أما بقية الشيعة وبقية اللبنانيين فليس لهم في قاموس الحزب وجود أصلا، وهم خارج اهتماماتهم فلا يعنيهم لا جوعهم ولا عريهم ولا مدارس اولادهم ولا حتى حليب أطفالهم أو بردهم.
 

بالامس وأنا مشغول بالتنظيف تحت شجرات الزيتون التي انتقلت ملكيتها اليّ بالوراثة على طرف الضيعة، وإذ بشاب ثلاثيني يتجه صوبي عرفني عن نفسه بأنه من أبناء ضيعتنا (فلان بدر الدين)، يحمل بيده منشارا  ويستأذنني الدخول إلى أرضنا، وبعد الاستفسار عن السبب أجاب بأنه يريد أن يقتطع شجيرات القندول حول الحقل لأنه يريد أن يستعين بحطباتها لتدفئة ابنته المولودة حديثا لأنه لا يملك وسيلة أخرى لذلك.

 

أذنت له، مع تسهيلات وسماح بتجميع ما خلفناه من حطيبات كنا تركناها بين الشجرات حين تشحيلها .... ذهب هو في سبيله بين الزيتونات، وجلست أنا متكئا على جزع زيتونة أدخن سيجارتي، يسكنني حزن عميق لا يزال يعتريني ختى وأنا أكتب هذه السطور ، مستذكرا ذاك الفيديو الذي انتشر على مواقع التواصل للاخت التي قالت جملتها الشهيرة منذ فترة : "نحن ما منجوع ..."، بعد أن كان انتشر خبر عن هجرة هذه الاخت إلى أفريقيا وتركها للبلد نتيجة أزمته الاقتصادية.


 
طبعا لست هنا لمناقشة الاخت عينها، بقدر التركيز عن الخلفية الثقافية التي تحملها هذه السيدة ومعها كل البيئة الحاضنة وجمهور الحزب المقتنع حقا (رغم مما وصلنا اليه من حالات محزنة بسبب الفقر والمرض والعوز وتحلل لأدنى متطلبات الحياة في لبنان)  بأنه لا يجوع !!


 
اولا: لمعرفة حقيقة ما تختزنه هذه العقول لا بد من الاشارة أن "نحن" المقصودة بكل شعاراتهم واناشيدهم وممارساتهم لا تعني البتة "الشعب اللبناني" وانما حين يقول هولاء الناس "نحن" فإنما يكون المقصد هو "نحن جمهور الحزب" وليس أي نحن آخر ، وفي  أفضل الاحوال يكون المقصود "نحن الشيعة"!!


 والاخيرة إنما تستعمل بالدعاية فقط حين يراد زج جمهور حركة امل بدهليز سياسي لا علاقة لهم به.

 

أما بقية الشيعة وبقية اللبنانيين فليس لهم في قاموس الحزب وجود أصلا، وهم خارج اهتماماتهم فلا يعنيهم لا جوعهم ولا عريهم ولا مدارس اولادهم ولا حتى حليب أطفاله أو بردهم.

 

ثانيا : وهنا تكمن الخطورة، ان الاداء السياسي لهذه العقول إنما تنطلق من هذه ال "نحن"، فلا ضير عندهم من محالفة فاسد أو انتخاب لص او دعم مستبد طالما الغاية الاسمى عندهم هي الحفاظ على هذه "نحن" وبالتالي من هنا يمكن أن ندرك كيف ينتصرون وكيف يعيشون وبماذا يفكرون، 


فقمة الخبث وقمة النذالة أن يترفّه هؤلاء بدولاراتهم على حساب بقية اللبنانيين، ولا أعتقد أن هؤلاء سيدركون يوما أنه لا يمكن ان يستمروا في سلوكهم المتعجرف هذا فيما البقية الباقية من اللبنانيين وقسم كبير من الشيعة يجوعون ويبردون ويفقرون بسببهم الا اذا قام هؤلاء الفقراء والمساكين والمحرومين بإفهامهم بطريقة أو بأخرى حين تعلو صرختهم في وجوههم والقول لهم بكل وضوح : اذا كنتم لا تجوعون، فنحن .... منجوع .