وثائق وجوازات وإفادات غب الطلب - بعد أن إستعرضنا وعلى مدى سبعة أجزاء من هذا التحقيق الإستقصائي أسماء وأعضاء شبكة التزوير الناشطة بين المانيا ولبنان التي يرأسها في المانيا الموظف في سفارة لبنان (جورج ياغي) وتعاونه زوجته الموظفة معه (جورجيت صباغ) وذكرنا المبالغ الطائلة التي تتقاضاها لقاء كل معاملة وأسلوب وطريقة العمل الذي إنتهجته هذه الشبكة للإيقاع بالمغتربين هذا بالإضافة إلى التزوير والتحريف والمخالفات التي امتهنتها وما ترتب عليها من تداعيات في سجلات النفوس اللبنانية. وعلى الرغم من مناشدتنا المسؤولين المعنيين لإتخاذ التدابير القانونية بهؤلاء مازال أفراد هذه الشبكة يتصرفون بأن لا مساءلة أو عقاب سيطالهم مما شجع غيرهم ليحذو حذوهم كما حصل مؤخرا ً في ذات البعثة عندما إستفاق المغتربون على خبر التزوير في تجديد جوازات السفر وإستقالة الموظف الذي إعترف بفعله . وعليه نفتح اليوم ملفاً متشعباً آخرا ً يتضمن تجديد وإصدار وثائق وجوازات سفر وإفادات (غب الطلب) لعله يوقظ صاحب ضمير من غفوة أصابته أو غفلة إعترته ، فلا ينبغي أن يكون ضعف الرؤيا الناتج عن غبار التعمية الذي تثيره هذه العصابة يحجب عنا حجم الفساد والتزوير الذي مارسته . -كيف إستغل المدعو جورج ياغي وسماسرته المغتربين ؟ - في خضم موج متلاطم من آلاف اللاجئين القادمين من لبنان إلى المانيا وبعد إستقرارهم وإصدار الدولة الألمانية حزمة الشروط الخاصة لمنحهم حق الإقامة على أراضيها المرتبط بإثبات الجنسية وإبراز البيانات الشخصية العائدة للاجئ أو تقديم ما يثبت عدم حيازته على (أية جنسية)، وبما أن الغالبية العظمى من القادمين كانوا يملكون جوازات أو وثائق سفر أنتهت مدة صلاحيتها ، ومنهم من أقدم على تمزيقها أو إتلافها ظنا ً منه أنه بذلك يبعد عنه شبح تسفيره وإعادته إلى لبنان ، أو ولد على الأراضي الألمانية ولم يتم تسجيله في السفارة ، أو تعمد إخفاء جنسيته الأصلية للإلتفاف على الشروط التي وضعتها السلطات الألمانية بهدف الحصول على الإقامة تحت بند من ( لا يحمل أية جنسية ) ما جعل من حاجة هؤلاء للإثباتات والمستندات التي تؤكد لكل منهم دعواه اكثر من ملحة وضرورة لا غنى عنها ، الشئ الذي تلقفته هذه الشبكة كما تقول المصادر المطلعة وأستغله الموظف (جورج ياغي) وسماسرته الثلاث ( أ ، ص ، خ ) الذين هجروا التجارة بالسيارات وإنتقلوا إلى التجارة بالمعاملات والبسبورات (جوازات السفر) لتحصيل أقصى المكاسب المادية والمنافع الشخصية فأخذوا يعرضون مجموعة من الخدمات تشمل إصدار وتجديد الجوازات ووثائق السفر وتنظيم وتصديق الإفادات والوكالات وتسجيل الزواج والولادة والطلاق والقرارات القنصلية وتقديم طلبات الحصول على الجنسية اللبنانية وترجمة المستندات وغيرها ، (لمزيد من التفاصيل يرجى قراءة الأجزاء السابقة من التحقيق) ، وزيادة في ترغيبهم إبتدعوا خدمة (الدلفيري) من جهتين وهي إستلام وتسليم المعاملات شخصيا ً فكان يذهب هو أو أحد سماسرته للراغبين بإصدار أو تجديد جوازاتهم أو وثائق سفرهم أو يعين له موعدا ليحضروا إلى السفارة متخطين بذلك جموع المنتظرين مقابل مبلغ نقدي أو ما يعادله من هدايا عينية يبدأ من (500 يورو) لمدة خمس سنوات و (100يورو) لمدة سنة واحدة ، على أن يتم الإنجاز والتسليم في نفس اليوم أو في اليوم التالي (هذا في حال عدم طلب موافقة المديرية العامة للأمن العام ) ومن تعذر حضوره لاستلام معاملته كانت ترسل له عبر بريد السفارة محملا ً النفقات للبعثة . ـ ورب سائل يقول : 1ـ كيف يمكن إنجاز هذا الكم من المعاملات المختلفة بدون الإخلال بموعد تسليمها ؟ 