بين بيت لحم وبيروت قيامة ميتة لشعبين فاقدين لفداء المسيح عليه السلام الذي قام لتحيا الشعوب المقهورة إذ أن شعب فلسطين محتل أرضاً من قبل العدو الإسرائيلي وإرادة من قبل أحزابه المتقاتلة فيما بينها بشراسة أقوى بكثير من شراسة الإقتال مع العدو .


كما أن الشعب اللبناني محتل هو الآخر من نفس العدو ومن الأحزاب أيضاً بحيث احتلت إرادته كما هي محتلة أرضه ومع ذلك يأتي ميلاد هذه السنة كمجرد زينة بالنسبة لهما لا أكثر مما زادا من صلب السيّد المسيح ولكن بمسامير صدئة من صدأ أقفال قلوبهم .


لا شيء في الولادة يوحي لهما بولادتهما من دون دنس سياسي أو نجس حزبي أو رجس إستيطاني لذا باتا في طريق الغربة عن الجلجلة حيث القيامة المرجوة للتخلص من الإحتلالين .


تعتاش أحزاب فلسطين على الإحتلال الإسرائيلي كما تعتاش أحزاب لبنان على أزماته المتعددة الوجوه وهذا مايبقي ولادة المهد في اللحد وهذا ما يجعل كهنة المعبد أقوى من أيّ ولادة طالما أنهم يتمتعون بما لم يتمتع به السيّد المسيح وباقي إخوته من الأنبياء فالشعب مع الكهنة والكهنة مع السلطة والسلطة مع نفسها لا مع غيرها .


حتى اللحظة الفلسطينية مصادرة بقوّة الخلاف الفلسطيني – الفلسطيني كما أن اللحظة اللبنانية مصادرة بقوّة الخلاف اللبناني – اللبناني فلا السلطة هناك سلطة ولا الدولة هنا دولة والكل يشيع جنازة الوطن بطلقات الحقد .


أكثر سكان أرض الأنبياء من الكافرين بهم وإن تغطوا بوعظهم وولوا وجوههم شطر بيوتهم لأنهم في الحقيقة تجّار صحف ومواشي شعوب ويقودهم كهنة دهاقنة واباطرة قاتلة وهم يوالونهم حق الموالاة عن قناعة لا عن زيف كما هي موالاتهم للأنبياء لذا تراهم حيث يراهم أهل الكهنة والسلطة لا حيث أمرهم الله . 


إن كل إستفتاء وفي أيّ إستحقاق تأكيد على طاعة الرعية للكهنة الوسيط النزيه للطواغيت وفي كل مرحلة تتسع أكثر سلطة المعبد على حساب سلطة المعبود وهذا ما جعلنا في لبنان شعباً لا يستحق أرضه ولا يستحق هويته لأننا إرتكزنا إلى الهوية الطائفية التي ذبحنا وذُبحنا لأجلها مرات ومرات وما زلنا على إستعدادنا للتضحية بما تبقى لنا من وريد حسبُنا حزبنا وزعيمنا وكهنتنا الذين يهيؤننا كي نكون عتائر لهم في مواسم الحروب .


يلعن المسيح كل مُزين لشجرة المعبد والسلطة وكل قائم لنصرة طاغوت هنا وجبروت هناك ولا يكون حوارياً من أنف الطاعة بالمعصية وهذا ديدن الحواريين اليوم من الذين باعوا أنفسهم كرمى الدجالين والكهان والمشعوذين والسحرة القابضين على أمّة من اللصوص والعبيد .