لكل شيء سكرة، وسكرة السلطة بعيدة الإفاقة، إنها السياسة والسلطة في لبنان، وما زالت تعبث بالعباد والبلاد منذ سنواتٍ وسنوات، ولا يهتز جفنٌ أو تتحرَّك شعرة واحدة من أبدانهم ولحاهم، وأمام هول الكارثة والخراب، فإنّ السلطة السياسية وكل المسؤولين السياسيين لم يتعبوا من مصابيحهم وفوانيسهم السحرية، حتى أصبح البلد وقوداً حياً لكل الأطماع والنوايا، فويلٌ لهذا البلد وشعبه من ذلك المستقبل الداكن السواد، وحرام على هذا الشعب أن يبقى مسربلاً بالبؤس والفقر والشحاذة طالما أنَّ تلك السلطة اللئيمة تسرح وتمرح في طول البلد وعرضه من دون محاسبة ولا رقيب.

 

 لقد صدق بائع الحليب عندما روى قصة عن المسؤول اللبناني الذي يملك مخزناً كبيراً لسياسته المناورة، وذات يوم وجد فانوساً قديماً تعلوه سماكة كثيفة من الغبار في زاوية من زوايا مخزنه العنكبوتي المهجور، فاستحسن تنظيفه وحفَّه من غباره وصدئه ووضعه في مكتبة صالونه، وأثناء الحف، فوجئ بخروج ماردٍ ضخمٍ فهاله منظره، وصرخ المارد بأعلى صوته الجهوري(شوبيك لوبيك عبدك الأسود بين يديك) هنا إستعاد الحج المسؤول والقائد الفذ نفوذه وقوته، صارخاً في وجه المارد، من أنت أيها العبد الأسود، إخرس يا حيوان، من أنت حتى تعلمنا وتأتينا بما نشتهي ونريد، نحن عصبة بيدنا الوضع والرفع والنصب والجر، ولنا أتباع وأزلام لا تُحيجنا إلى شيء، بمجرَّد أن نشتهي شيئاً يكون بين أيدينا، وكل حاجياتنا تحت الطلب، فإذا كنت أنت أيها المارد بحاجة إلى شيء، فاطلب وتمنَّى؟؟؟. 

 

واختفى المارد وهو يردد من أي جنس هذا المخلوق؟ ومن أي فصيلة آدمية توالدت هذه الإفرازات القومية الأممية العربية ؟؟ ومن أي رحمٍ تتوالد هذه الأجناس الفريدة والعجيبة الغريبة والتي ما زالت تنمو وتكبر وتنتعش على أجساد هذا الشعب في هذا البلد.!.