غريبٌ أمر هذا الاعلامي فيصل القاسم، فهو يشغل مساحة واسعة على الفايسبوك بتعليقاته المتواصلة، ومعظمها ركيكٌ ودون مضمون, لا بل انها تفتح النقاش على مصراعيه للأحقاد المذهبية والعنصرية والشعوبية. وهي تمتاز بالرتابة والتكرار المُمل. فهو ضد إيران بالمطلق، بنزعة شعوبية مقيتة، فسياسة إيران هذه الايام عُرضة للنقاش، ونحن معه ضد تدخلها السافر في الشؤن الإقليمية العربية، لكن الشعب الايراني هو أمّة حضارية تاريخية، من أعرق شعوب الارض. أقاموا أمبراطورية قبل التاريخ، وحكيمهم زرادشت عمره حوالي ثمانية آلاف سنة. وعندما وصلت بلادهم الفتوحات الاسلامية، كان عندهم  مُلكٌ وأمبراطورية تنازع الأمبراطورية البيزنطية النفوذ في الجزيرة العربية وبلاد الشام، ونزل بهم ما نزل من مآسٍ واضطهاد، فبناتُ آخر كسرى لهم، حُملنَ إلى المدينة للبيع ضمن المسبِيّات. ويزيد بن المهلب أحد قادة الفتوحات ذبح أربعين ألفاً من أهل جرجان ليطحن بدمائهم ويختبز ويأكل ويبُرّ بقسَمِه. ونحنُ ضد بشار الأسد وكل ديكتاتورية، ما بادَ منها وما صمَد. فنظام البعث في سوريا ليس نظاماً مذهبياً، إنّه طغمة عسكرية استندت على حزب البعث ذي الإستلهام الستاليني، واستند طويلاً على نُخبٍ مدنية وعسكرية من كل الطوائف والمذاهب، وخاصةً السّنية منها، مما ألحق بالبلد دماراً لا مثيل له، وخسائر بشرية مُروّعة، أصابت جميع الطوائف والقوميات. ويقف القاسم موقفاً مُعادياً لحزب الله، إنّما بنعرة مذهبية لا مُبرّر لها، ونحن ضد تدخل حزب الله في سوريا، ونُعارض كثيراً من مواقفه، ونعيش في مناطقه ونعارض سياساته، مع احترام مكوّناته ومعتقداته، ونرفض محاولة بناء دولته الخاصة في لبنان، كما نرفض الإنتقاص من دور الدولة الشرعية. أمّا تساهل القاسم مع داعش، فهو الادعى للاستغراب، فهو يُلطّف من جرائمها، بحجّة أنّها السد المنيع في وجه إيران والشيعة وأميركا. فلا يستقيم خطابه مع تحليلات

                                                                                               

 ولو فتحنا للقاسم صفحة الجزيرة منذ نشأتها، فماذا زرعت هذه القناة التلفزيونية في المنطقة العربية، لم تزرع سوى التّخلُّف والعنصرية والمذهبية، فبرنامج الشريعة والحياة وصاحبه الراحل الشيخ القرضاوي لم ينشر سوى فكرالجمود وفِقهه، ونشر أحمد منصور فكر الاخوان بنسخته القطبية . والمذيعة الحسناء خديجة بن قِنّة، سرعان ما حرمتنا من طلعتها البهية، وارتدت حجابها الذي لم نفهم معناه، أمّا غسان بن جدو، فبعد أن هجر محطة الجزيرة، حطّ رِحاله في بيروت، وفرّخ قناةً مأجورة، لمساندة قوى الممانعة والمقاومة. بعد أن أشرف النظام السوري الممانع على الأفول، وغيرت المقاومة وجهتها نحو التدخلات الإقليمية، حبّذا لو تستردون بن جدو ليكمل المسيرة البهلوانية مع جنابكم طبعاً.