خرج رجلان من خراسان إلى بغداد في متجرٍ لهما فمرض أحدهما، وعزم الآخر على الرجوع، فقال له: ماذا أقول لمن يسألني عنك، قال، قل لهم: لمّا دخل بغداد، اشتكى رأسه وأضراسه، ووجد خشونةً في صدره، وكِبراً في طحاله، وضرباناً في كبده، وورماً في ساقيه، وضعفاً عن القيام على رجليه، فقال رفيقه: بلغني أنّ الإيجاز في كل شيء ممّا يُستحب، وأنا أكره أن أُطيل عليهم، لكني أقول لهم: يقول بأنّه مات. السيد بهاء الحريري( النجل الأكبر للرئيس الشهيد رفيق الحريري) يستمزج آراء بعض الخاصّة من أبناء بلده المنكوب لبنان( وغالبيتهم من الطائفة السنّية الكريمة) في أحوال بلدهم، المُبتلى بأسوأ منظومة سياسية فاسدة في تاريخه الحديث والمعاصر، منظومة أفسدت البرّ والبحر والنفوس، وأسلمت أمرها لحزب الله وسطوته، بعد أن دانت له الرقاب جميعاً، فقادها وقاد معها البلد إلى الإنهيارات الشاملة، فماذا عساهم يقولون وبإيجازٍ مطلوب؟ الغالب في الأمر أنّهم سيختصرون الوضع بجملة لاءات، وجملة مصائب تجمّعت وتفاقمت، فيبدأون باللاءات: البلد تحت وطأة هذه الطبقة السياسية الفاسدة: لا كهرباء ولا ماء، لا طرقات آمنة، لا مستشفيات ولا جامعات ولا مدارس، لا أدوية ولا مصارف، ولا أمن ولا أمان، لا رئيس جمهورية، لا حكومة كاملة الأوصاف، لا مجلس نيابي قادر على اتخاذ قرار أو مخرج دستوري للشغور الرئاسي، أمّا لو كان السؤال عن ما تجمّع من مصائب وأهوال، فالقائمة طويلة أيضاً: عندنا فساد، عندنا إفلاس، عندنا بِطالة، عندنا زعماء تحولوا إلى لصوص وقادة مافيات، عندنا سلاح غير شرعي يستعلي على السلاح الشرعي، عندنا موانئ مُستباحة، ومطار مرهون لقوى الأمر الواقع، عندنا مواطنون يسعون للهجرة "الشرعية"، حتى إذا تعذّرت ركبوا عباب البحر، رغم مخاطره ومآسيه، وعندنا من يحمل الدولار في جيوبه( لا في المصرف) يعيش في جنات النعيم، وللإيجاز يا عزيزنا، وتوخّياً لقول المفيد، وعلى قول ذاك الخراسانيّ: لبنان يحتضر، ولعلّه..مات.