يبدو أن الشيخ هاشمي رفسنجاني يدير من قبره سياسة إيران أو أن فقهه السياسي هو المادة العقلية الوحيدة المتوفرة في إيران لذا تُعتمد دائماً عند كل عاصفة تعصف بالبلاد والعباد بحيث أنّه وكلما وصل الحرس الثوري إلى طريق مسدود وسدّ بسياساته أبواب إيران الداخلية والخارجية تفتح سياسة الشيخ رفسنجاني الأبواب المغلقة لينقذ تهورات الحرس في السياسة والإقتصاد والأمن .


من الحرب العراقية – الإيرانية إلى حروب اليمن والعراق وسورية دفع الشيخ هاشمي الإمام الخميني آنذاك إلى السلم مع العراق وإنهاء الحرب وقد تجرع الإمام السُمّ كما قال كما أنّه دفع اليوم ومن قبره قيادة الحرس إلى البحث عن السلام مع دول الخليج للخروج من حروب أوصلت الشعب الإيراني إلى مستويات ضنكة .


قبل وفاة الشيخ رفسنجاني حاول الفقيه السياسي لإيران أن يجد أرضية إيرانية خصبة لإستراتيجية العلاقة مع المملكة العربية تأسيساً لمشروع إسلامي يحمي مصالح العرب والعجم وقد ذهب إلى السعودية لملاقاة الملك في تعاون وتحالف يرضي البلدين ويفيد منطقة الشرق الأوسط إذا ما استطاع الملك إلى ذلك سبيلاً .


بدد الحرس الإيراني طموح رفسنجاني وجعل أحلام الوحدة مع السعودية أضغاث أحلام كما أن الملك السعودي والمسؤولين في المملكة لم يكونوا جاهزين لملاقاة الشيخ رفسنجاني فباءت زيارته التارخية للسعودية بالفشل ولكنها تركت اثراً تبعه اليوم الإيرانيون والسعوديون ولو أنهم تجاوبوا مع مهندس السياسة الإيرانية ساعتئذ لوفروا على المنطقة والأمّة هذه الحروب المدمرة وهذه الضغائن ونبش التاريخ بما فيه من جثث نتنة لإحياء مراسم الفتنة من جديد .


لقد فعلها الرئيس الشرعي للثورة الإيرانية وأحد اعمدتها الأساسية وعقلها اليقظ وهو نائم في قبره وهدى الإيرانين الى سبيل النجاة بدلاً من الغرق في الدماء والخسائر ومنحهم فرصة جديدة للتخلي عن السياسات المهلكة للجمهورية ومنها الإعتماد على الدور الخارجي وسياسات الأذرع التي خسرت كل الدول التي إعتمدتها قديماً وحديثاً وحتى لا نعطي أمثلة على صغار الدول ومراهقيها الثوريين نذكر أميركا صاحبة السيادة المطلقة على العالم التي لم تحصد من أدوارها العسكرية في الخارج سوى الخيبة وما إنسحاب قواتها من أفغانستان إلاّ شهادة أخيرة من شهادات عدّة لأميركا .


إن قوة أميركا في إقتصادها أولاً وضعف روسيا في إقتصادها رغم ما تملكه من أسلحة ومن أدوات الحروب كما أن قوة الصين في إقتصادها لا في عسكرها الذي كان قبل الإعتماد على الإقتصاد كقوّة حرساً لدولة فقيرة نامية .


عسى أن يدرك من لا يرى القوّة في إيران إلاّ من خلال النووي أن القوة الإقتصادية هي سلاح أمضى من النووي ومن الصواريخ ومن الجيوش وهذه دول الخليج لموذجاً لا نريد إستحضار سويسرا ودول السويد والنمارك فدولة كقطرعبارة عن تجمع سكاني بحجم حي إيراني ولكن قوتها المالية جعلتها وازنة داخلياً وخارجياً أكثر من دول عربية  فقيرة .