2 ـ هل خدمة الدلفيري هي الدافع لأصحاب العلاقة لدفع المال أم أن هناك سببا أخرا ؟ ـ تجيب المصادر على السؤال الأول : ـ بأن الموظف ( جورج ياغي ) لم يكن يعمل لوحده وإنما بجانبه كانت زوجته ومن ورائهما شبكة من المتنفعين وبحكم وظيفتهما والمهام المنوطة بهما في البعثة كانا يستطيعان أن ينجزا المعاملات المتعلقة بإصدار وتجديد الجوازات ومعاملات الأحوال الشخصية وهي من الأعمال الروتينية اليومية التي إعتادا عليها. ـ أما القول بأن خدمة الدلفيري هي الدافع وراء دفع المال فهذا مما لا يصح إطلاقه على الجميع فالذين يدفعون ينقسمون إلى فئتين : ـ أ : دافعها تسوية وضعها بشتى السبل المتاحة لها. ـ ب : دافعها هو التخلص من السطوة والتسلط عليها بعدما سدت السبل المتاحة لها . - فأساس عمل هذه الشبكة مبني : ـ أولاً :على إيهام أصحاب العلاقة بأن الطريقة الوحيدة لإنجاز المعاملات تكمن بتوكيل محامي في لبنان . ـ ثانيا ً: على الإبتزاز، وذلك بتأخير ومماطلة وعرقلة إنجاز المعاملات التي لا تصل إلى البعثة عبر الشبكة ويقضي ذلك بإبقاء المعاملات لدى الموظفان حبيسة الأدراج أو إعادتها إلى أصحابها لإسباب تافهة وحجج واهية ومخزية وخاصة التي ترد من مدينة (إسن) وجوارها حيث يقيم هناك عددا ً كبيرا ًمن اللبنانيين وينشط بينهم أحد السماسرة الثلاث الذي كان يأتي لصاحب المعاملة (الذي أعيته كثرة المراجعات) قائلاً له أنا أعرف من يمشيها (ينجزها) لك بسرعة لكن تكلفتها كذا وكذا مما يضطره (للدفع مقابل الإنجاز) وأما المعاملات التي كان يتسلمها جورج ياغي وهي تتبع لإقسام أخرى فالإنجازها كان يلجأ إلى التذلل والكذب والخداع والشكاية ، فكان يذهب للموظف المختص ويستعطفه ليسرع له بإجراءها وذلك بالإدعاء مرة بأن صاحب هذه المعاملة جاره ، ومرة أخرى بأنه سيسافر غداً ، وتارة بأنه مريض ، وتارة أخرى ليسـتأجر منزل ، أو بأنه يعمل في مطعم صديقي ، أو....، وهكذا كانت جعبة الكذب لديه لا تخلو من الأسباب والمبررات ، وأما إذا عصي عليه الموظف ولم ينل منه مبتغاه فيلجأ للشكوى والتحريض لدى المكلف بالتوقيع على المعاملات القنصلية ، فيخلع عنه ثوب التذلل والإستعطاف ليرتدي ثوب التظلم والحرص على مصالح الناس وسمعة السفارة ، فيكرر ( المعزوفة ) نفسها باللازمة المعهودة التي تبدء بأن صاحب المعاملة : عم يترجانا (يرجونا) إنو نعملوا معاملتو وهو جاري ، و... ، لتنتهي بقوله بيصير هيك يا إستاذ نؤخر معاملتو ، وهيدي منا أول مرة بس أنا ما كنت حابب إحكي مشان (من أجل) ما حدا من الزملا (الزملاء) يقول إنو عم إشتكي عليه ، وهيدي منا حلوة بحق السفارة . لتنتهي المعزوفة بإتصال المكلف بالأعمال القنصلية بالموظف طالبا ً منه إنجاز المعاملة . وبقيا على هذا الحال سنوات وسنوات حتى وصل صراخ وإحتجاج وشكاوى المراجعين إلى وزارة الخارجية والمغتربين التي أصدرت تعميمان تطلب فيهما العمل على سرعة إنجاز المعاملات الأول ورقمه : 3/3 صدر بتاريخ : 27 / 6 / 2008. والثاني ورقمه : 199/ و ، صدر في : 27 / 7 / 2010. ( إنظر إلى التعميمين ) . - من شهادات الشهود . ـ شراهة وجشع مقابل شهامة وشمم . ـ تقول المصادر أنه وبعدما زادت (الغلة) وكثر الطلب سعى (جورج ياغي) ليفتتح مكتباً