ثمّة بحث دائم في كل إستحقاق على تأمين شخصية بلا شخصية للمواقع الرئاسية وهذا ما توفّر بإستمرار بعيد الطائف الذي شهد مرحلة من الجودة للرئاسات ومن ثمّ تدنى المستوى حيث إنحصر فقط في رئاسة المجلس النيابي دون غيرها من المؤسسات القائدة .


بعد الشهيد رفيق حريري باتت رئاسة الحكومة في مهب اللعب لصغار وكبار السن كما أن الرئاسة الأولى قد أفل نجمها بغياب النجوم الكبار وباتت مطمح أي متطفل سياسي على إستعداد تام لتأمين طلبات المطلوب منه دون النظر فيها طالما أنّها صادرة عن الجهة التي أوصلته إلى كرسي الرئاسة .


حالة الإنحدارهذه طالت النيابة والوزارة فجيء بالفاشلين الحزبيين وهذا ما كرّس سوء الإختيار المقصود في المواقع كافة لهدم الدولة من خلال بُناها الأساسية وهذا ما كرّس سياسة الإستزلام والمحسوبية الشخصية بدلاً من سياسة النزاهة والكفاءة .


من هنا سيطرت عقلية التعاطي مع المطيع السياسي الذي يفهم من الإشارة ما يتوجب عليه من أقوال وأفعال لهذا تحرص الطبقة السياسية في الإستحقاق الرئاسي القائم على المجيء برئيس مطيع لأمر مولاه ولهذا تتشبث بهذه التجربة التي أوهنت المؤسسات وجعلت منها مطايا تُركب لحساب داخلي وخارجي .


إن حصر مواصفات الرئيس في عدم طعن المقاومة أو في طعن الممانعة يكشف عن مدى الإستهتار بشخص الرئيس وهذا ما يجعل منه رئيساً أصغر من كرسي الرئاسة وأصغر من أيّ مسؤول في الدولة لأن الصفة المطلوبة لا تأتي إلاّ بشخص فاقد لمواصفات الرئاسة .


كما أن الشروط الموضوعة من قبل الكتل النيابية لشخص الرئيس من شأنها التمهيد لقدوم رئيس منزوع الصلاحية ومشوه الشخصية وهو في أحسن أحواله مجرد ديكور لا أكثر ومن لوازم العمل السياسي تماماً كما هي التجربة المميتة والقاتلة للرئاسات السابقة من حيث التمتع بالقصر وخدماته وبرفاهية الرئاسة دون فعل شيء في ظل محسوبية وزبائنية تصادر حقوق الشعب .


لقد إرتضى الجميع بلعبة المعايير المطلوبة في الخدمة السياسية وفي الوظائف كافة وهذا ما جعل لبنان في آخر لائحة الدول الفاسدة وهذا ما خلق مافيات ممسكة بمقدرات البلاد من السياسيين إلى التجّار ضمن شبكة محمية بهويتين طائفية وحزبية .


إن الطاعة المفروضة سلفاً على أيّ مرشح للرئاسة تجعل منه عبداً لا رئيساً وهذا ما لا يصلح أمورنا وأوضاعنا التي إفتقدت إلى مقومات الصمود بعد أن جردوا الشعب الحيّ من حقوقه وقد أساؤوا إليه من خلال سوء التهم والمعاقبة التي إستخدموها لكسر إرادة التحرّر في لحظة كادت أن تنتصر وأن تهزم جلاوزة المال والسلطة .