لا ريب بأن ما بعد الاتفاق السعودي الايراني ليس كما قبله، واوافق تماما توصيف اتفاق بكين هذا بالزلزال الكبير الذي ضرب المشهد السياسي على كامل جغرافيا الشرق الاوسط، وان له من الهزات الارتدادية التي سوف نتلمسها حتما في لبنان كما في كل بقع الصراع في المنطقة.


 
امام هذا التحول الكبير، ملفت جدا موقف الثنائي الشيعي بالاستمرار ولو العلني بدعم ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، ولو ان فرنجية نفسه لم يعلن ترشيحه حتى اللحظة وهذه مفارقة عجيبة في السياسة اللبنانية !!

 

قد نستوعب أن إعلان دعم فرنجية جاء قبل الاتفاق، وهذا امر يتوافق مع الجو التصعيدي الذي كان سائدا ساعتئذ، وهذا يؤكد بمكان ما أن الثنائي لم يكن على علم بتطورات المباحثات بين السعودية وايران وبالاخص في الربع ساعة الاخيرة التي سبقت التوقيع.

 

الى هنا الامور مفهومة، أما أن يستمر هذا الدعم المتناقض تماما مع ما فرضه الاتفاق من اجواء تهدأة وسحب لكل فتائل التصعيد بالمنطقة فهذا غير مفهوم، بالاخص من جانب حزب الله الذي كان أخبرنا امينه العام في إحدى مقابلاته التلفزيونية بأن الحزب لا ينتظر أوامر الولي الفقيه، وانما هو يستشعر عن بعد رغبات الولي الفقيه ويسير وفقها وعلى ضوئها 


وعليه، فكيف نقرأ ضرب رغبات الولي الفقيه من قبل الحزب والاستمرار بدعم مرشح لا ينسجم مع رغبة المرشد في طي صفحة قديمة بالمنطقة؟ 


أعتقد أن الاجابة على هذا التساؤول المشروع ينطلق من ثلاثة احتمالات 


الاحتمال الاول، هو قراءة ناقصة للاتفاق، ورهان الثنائي على نظرية خنفشارية ( على الطريقة اللبنانية ) تقول بأن اولوية السعودية هي اليمن وليس أي ساحة أخرى، وهذا يعني بأن الثنائي يعتقد ان لبنان هو خارج الاتفاق او على الاقل هو محل مقايضة باليمن، فايران التي ستعطي حلا سياسيا ينهي الحرب باليمن سيأخذ بالمقابل رئاسة الجمهورية في لبنان!!


 وهذا بدأ يظهر خطأه من خلال ثبات الموقف السعودي من المواصفات الرئاسية 


الاحتمال الثاني، هو ان الاستمرار بدعم فرنجية ما هو الا دعم اعلامي ظاهري، مع علم الثنائي ان صفحة فرنجية الرئاسية طويت مع توقيع اتفاق بكين، وان الهدف من ذلك هو القول لجمهور الثنائي أن قيادتهم لا تتحرك وفق الروموت كونترول الايرانية، وانما هذه القيادة هي سيدة نفسها وتأخذ قراراتها وفق ما تراه هي من مصلحة، هذا الى حين التوصل لمخرج لائق تستطيع هذه القيادة المحافظة على ما تبقى من ماء وجه ولو كان عبر الذهاب الى ما يشبه الانتخابات الديمقراطية يفوز فيها من يفوز ويسقط فرنجية انتخابيا، فيكون الثنائي بهذا قد أوفى بوعده لفرنجية وبنفس الوقت نفذ الرغبة الايرانية.


الاحتمال الثالث هو ان الحزب بوارد التمرد على رغبة الولي الفقيه، وهذا ما لا اعتقده .