لدى تاجر لبناني يملك معرضاً للتحف والأثاث فيقول التاجر( أ ) تعرفت على الموظف جورج ياغي عن طريق بعض معارفي وقيل لي بأنه هو وزوجته يعملان في السفارة اللبنانية وأنه ذو شأن ورتبة عالية حتى ظننته (قنصل) وأستحييت أن أسأله عن طبيعة وظيفته ، وقد علمت لاحقاً بأنه يعمل على شباك المراجعين وفي قسم جوازات السفر . ولكن ما لفت نظري أنه كثيرا ًما كان يردد ويقول لي بأنه يستطيع أن يعمل ويمشي كل المعاملات في السفارة ، وبأنه لا يرد له طلب ، وكان هاتفه لا يكاد يهدأ من الرنين وكان لا يكاد يمر أسبوع إلا ويأتي إلى مرة او مرتان وأحياناً أكثر حتى توطدت علاقتنا ، إلا أن قال لي يوماً : يا ابو .... أريد أن أتكلم معك بموضوع خاص فقلت تكلم ، فقال لي أنا أفكر بأن افتتح لي مكتبا ً بعيداً عن السفارة وأنت رجل معروف ومن عائلة كبيرة ويمكننا أن (نستفيد) كثيرأ من معارفك وجماعتك ، فقلت له لم أفهم ما قصدك ؟ فقال أريد أن تقتطع لي مكاناً من صالة العرض لتكون مكتباً لي لإستلام وتسليم المعاملات من الناس ونتقاسم ما يأتينا من مال مناصفة ، فقلت له شو هل الحكي يا زلمة !!! هل تريد مني أن أكون سمساراً على أهلي ومعارفي كبر عقلك ، لا ما بيصير هالشي ولو نحنا عنا عادات وأخلاق تمنعاني من هذا العمل . ليختم التاجر قائلا ً ومن بعدها لم أراه أو كما يقال بالعامية (وهدا وش الضيف ). - الف يورو مقابل جواز سفر . ـ يقول الشاهد (ص) القاطن في مدينة ...... تقدمت بطلب للحصول على جواز سفر (بعدما حضرت إلى السفارة برفقة قريب لي يسكن في مدينة برلين) لدى الموظف جورج ياغي الذي إستقبلنا في مكتبه وكان لدي (إخراج قيد افرادي فقط) فقال لي بأن هذا لا يكفي للحصول على جواز سفر فتعجبت من كلامه !!! ثم اردف قائلا بأنه يوجد في السوق تلفونات نازلة جديد ( هواتف حديثة Mobile ) وأنا أرغب بالحصول على واحد منها ، ففهمت منه بأنه ( يربط حصولي على جواز السفر بحصوله على الهاتف الحديث ) وهكذا كان ، فلما صدر جواز سفري تسلم بيده الهاتف الذي بلغ سعره أنذاك (700 يورو) بالإضافة إلى (300 يورو) نقدا ً. - فرحة تعقبها خيبة . ـ وأما الشاهد (ف) فيقول كانت والدتي ( م ) كبيرة في السن وأقعدها المرض فباتت في سريرها غير قادرة على المشي وخشيت أن تتوفى فجأة وهي التي ما زالت توصيني أنا وأخوتي بأن تدفن في لبنان ، فنظرت في وثيقة سفرها فوجدتها منتهية الصلاحية !!! ، فقلت كيف سأجدد لها وثيقتها وهي لا تقوى على الذهاب إلى السفارة ؟ وكان لدي صديق لبناني فسألته بعدما شرحت له عن حالة والدتي الصحية إن كان بإستطاعته أن يساعدني فأخبرني بأنه على معرفة بموظف في السفارة فطلبت منه أن يسأله كيف يمكنني تجديد وثيقة سفر والدتي بأسرع وقت؟ وبعدها بيوم أتصل بي وأبلغني بأنه تكلم مع الموظف واسمه (جورج ياغي) وقال له بأنه يمكنه أن يأتي إلى منزلها وإستلام المعاملة هناك ، وبعدما أتفقنا على موعد حضر الموظف وبيده بعض الأوراق ومحبرة (اسطمبة) وقام بتبصيمها ثم طلب الوثيقة وصور شمسية ومصورات لبعض المستندات وقال غداً ستكون الوثيقة مجددة . ثم يعقب الشاهد قائلا ً كنت أظن أنها من الخدمات التى تقوم بها السفارة للعاجزين ولكن خاب ظني عندما أخذ مني (500 يورو) . ـ في القسم التالي وفيه : ـ كم يبلغ عدد الجوازات والوثائق الصادرة والمجددة سنويا ً في سفارة لبنان في المانيا ؟ ـ كيف يتم التلاعب بالإفادا ت ـ كم يبلغ ثمن الإستمارة ؟