ألا يوجد بيننا بليغٌ من البلغاء، وأديبُ من الأدباء، وتقيٌّ من الأتقياء، أو مصلحٌ من المصلحين، يقول ما قاله أبو سليمان المنطقي، أو ما نُسبَ إليه وهو يردّد على مسامع الوزير ابن سعدان، زمن حكم البويهيين، ليكون عبرةً أو درساً سياسياً لسياسيّينا في الزمن الذي نحياه.                                     

" قال: ولو قالت الرعية أيضا: ولِمَ لاتبحث عن أمرك؟ ولم لا تسمع كلّ غثٍّ وسمينٍ منّا؟ وقد ملكتَ نواصينا، وسكنتَ ديارنا، وصادرتنا على أموالنا، وحُلتَ بيننا وبين ضياعنا، وقاسمتَنا مواريثنا، وآسيتنا رفاغة العيش، وطِيب الحياة، وطمأنينة القلب، فطُرقُنا مخوفة، ومساكنُنا منزولة، وضياعنا مقطّعة، ونِعمُنا مسلوبة، وحريمُنا مستباح، ونقدنا زائف، وخَراجنا مُضاعف، ومعاملتُنا سيّئة، وجُنديّنا متغطرس، وشرطيّنا منحرف، ومساجدنا خرِبة، ووقوفُها مُنتهبَة، ومارستاناتنا خاوية، وأعداؤنا مستكلِبة، وعيوننا سخينة.


 ما كان الجواب عما قالتْ و عمّا لم تقُل، هيبةً لكَ وخوفاً على أنفُسها من سطوتِك وصولتِك؟