهل خاصة وأن إيهام الإيرانيين لها بصدق التزامهم بالإتفاق قد أغشاهم ، وتبدو صفقة تبادل الأسرى بين اليمنيين إحدى مغريات الإيرانيين للسعوديين الذين يبيعون كل الملفات مقابل الملف اليمني .


أثناء زيارة فرنجية لفرنسا وسلة الضمانات التي حملها معه للفرنسيين  كان طيف بري هو من يفاوض ، لذا كانت زيارة فرنجية موضوعة في سلة بري بما في ذلك  الضمانات المطلوبة ، حتى الإجابات الشافية كانت هي أيضاً من بركات سلّة الرئيس.


وحدهم موارنة القوات والتيار العوني والكتائب يجعلون من أحلام الرئيس بري أضغاث أحلام اذا ما اتفقوا على مستحيلاتهم المتعددة الوجوه ، وحتى ذلك النهار يبقى بري إستاذ الرئاسات الثلاثة ومطرقة الدولة .