تخفت أو تعلو الأصوات الداخلية الداعية إلى تفاهم على رئيس ولكن بشروط مسبقة تحدد مواصفات وصلاحيات رئيس الجمهورية من قبل الكتل النيابية المنقسمة على نفسها ما بين التأييد لمرشح رئاسي سيادي ومرشح من محور الممانعة ومرشح ما بين السيادي والممانع وهذا ما جعل من موقع الرئاسة سوقاً سياسياً مغلقاً على اللبنانيين دون سواهم لعدم إهتمام الخارج بالسوق الرئاسي وتناسيه للبنان في ظل إهتمامات أكبر من الخلافات اللبنانية – اللبنانية .


تقف إيران خارج البازار الرئاسي في لبنان تفرغاً منها لأزماتها الداخلية وأزمة الحجاب وشرطة الأمر بالمعروف وما نتج عن ذلك من ثورة إجتاحت النظام وهددته بشكل مباشر. إضافة إلى تعليق المفاوضات في الملف النووي لإشتغال أميركا في الحرب الروسيا على أوكرانيا .


على منوال إيران تنحو السعودية منحى إيران في الإبتعاد عن السوق الرئاسي بعد أن جاءت الإنتخابات النيابية ملبدة بغيوم كثيفة أصبحت الرؤية من خلالها صعبة إذ أن الرهان على مجموعات الشارع لم يكن بمستوى الثورة الأمر الذي خاب مع مجموعة نوّاب لا طعم لهم ولا لون ولا رائحة ومجرد طنين غير مسموع وقد بدا الكثير منهم أقرب إلى حزب الممانعة أكثر من حزب السيادة ولولا حصول القوّات اللبنانية على الكتلة المسيحية لكانت المملكة خارج التغطية بعد أن خاب أملها بالناخب والنائب السني الذي توزع ما بين جبران باسيل وحزب الله ولم يكن مصطفاً كلياً في الصف الآخر .


بعد أن باءت محاولات فرنسا بالفشل وخاصة مع مجيء مكرون للبنان وإلتقائه بأحزاب الخراب اللبناني وتفاهمه مع ممثليها على سبيل للخروج من الأزمة وتنصل هذه الأحزاب من تفاهمها مع الرئيس الفرنسي قد جعل من الدور الفرنسي لعبة لصغار السياسيين في لبنان وهذا ما هزّ الأم الحنونة وجعلها تفكر بعقلها بدلاً من قلبها فكانت تفاهماتها مع الولايات المتحدة والمملكة العربية حول لبنان تطنيشاً عنه كما ان شُغُلها اليومي في الحرب على أوكرانيا أبعدها عن الإستحقاق الرئاسي في لبنان .


بعد أن أخذت أميركا ما تريده من ترسيم الحدود ما بين لبنان والكيان الإسرائيلي على خلفية الغاز الذي تحتاجه أوروبا تنصلت من مسؤوليتها عن لبنان وقد وضعت الإستحقاق الرئاسي في ثلاجة الشتاء ريثما يأتي الصيف فيذيب الثلج عن الرئيس وتكون بعض النتائج الدولية والإقليمية صالحة للمساهمة في الحلول العالقة في خروم شباك الخلافات في أكثر من بلد .


أمام هذا المشهد تبدو صورة الرئيس غير مكتملة وما طموح البعض لتكرير تجربة الجنرال عون إلاّ سعياً لفتح باب آخر لجهنم التي فتحها الجنرال المذكوروهذا ما سيقضي على آخر اللبنانيين المرتبطين بالعملة الوطنية وهذا ما سيحد من دور الدولة الفقيرة لصالح الدويلات الغنية .