الجمهورية الإسلامية الإيرانية تسعى جاهدةً منذ أكثر من عامين لإعادة وصل ما انقطع بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب،  وذلك بالعودة للمباحثات حول برنامجها النووي، ولديها ما يكفي من الصبر والدهاء وطول الأناة، للحصول على ما تبتغيه من هذه المباحثات، كما حصل في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، عبر الإتفاق النووي مع أميركا ومجموعة الدول السّت في العام ٢٠١٥، وتُحافظ إيران على أطيب العلاقات مع جارتها سلطنة عُمان، التي تربطها مع إسرائيل علاقاتِ تعاونٍ مشترك، ومصالح شتّى، كما تحافظ إيران على أحسن العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين، هذه الدول العربية التي قامت بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل في الآونة الأخيرة، كما سعت إيران وتسعى منذ فترة على إنهاء النزاع مع المملكة العربية السعودية، وذلك بإجراء محادثات مباشرة معها، علّها تُعيد المياه إلى مجاريها بين البلدين الإسلاميّين، كلّ هذا في حين يذهب أقطاب المقاومة والممانعة في لبنان إلى تأجيج الصراع مع دول الخليج العربي، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، حتى أنّهم لا يدعون فرصةً تمرُّ دون التّعرّض لقادة هذه الدول، ورميهم بأبشع النعوت، من العدوان والإرتهان للأمبريالية الأميركية والصهيونية، وذبح الشعب اليمني الفقير المُعدم، حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه من قطيعة شبه تامة مع دول الخليج العربي، التي لطالما وقفت بجانب لبنان في أزماته ومِحنه التي لا تكاد تنتهي.


يبدو أنّ الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان كان أبعد نظراً، وأكثر حكمةً ودهاءً من أقطاب المقاومة والممانعة في لبنان، فقد أوصى معاوية لإبنه يزيد، عندما حضرتُه الوفاة، بقوله: أنظر إلى أهل الحجاز، فهم أصلُك وعِترتُك، فمن أتاك منهم فأكرمْهُ، ومن قعد عنك فتعهّدْهُ، وانظر إلى أهل العراق، فإن سألوك عزل عاملٍ كلّ يوم، فاعزله عنهم، فإنّ عزل عاملٍ، أهون عليك من سلّ مائة ألف سيف، ثمّ أنت لا تدري على ما أنت عليه منهم.


وها أنتم يا أهل المقاومة والممانعة تعملون بخلاف ذلك، فتقطعون صلة الرحم مع أهل الحجاز، وهم أصلُكم وعترتكم، وتتنكّرون لهم وتُناصبونهم العداء، وها أنتم لا تعزلون عاملاً عندكم، لا بل عمالاً يتنطحون يوماً بعد يوم للنّيل من كرامة الخليجيّين وأنسابهم وأحسابهم.