ليست المرَّة الأولى في الجنوب يتعرَّض هذا المشفى الجامعي للإعتداء المتهوِّر من قبل غاضبين لمجرَّد حادث يودي بوفاة مريض، هنا لستُ بوارد الدفاع عن المشفى بقدر ما هو دفاعٌ عن أهلنا وناسنا في الجنوب، وخصوصاً أمام تردِّي الأوضاع على جميع الصعد، وبالتأكيد على صعيد الإستشفاء، إذ يعتبر هذا الصرح الجامعي من أهم المستشفيات التي ما زالت تؤمِّن الراحة والإستشفاء ولو بالقدر المطلوب أمام هول مصائبنا الكبيرة، ويليها بعض المستشفيات في المنطقة على صعيد تقديم بعض الخدمات بقدر الإستطاعة كمشفى النجدة الشعبية ـ حكمت الأمين ـ النبطية ـ 


 زرت مشفى راغب حرب لأكثر من مرة قاصداً علاج من يخصني، تقف أمام مدخل الطوارئ، يأتيك بعض الحرس بكل أدب ومحبة، يأخذون منك سيارتك ويقولون لك اهتم بالمريض وأدخله فوراً إلى غرفة الطوارئ، ندخل الطوارئ نرى الإهتمام المطلوب، وترى في الطوارئ جموعاً كبيرة بين مريض وجريح ومكسور وبين طفل يبكي وهرمٍ موجوع، والفريق الطبي بين معالج ومهتم وبين من يخفف الوجع ولو بكلمة ـ يا بيِّي الله كريم ـ ومع كل يساعدون الفقير والذي لا يقدر على دفع الفاتورة كاملة، وفي كل يوم ترى هذا المشهد من دون ملل ولا كلل ولا منة من أحد، ومع هذا يتحملون الصراخ والعويل ولا نسمع منهم إلا مقولة (الله كريم)...


 من هنا، ومن خلال موقعنا الديني والأخلاقي نهيب بأهلنا الكرام بأن يدعموا هذه المستشفيات لأنها هي لنا ونحن لها، ونقدم لها المساعدات بأي طريق من الطرق وخصوصاً المتمولين والقادرين لتبقى هذه الصروح بلسماً للجروح في أجواف الليالي، ويوقظون النجوم الغافلات، ليطلع علينا الصبح بضوء الحكايات، وتزدهر الأرض بدماء راغب حرب وكل الشهداء، لتعود إلينا نضارة حياتنا من جديد، وإلى كل جرح من جروح راغب حرب ألف شمعة من دموعنا وحكاياتنا وأوجاوعنا وألامنا، لتحى المحبة والتكافل في سبيل خدمة أهلنا وشعبنا الذي يستحق منا كل الخير، فعسى الله أن يلهمنا حسن النية وصفاء القلوب..